المؤلف:: عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي
الناشر::
سنة النشر:: 2010-01-01
الصفحات:: 120
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1310856122l/11530940.jpg
الصيغة:: PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/11530940
ISBN::
الحالة:: مكتمل
التسميات::
الغرض:: الفقه وأصوله
المعرفة::
التدريب:: ,
المؤثر:: ,
تاريخ القراءة:: 2023-06-17
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::


الاختلاط ..الداء الخطير والشر المستطير الذي ما وجد في أمة إلا كان نذيراً لهلاكها .. وطريقاً إلى ضياع أخلاقها, وانتهاك أعراضها ..هذا المرض الذي وجد فيه أعداء الأمة مناخاً مناسباً لنشر الرذائل .. ورأوه سبيلاً مختصراً لدك حصون الأمة من داخلها, فأوعزوا إلى بعض المحسوبين على الأمة بحمل الراية والقيام بمهمة الدعوة إلى الاختلاط وتزيينه والترويج له وإلباسه لباسأ شرعياً .. وهيهات لهم ذلك.
(الاختلاط تحرير .. وتقرير .. وتعقيب..) كتاب تكلم عن هذه الظاهرة الخطيرة, وقد قام المؤلف في بدايته بتحرير محل النزاع في هذه المسألة مبيناً أنه لا يوجد عالم من علماء المسلمين تحدث عن تحريم مرور المرأة في الأسواق والميادين العامة التي لا قرار فيها ولا جلوس ولا ممازجة , وأن من يثير هذه المسألة في وسائل الإعلام لا يُرِيد هذه الصورة وإنما يذكرها على سبيل جر العلماء والفضلاء إلى إطلاقات وعمومات يريدونها تسقط على مقاصد أخرى محرمة.
كما يبن أن احتراز العلماء للاختلاط العابر في الأسواق وغيرها من غير قرار فيه واستثنائه من الاختلاط المحذور لا حاجة إلى بيانه وعدم وروده عند العلماء, إلا عندما أراد البعض أن يلزم العلماء به, ويقيس عليه غيره ليخلط الأنواع المتفرقة هروباً من النص إلى القياس.
وأوضح المؤلف من هم المخاطبون بنصوص الشرع , وأن الخطاب لا يتوجه إلى من لا يرى مقاماً للشرع في حياة الناس ويعتقد انفصال الدين والدنيا عن بعضهما, وتكلم عن الصوارف عن طريق الصواب والتي من أهمها مخالطة الباطل حساً ومعنى بلا معرفة سابقة للحق وهذا هو حال كثيرٍ من الداعين إلى الاختلاط , وموضحاً أنه قلما يُعْمِلُ الإنسان عقله المتجرد لسبر الحقائق وتمحيصها بلا مؤثر.. وإذا كان الإنسان متلبس بعمل ما كره أن يخالف قوله فعله فيبحث عن الأقوال الموافقة لفعله وإن كانت شاذة.
ثم تحدث عن حقيقة الاختلاط , وأنها حقيقة واضحة وبينة بحيث لا تخفى على أحد, وبين أن الفطرة البشرية والشرائع السماوية السابقة تعرف خطره,, وذكر ما يدل على ذلك.
ورد المؤلف على من قال أن مصطلح الاختلاط حادث مبتدع, وبين أنه قد ورد في دوواين السنة وآثار السلف وكتب الفقهاء , ونقل الاجماع على عدم جواز الاختلاط في مجالس التعليم والعمل, كما ذكر أقوال الأئمة الأربعة في التحذير منه والاحتراز له.
ثم شرع في ذكر نصوص السنة التي بينت خطر هذا الداء والتي بلغت حد التواتر, ومن ثَمَّ ذكر أقوال أهل العلم عبر القرون رادّاً بذلك على من قال أن مصطلح الاختلاط حادث مبتدع لا تعرفه قواميس الشريعة ولا مدونات العلماء .
كما أوضح أن كثيراً ممن يتحدثون في هذا الموضوع يحشدون أدلة لا يعلمون موضعها من الشرع, ومن ذلك جهلهم بالناسخ والمنسوخ والمتقدم والمتأخر.
بعد ذلك ذكر المؤلف مجموعة من الأدلة والوقائع التي يستدل بها المبيحون للاختلاط وقام بمناقشتها والرد عليهم في استدلالهم بها.


  • بل كيف بآخر الزمان الذي غلبت فيه العجمة على الألسن؟! بعد خمسة عشر قرنًا، والعجمة اللغوية قد فَشت وامتزجت بالعُجمة الفكرية، وأنجبت لحنا لا كاللحون وفَهما لا كالفهوم، وأصبحت السلامة عند بعض المتعلمين لا تتحصل إلا بالتحفظ والتصون وتأمل مواضع الكلام، لاضطراب كثير من الأفهام والألسن فلا يدري الفَهم أين ينحو وبما ينجو، وكما أنه لِلّسان العربي مباءة يرجع إليها كدواوين العربية وقواعدها ليستقيم، كذلك لاستقامة الفهم الشرعي مباءة يُرجع إليها لا يصلح معها التصنع العلمي ولا التمحل والجدل، فكم أورد التمحُلُ والجدل كثيرًا من السالكين له الاسترسال فيه؛ استدراجًا وإغواء من الله؛ {وَهُمْ يُجَدِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: ١٣]، والجزاء من جنس العمل. ص 9

  • أعظم ما يميل بالإنسان عن الحق، ويُحيده عنه، هو كثرة مخالطة الباطل حِسَّا ومعنى، بلا معرفة سابقة بالحق مُحكَمَةٍ؛ وكما جاء في «الأثر»: «كثرة النظر في الباطل تُذهب بمعرفة الحق من القلب»؛ ولهذا جاءتِ النصوص في الوحيين بالتحذير من الخوض في الباطل وإدامة النظر فيه أو الجلوس بين المبطلين؛ {فَلا نَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء: ١٤٠]؛ لأنَّ القلب يُشْرَب الفكرةَ والرأي شيئًا فشيئًا، حتى تستحكم منه؛ لذا قال الله تعالى بعد ذلك مبينا المآل : {إِنَّكُم إِذَا مِثْلُهُمْ} [النساء: ١٤٠]؛ أي حالكم سيكون كحالهم، وهذا سبب أكثر الانحراف في البشر؛ لذا قال المشركون لما سئلوا: {ما سلكَكُمْ فِي سَقّرَ} [المدثر : ٤٢] قالوا: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخَائضِينَ} [المدثر : ٤٥]، وروى أحمد عن ابن مسعود قال: «أكثر الناس خطايا أكثرهم خوضًا في الباطل». ص 10-11

  • إعمال العقل المتجرد في سبر الحقائق وفحصها بلا مؤثر نادر جدا، وكثيرًا ما يظن الإنسان أنه اعتقد ما يراه بالعقل المتجرد، ودوافع النفس الدقيقة الأخرى مجتمعة أقوى من دافع العقل، فالشرع ما منع من مجالسة المُبطلين؛ لوَهَنِ في الحق الذي جاء به، ولكن صونًا للعقل من أنه تغلبه دوافع النفس، فتختلط بالعقل فتحجب نوره بحجابها، لذا نجد كثيرًا من الناس بلغوا حدًّا مفرطًا من العقل والذكاء يعبدون البقر والحجر بل الفأر، فضلا عما تحتها من دركات الفكر والرأي، بسبب المخالطة الحسية والمعنوية. ومزلة الأفهام أن يظن كثير من الناس أنه تَوَصَّلَ إلى قناعة عقلية قاطعة في شيء، والحق في غيرها، فالعقل الصحيح لا يناقض النقل الصريح. ومن كوامن النفس وبواطنها الخفية إذا اندفعت بقوّة بلا تجرُّد إلى تقرير مسألة أو دفع حجة قوية: الإغضاء عن نقض ما تقرره النفس من وجوه أخرى؛ فكفار قريش يعترضون على محمدٍ لكونه “بشرًا مثلهم”؛ فقالوا: {وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذَا لَخَاسِرُونَ} [المؤمنون: ٣٤]، بينما لم تلتفت نفوسهم إلى معبودهم «الحجر»، فرضي المشركون بالإله الحجر، وردُّوا نبوة النبي لأنه بشر! لأن النفس منشغلة في صد محمد والطعن في نبوته، على أي وجه كان، منصرفةً عن طلب الحق. ص 12-13

  • فما من جهالة إلا وهي تفضي بصاحبها إلى أخرى مثلها، وإذا كان في الذهن طلب قاصد لأمر، واستحكم منه، فلا يرى الباحث في مقصوده إلا ما يطلبه ولو كان وهما؛ كالظمآن يلتمس الماء فيتبع السراب، وأما المنصفون فهم خالو الذهن من كل قصد إلا قصد الحق، ومن قصد غير ذلك، طلبًا للحظوة وليتقدَّمَ في الدنيا خطوة، فهو في الآخرة يتأخر خطوات. ص 46