المؤلف:: عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
الناشر:: مؤسسة عبد العزيز الراجحي للاستشارات والدراسات
سنة النشر:: 2017
الصفحات:: 187
الغلاف::
الصيغة:: PDF
الرابط:: https://mosannefat.net/books/17746
ISBN:: 1078662786
الحالة:: مكتمل
التسميات:: تقريب_تراث_السلف
الغرض::
المعرفة:: ,
التدريب:: ,
المؤثر:: ,
تاريخ القراءة:: 2024-10-03
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::
١. باب ايجاب النية الصادقة في كل عمل
«سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ (قَالَ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لأمرئ مَا نَوَى» البخاري ١
قوله : «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» أي: بيعة على النصح لكل مسلم، بأن تنصح لكل مسلم وتحب له ما تحب لنفسك، وفي الحديث الصحيح يقول النبي ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه» (۱) فتحب له الخير، وتكره له الشر ومن ذلك أنك تنصح له في تعلم العلم وتعليمه، وهذا هو مناسبة هذا الحديث لدلائل التوحيد والعلم قال الله وقال رسوله وقال الصحابة، والعلم ثلاثة أنواع : علم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، وعلم بالأمر والنهي الذي هو دينه، وعلم بالجزاء، وهذه الرسالة علم بالله وأسمائه وصفاته؛ فمن النصح للمتعلم أن ترشده إلى العلم، وتحظه عليه، وترشده إلى الوسائل والطرق المؤدية إلى العلم، وترشده إلى العلماء أهل البصيرة وأهل العلم الذين يستفيد منهم، وتكون النصيحة من المتعلم لمعلمه بالأخذ عنه، والتأدب بالآداب الشرعية ومحبته والدعاء له وسؤاله عما أشكل عليه، وتقييد العلم الذي استفاده منه ونشره والدعاء لكل من استفاد منه كل هذا من النصح. ص ٢٤
٢. باب ايجاب النصيحة لكل مسلم
«عَن جرير ابْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ سلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» البخاري ٥٧
٣. باب تعظيم الاثم على كاتم العلم
«عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» الترمذي ٢٦٤٩
وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَبَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ۱۸۷] … فهذه الآيات القرآنية تشهد لهذا الحديث : «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِلِجَامِ مِنْ نَارٍ أي يوم القيامة، وفيها الإثم، وفيها لعن الكاتم وفيها الوعيد على الكاتم بأنه لا يكلمه الله، ولا يزكيه، وله عذاب أليم، فهي تدل على أن إثم الكاتم عظيم كما ترجم المؤلف، والمراد بالعلم الذي يكتمه : علم الشريعة وهو العلم بالله وأسمائه وصفاته، والعلم بدينه وأمره ونهيه، والعلم بالجزاء. ص ٢٨
مسألة: متى يكون كاتمًا للعلم؟
الجواب: يكون كاتمًا للعلم إذا سئل عن علم يعلمه ولم يجب، ولم يرشد إلى غيره وهو متمكن من هذا العلم، وقد لا يستطيع السائل الوصول إلى حكم هذه المسألة إذا لم يبين له، أو يكون السائل في مجتمع بحاجة إلى هذا العلم، فهو كاتم للعلم خصوصًا إذا كان السائل بحاجة، ولا يجد من يسأله غيره، أما إذا كان الإنسان يكاد يجد غيره، أو أرشده إلى غيره، أوكان المسؤول ليس متمكنا من هذه المسألة أو عنده إشكال فلا يلزمه في هذا الأمر، ولا يكون كاتمًا للعلم فيرشده إلى غيره وإلى من هو أفضل منه. ص ٢٤
٤. باب ايجاب قبول صفات الله تعالى من كافة الخلق
«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رجل مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ (اللَّهَ) تَعَالَى يضع السَّمَوَات عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا قَدَرُوا الله حق قدره} زَاد فُضَيْل وسُفْيَان فَضَحِكَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ» البخاري ٤٨١١
٥. باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله عز وجل
«عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجل (فَلَمَّا تجلى ربه جعله دكا) أَشَارَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِطَرَفِ أُصْبُعِهِ عَلَى أَوَّلِ بَنَانٍ من الْخِنْصر وَكَذَلِكَ أشار ثَابت الْبنانِيّ قَالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ مَا تُريِدُ بِهَذَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَرَفَعَ ثَابِتٌ يَدَهُ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً وَقَالَ مَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ يحدثني أنس ابْن مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَتقول أَنْت مَا تُرِيدُ بِهَذَا» الترمذي ٣٠٧٤
٦. باب ايضاح البيان أن الله حي
﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] - ﴿الم (١) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾ [آل عمران: ١، ٢] - ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾ [طه: ١١١]
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا وانه وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ مَنْ أَحْصَاهَا دخل الْجنَّة» البخاري ٧٣٩٢ وهذه الْأَسْمَاء فيهَا الْحَيّ القيوم.
مسألة: هل الأسماء التسعة والتسعون معروفة؟
الجواب : أنها غير معروفة قد أخفاها الله؛ حتى يجتهد العباد في تعرفها، وطلبها والبحث عنها والتنقيب عنها في النصوص واستخراجها، وأما ما ورد في بعض الأحاديث عد هذه الأسماء، وسردها، فالصواب أنه مدرج من بعض الرواة، قال الحافظ ابن حجر الله في بلوغ المرام وساق الترمذي وابن حبان الأسماء، والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة ليست من كلام النبي ﷺ ، فبعض الرواة اجتهد وجمع تسعة وتسعين اسما وسردها في الحديث والنبي ﷺ اشترط لمن أحصاها، وإحصاؤها يلزم منه البحث عنها، ومعرفتها، وحفظها، وتعلم معانيها، والعمل بما يمكن العمل به منها وغير ذلك من أنواع الإحصاء دخل الجنة. ص ٤٢
٧. باب في بيان الدليل أنه عز وجل لا ينام
«عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَع إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَار قبل اللَّيْل حجابه النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ» مسلم ١٧٩
٨. باب بيان أن الله تبارك وتعالى وتقدس شيء
«عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا من شَيْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» البخاري ٥٢٢٢
والقاعدة عند أهل العلم: أن باب الإخبار أوسع من باب الصفات»، فلا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أووصفه به رسوله ؛ لكن باب الخبر أوسع، لذا تخبر عن الله بأنه شيء؛ لكن لا تقول : أن من أسماء الله الشيء، وتخبر عن الله بأنه ولا تقول : أن موجود من أسماء الله موجود وتخبر عن الله بأن الله ذات. ص ٤٧
٩. باب بيان ان الله عز وجل شخص
«عَنِ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَةً مِنِّي فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غيرَة سعد فو الله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَتِهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» مسلم ١٤٩٩
١٠. باب بيان اثبات النفس لله عز وجل
«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ورضاء نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ» مسلم ٢٧٢٦
مسألة : هل النفس صفة من صفات الله أو النفس ذات الله؟
الجواب: قال بعض العلماء أن النفس صفة الله، وظاهر كلام الأئمة، وشيخ الإسلام ابن تيمية الله أن النفس هو ذات الله، الذات الموصوفة بالصفات (۱). أي: أن النفس هي والصواب أن المراد بالنَّفْس الله يعني : ذاته سبحانه المتصلة : بصفاته، وليس المراد بها ذاتا مجرَّدَةً عن الصفات، وليس المراد بها صفة للذات، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء كما حقق ذلك أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية الله وغيره، قال الله : ومعلوم أن نفس الله التي هي ذاته المقدَّسة الموصوفة بصفات الكمال ليست مثل نفس أحد من المخلوقين. ص ٥٤
١١. باب الدليل على انه تعالى في السماء
الأصح إسنادًا حديث مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: «… وكانَتْ لي جارِيَةٌ تَرْعى غَنَمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ والْجَوّانِيَّةِ، فاطَّلَعْتُ ذاتَ يَومٍ فَإِذا الذِّيبُ قدْ ذَهَبَ بشاةٍ مِن غَنَمِها، وأَنا رَجُلٌ مِن بَنِي آدَمَ، آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُها صَكَّةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ فَعَظَّمَ ذلكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفلا أُعْتِقُها؟ قالَ: ائْتِنِي بها فأتَيْتُهُ بها، فَقالَ لَها: أيْنَ اللَّهُ؟ قالَتْ: في السَّماءِ، قالَ: مَن أنا؟ قالَتْ: أنْتَ رَسولُ اللهِ، قالَ: أعْتِقْها، فإنَّها مُؤْمِنَةٌ.» مسلم ٣٣
يذكر المؤلف في هذا الباب الدليل على أن الله تعالى في السماء. قوله : «في السماء»: المراد بالسماء هنا: العلو، و«في» للظرفية على بابها، وكل ما علاك فهو سماء، والله تعالى له أعلى العلو، وهو ما فوق العرش، وهذا هو الأصل أن «في» للظرفية، والسماء المراد بها العلو، وقد يراد بالسماء الطباق المبنية فتكون (في) بمعنى (على) كقوله تعالى: ﴿ أَمِنْتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هي تمور أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبا …﴾ ص ٥٦
كل نص في الصعود يكون فيه إثبات العلو الله الله، والصعود يكون أسفل إلى أعلى، قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّلِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]. ص ٥٧
قوله : «فَقَالَ : أَيْنَ اللهُ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ، من أَنا فَقَالَت : أَنْتَ رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ هذا الحديث دليل على أن الله في السماء في العلو، والذين أنكروا علوالله على خلقه من أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، والأشاعرة، وغيرهم تأولوا هذه النصوص كلها وضربوا بها عرض الحائط، وقالوا : إن الله ليس في العلو، ومن الأشاعرة من أوَّل علوه سبحانه على السماء بالقدرة، والجهمية والمعتزلة قالوا : إن الله في كل مكان، نعوذ بالله! ومنهم من قال : بالحلول، والحلول كفر والعياذ بالله. ص ٥٩
١٢. باب الدليل على أنه عز وجل على العرش
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى عَرْشِهِ (إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي)» البخاري ٣١٩٤
مسألة : الفرق بين العلو والاستواء:
- أن العلو من الصفات الذاتية الملازمة للرب لا تنفك عن الباري.
- أما الإستواء على العرش فهو صفة فعلية، وكان بعد خلق السماوات والأرض. ص ٦٢
و«استوى» لها أربع معاني في اللغة العربية (استقر)، و(علا)، و(صعد)، و(ارتفع)»، وأما الكيفية فلا يعلمها إلا الله، وهذه المعاني اللغوية لكلمة (الإستواء) عليها تدور تفاسير السلف, ص ٦٢
١٣. باب ذكر حجاب الله عز وجل
«عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِجَابُهُ تَعَالَى النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» مسلم ١٧٩
١٤. باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي
«عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ الْكُرْسِيَّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَالْعَرْشَ لَا يَقْدُرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ لَفْظُ» المستدرك ٢/٢٨٢
يقول الراجحي: “وابن عباس ما يأخذ من بني إسرائيل”، وهذا غير صحيح، بل ينهي عن ذلك أصلا (مستفاد من تقويم المعاصرين - الخليفي):
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحْدَثُ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً، أَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. البخاري ٧٣٦٣
١٥. باب اثبات الحد لله عز وجل
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دُعَائِهِ: أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» مسلم ٢٧١٣
والحد من الكلمات المجملة التي لم ترد في الكتاب والسنة نفيًا وإثباتًا، والمقصود من الحد كما ذكر العلماء، وكما ذكر المؤلف: أن الله تعالى بائن من خلقه منفصل عنهم.
ومقصد المؤلف الله هو الرد على الإتحادية القائلين بوحدة الوجود والرد على الجهمية الذين يقولون: أن الرب مختلط بمخلوقاته ممتزج بها - تعالى الله -، فقول المؤلف : باب إثبات الحد»، أي: أن الله تعالى له حد فهو سبحانه بائن ومنفصل عن المخلوقات ليس مختلطا بهم. ص ٧٢
… فإذا كان هو الظاهر ليس فوقه شيء، فإذن هو منفصل عن المخلوقات ليس فوقه شيء من المخلوقات، فالمخلوقات سقفها عرش الرحمن، والله فوق العرش، فليس مختلطا بالمخلوقات الله فله حد منفصل. ص ٧٥
وَأَمَّا الْحَدُّ: فَفِي مَسْأَلَةٍ عَظِيمَةٍ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ؛ فِيفهِمْهَا كُلُّ مَنْ عَرَفَ مَا بَيْنَ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَيْنَ الْجَهْمِيَّةِ الْمَلَاحِدَةِ مِنَ الْفُرُوقِ؛ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالنَّاظِرُ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجِدُ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُطَالِبُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْحَدِّ بِنَصٍّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِلَفْظِ “الْحَدِّ” وَمَنْ طَالَبَهُمْ بِهَذَا لَمْ يَعْرِفْ قَوْلَهُمْ وَلَا عَرَفَ مَعْنَى الْحَدِّ وَمُرَادَهُمْ مِنْ إِثْبَاتِهِ، فَلَمْ يَقُلْ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْحَدَّ صِفَةٌ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي يَتَّصِفُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، بَلْ هَذَا مِنَ الْإِخْبَارِ عَنِ اللَّهِ كَمَا سَلَفَ بَيَانُهُ قَرِيبًا.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية» (٤٢/٣): «هذا الكلام الذي ذكره إنما يتوجه لو قالوا: إن له صفة هي الحد، كما توهمه هذا الراد عليهم، وهذا لم يقله أحد ولا يقوله عاقل فإن هذا الكلام لا حقيقة له، إذ ليس في الصفات التي يوصف بها شيء من الموصوفات كما يوصف باليد والعلم؛ صفة معينة يقال لها “الحد”، وإنما الحد ما يتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره كما هو المعروف من لفظ الحد في الموجودات، فيقال حد الإنسان وحد كذا وهي الصفات المميزة له ويقال حد الدار والبستان وهي جهاته وجوانبه المميزة له ولفظ الحد في هذا أشهر في اللغة والعرف العام ونحو ذلك».
ولفظ الحد مأثور عن سلف الأمة وأئمتها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية» (٥٩١/٣): «وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا الله حد وأن ذلك لا يعلمه غيره وأنه مباين لخلقه وفي ذلك لأهل الحديث والسنة مصنفات».
وقال أيضاً رحمه الله (٦٩٦/٣): «وإذا عرفت أصل هذا الكلام فجميع السلف والأئمة الذين بلغهم ذلك أنكروا ما فيه من هذه المعاني السلبية التي تنافي ما جاء به الكتاب والسنة ثم من كان من السلف أخبر بحال الجهمية مثل الذين كانوا يباشرونهم من السلف والأئمة الذين بالعراق وخراسان إذ ذاك فإنهم كانوا أخبر بحقيقة أمرهم لمجاورتهم لهم فإنهم قد يتكلمون بنقيض ما نفوه، وقد يتوقف بعضهم عن إطلاق اللفظ مثل لفظ “الحد” فإن المشاهير بالإمامة في السنة أثبتوه كما ذكره عثمان بن سعيد عنهم وسمى ابن المبارك».
فذكر شيخ الإسلام أنه قد ثبت عن أئمة السلف والمشاهير بالإمامة في السنة إثبات لفظ الحد، ولمراجعة أقوالهم؛ انظر: «إثبات الحد» للدشتي.
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٥٨ - ٥٩ https://t.me/abedalathre/255
١٦. باب اثبات الجهات لله عز وجل
«أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» مسلم ١٨٢٧
أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ – رَحِمَهُ اللَّهُ – مِنْ هَذَا التَّبْوِيبِ إِثْبَاتَ صِفَةِ الْعُلُوِّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ وَلَا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ كَهَذَا الْإِمَامِ – الْمُؤَلِّفِ – وَالْجَهْلَالِيُّ كَمَا فِي كِتَابِهِ «الْغُنْيَةِ» وَالْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيِّ كَمَا فِي كِتَابِهِ «الِاقْتِصَادِ فِي الِاعْتِقَادِ»، وَغَيْرِهِمْ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فَإِنَّكَ تَجِدُ هَذَا يَكْثُرُ فِي الْحَنَابِلَةِ وَمَعْلُومٌ مَا كَانَ يَخُصُّ بِهِ الْجَهَابِذَةُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْأَشَاعِرَةِ، وَلِأَنَّ الْأَشَاعِرَةَ يُورِدُونَ شُبَهَاتِهِمُ الْمَشْهُورَةَ فِي “الْجِهَةِ” عَلَى أَنَّهَا جِهَةٌ وَجُودِيَّةٌ تَحْوِي الشَّيْءَ وَتُحِيطُ بِهِ وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ – وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ قَطُّ بَلْ مُرَادُهُمْ (١) إِجْمَاعًا إِذَا أَطْلَقَ الْجِهَةَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَكَمَا وَصَفَهُ رَسُولُهُ ﷺ -، جَاءَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْن تَيْمِيَةَ وَأَوْضَحَ الأَمْرَ وَبَيَّنَهُ وَحَسَمَهُ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى (٣/ ٤١): «وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّصِّ إِثْبَاتٌ لِلَفْظِ “الْجِهَةِ” وَلَا نَفْيُهُ كَمَا فِيهِ إِثْبَاتُ الْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَالْعُرُوجِ إِلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ: إِلا الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ، وَالْخَالِقُ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ؛ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ.
فَيُقَالُ لِمَنْ نَفَى الْجِهَةَ:
- أَتُرِيدُ بِالْجِهَةِ أَنَّهَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ؟
فَاللَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْمَخْلُوقَاتِ.- تُرِيدُ بِالْجِهَةِ مَا وَرَاءَ الْعَالَمِ؟
فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقَاتِ.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِمَنْ قَالَ اللَّهُ فِي جِهَةٍ: أَتُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ؟ أَوْ تُرِيدُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ دَاخِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ؟ فَإِنْ أَرَدْتَ الأَوَّلَ فَهُوَ حَقٌّ، وَإِنْ أَرَدْتَ الثَّانِيَ فَهُوَ بَاطِلٌ».
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٦٠ - ٦١
مسألة: هل الله يمين وشمال؟
- الجواب : جاء إثبات الشمال في رواية في صحيح مسلم ۲۷۸۸ «شماله»، فأخذ بها بعض العلماء، وأثبتوا الله يمين وشمال وقالوا له يمين وشمال ولكن كلتا يديه ،يمين بمعنى: يمين في الفضل، والشرف والبركة، وعدم الضعف بخلاف المخلوق، فإن يده الشمال أضعف من يده اليمين ولهذا قال: وكلتا يديه يمين، وهذا اختيار الدارمي، وأبو يعلى الفراء، والإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، وسماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمهم الله. القول الثاني : لا تسمى شمال بل كلاهما يمين، وطعنوا في الرواية وقالوا تفرد بها حمزة بن عبدالله بن عمر، وليس له متابع. ص ٨٠-٨١
١٧. باب اثبات الوجه لله عز وجل
﴿وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ﴾ [الرحمن ١٧] - ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] - ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف : ٢٨]
الحديث الأصح: «لَمّا نَزَلَ على رَسولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿قُلْ هو القادِرُ على أنْ يَبْعَثَ علَيْكُم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥]، قالَ: أعُوذُ بوَجْهِكَ» البخاري ٧٣١٣
١٨. باب اثبات الصورة له عز وجل
«عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هرير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا» البخاري ٦٢٢٧
والمراد إثبات الصورة الله على وجه لا يماثله أحدٌ خلقه، وكل موجود له صورة قائم عليها والله تعالى هو أكمل الموجودات، فإذا قلت أنه موجود لا صورة له نفيته، فلا موجود إلا له صورة والله سبحانه وتعالى له صورة. ص ٨٦
[الضمير] يعود إلى الله، وهذا هو الصواب، ويدل عليه الرواية الصحيحة التي هي «لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن». ص ٨٧
فالحديث فيه: إثبات الصورة لله كما يليق بجلاله وعظمته والصورة كسائر الصفات كالسمع والبصر، والكلام، وغيرها. ص ٨٩
اسْتَدَلَّ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى إِثْبَاتِ الصُّورَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي «بَيَانِ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّةِ» (٦/ ٣٧٣): «هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السَّلَفِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ نِزَاعٌ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مُسْتَفِيضٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَسِيَاقُ الْأَحَادِيثِ كُلُّهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ».
فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ فِيهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ مُؤَكِّدًا ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا «لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ».
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يُعْجِبْهُمُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ قُتَيْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «تَأْوِيلِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ» (ص ٢٢٢): «وَالَّذِي عِنْدِي – وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ – أَنَّ الصُّورَةَ لَيْسَتْ بِأَعْجَبَ مِنَ الْيَدَيْنِ، وَالْأَصَابِعِ، وَالْعَيْنِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِلْفُ لِتِلْكَ لِمَجِيئِهَا فِي الْقُرْآنِ، وَوَقَعَتِ النُّكْرَةُ مِنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ فِي الْقُرْآنِ، وَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِالْجَمِيعِ، وَلَا نَقُولُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِكَيْفِيَّةٍ وَلَا حَدٍّ».
وَقَدْ ثَبَتَتِ الصُّورَةُ فِي أَحَادِيثَ غَيْرِ هَذَا، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٦٥٧٣)، وَمُسْلِمٌ (١٨٢) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِيهِ: «فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ»، وَثَبَتَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ.
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٦٦
١٩. باب اثبات العينين له تعالى وتقدس
«عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ ابْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر لَفْظُ غُنْدَرٍ)» البخاري ٧١٣١
ولا أعلم دليلاً يدل على إثبات العينين الله غير هذا الحديث، وأما قوله: ﴿تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاءُ لِمَن كَانَ كَفَرَ ﴾ [القمر: ١٤]، فهذا فيه: إثبات الرؤية الله ، ولا يثبت الله عدد من العيون؛ لأن المراد التعظيم هنا فجمع العيون وأتى بضمير الجمع ﴿تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاءُ لِمَن كَانَ كُفر﴾ يعني بمرأى منا، وقوله: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه : ٣٩]، المراد جنس العين. فهذا الحديث هو الوحيد الذي فيه : إثبات العينين الله ، وهو من أصح الأحاديث، وقد دل على إثبات العينين الله ، وهذا واضح لا إشكال فيه عند أهل السنة والجماعة. ص ٩١
٢٠. باب اثبات السمع والبصر لله عز وجل
«حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ الله كَانَ سميعا بَصيرًا) وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنَيْهِ» أبو داوود ٤٧٢٨
٢١. باب اثبات اليدين لله عز وجل
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤] - ﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥)﴾ [ص: ٧٥]
الحديث الأصح: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ على مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ -وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ- الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا.» مسلم ١٨٢٧
٢٢. باب إثبات خلق آدم عليه السلام بيده
«عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ» البخاري ٦٦١٤
«يُجْمَعُ المُؤْمِنُونَ يَومَ القِيامَةِ فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا إلى رَبِّنا فيُرِيحُنا مِن مَكانِنا هذا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فيَقولونَ له: أنْتَ آدَمُ أبو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، وأَسْجَدَ لكَ المَلائِكَةَ، وعَلَّمَكَ أسْماءَ كُلِّ شيءٍ فاشْفَعْ لنا إلى رَبِّنا حتّى يُرِيحَنا، فيَقولُ لهمْ: لَسْتُ هُناكُمْ فَيَذْكُرُ لهمْ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ.» البخاري ٧٥١٦
٢٣. باب خلق الله الفردوس بيده
الحديث الأصح: «خلق اللهُ جنَّةَ عدنٍ بيدِه، ودلّى فيها ثمارَها، وشقَّ فيها أنهارَها، ثمَّ نظر إليها فقال لها: تكلَّمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون» الطبراني (١٢/١٤٧) (١٢٧٢٣)
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي «مُسْتَدْرَكِهِ» (٣٢٤٤)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي «الْعَظَمَةِ» (٢/ ٦٧٥)، وَابْنُ بَطَّةَ فِي «الْإِبَانَةِ» (٣/ ٣٠٠/ل٢٢٩)، وَاللَّالَكَائِيُّ فِي «شَرْحِ أُصُولِ الِاعْتِقَادِ» (٧٢٩)، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي «الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ» (٦٩٣)، مِنْ طُرُقٍ: عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: آدَمَ وَالْقَلَمَ وَالْعَرْشَ وَجَنَّاتِ عَدْنٍ، وَاحْتَجَبَ مِنْ خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ، وَقَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: كُنْ فَكَانَ».
قُلْتُ: وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ؛ وَعُبَيْدٌ الْمُكْتِبُ هُوَ: عُبَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ الْمُكَتِّبُ، الْكُوفِيُّ: ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْyānَ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ مَشَاهِيرُ.
فَصَحَّ هَذَا الْأَثَرُ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ بِأَيِّ شَكْلٍ مِنَ الْأَشْكَالِ، وَابْنُ عُمَرَ مِنْ أَكْثَرِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لُزُومًا لِلسُّنَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَمُ.
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٧٨
٢٤. باب إثبات الخط لله عز وجل
«سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ يحدث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْتَجَّ مُوسَى وَآدَمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ أَبونَا خيبتنا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ فَقَالَ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَلامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا» البخاري ٦٦١٤
والحديث له ألفاظ متعددة «أَنْتَ أبونا خيبتنا وضيعتنا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ» فموسى يلوم أباه آدم على الذنب؟ أم يلومه على المصيبة التي لحقت الذرية؟
الجواب: يلومه على المصيبة التي لحقت الذرية بسبب الخروج من الجنة ولا يلومه على الذنب؛ لأن الذنب تاب منه، ومن تاب عن الذنب فلا يلام؛ لأن من تاب تاب الله عليه. ص ١٠٧
قوله : «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلاثًا» يعني : غلبه في الحجة، وما هو الشيء الذي احتج به آدم حتى غلبه؟
الجواب : احتج آدم بالقدر على المصيبة، ولم يحتج بالقدر على المعصية ؛ لأن القدر ليس بحجة على الذنب. ص ١٠٨
والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به إذا أصيب الإنسان بمصيبة يحتج بالقدر، فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، وهذا هو معناه، ولا يحتج بالقدر على الذنوب والمعاصي، وإنما يحتج بالقدر على المصائب، وهذا هو معنى قول أهل العلم: «القدر يحتج به في المصائب دون المعائب» ص ١٠٨
٢٥. باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده
الحديث الأصح: «مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ إلّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُها بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيها لِصاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» البخاري ١٤١٠
٢٦. باب اثبات الأصابع لله عز وجل
الحديث الأصح: «جاءَ حَبْرٌ إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّماءَ على إصْبَعٍ، والأرْضَ على إصْبَعٍ، والجِبالَ على إصْبَعٍ، والشَّجَرَ والأنْهارَ على إصْبَعٍ، وسائِرَ الخَلْقِ على إصْبَعٍ، ثُمَّ يقولُ بيَدِهِ: أنا المَلِكُ، فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ وقالَ: ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١]» البخاري ٧٤٥١ - «أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ” إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ” . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ” اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ”» مسلم ٢٦٥٥
٢٧. باب اثبات الضحك لله عز وجل
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ضَحِكَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ دَخَلَا الْجَنَّةَ) قَالَ الزُّهْرِيُّ وابْنُ عُيَيْنَةَ فِي مَعْنَاهُ قَتَلَ مُشْرِكٌ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ» البخاري ٢٨٢٦
٢٨. باب اثبات القدم لله عز وجل
«عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يلقى فِي النَّار وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يُدْلِي رَبُّ الْعَالَمِينَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ)» التوحيد لابن خزيمة (٢٢١/١)
٢٩. باب الدليل على أن القدم هي الرجل
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ فِيهِ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِجْلَهُ فِيهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ» البخاري ٤٨٤٨
٣٠. باب الهرولة لله عز وجل
«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (قَالَ الله) عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَاني أَن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ جَاءَنِي يمشي أَتَيْته هَرْوَلَةً» البخاري ٧٤٠٥
٣١. باب اثبات نزوله الى السماء الدنيا
حَدَّثَنِي رِفَاعَةُ بْنُ عَرَابَةَ الْجُهَنِيُّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ – أَوْ قَالَ: ثُلُثَاهُ – يَنْزِلُ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ».
حديث الباب حديث صحيح لا مطعن فيه بل ذكره الدارقطني في ما يلزم البخاري ومسلم إخراجه في «صحيحيهما».
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٩٠
وفي البخاري ٧٤٩٤ : «يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له.».
٣٢. باب رؤية النبي ﷺ ربه عز وجل ليلة المعراج بعينيه رؤية يقظه
«عَن عمر بن دِينَار ثَنَا عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً للنَّاس} وَقَالَ هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ هَذَا لَفْظُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَزَادَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ لَيْسَ رُؤْيَا مَنَامٍ»
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي «بَيَانِ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّةِ» (٧/ ١٥٧): «وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ رَبَّهُ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا: هَلْ يُقَالُ رَآهُ بِعَيْنِ رَأْسِهِ، أَوْ يُقَالُ رَآهُ بِقَلْبِهِ»، أَوْ يُقَالُ رَآهُ وَلَا يُقَالُ بِعَيْنَيْهِ وَلَا بِقَلْبِهِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ».
فَإِذَنْ: ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ، مِنْهُمْ هَذَا الْإِمَامُ - الْمُؤَلِّفُ - وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ (٤٥٨هـ)، وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ (٤٧١هـ) وَقَوَامُ السُّنَّةِ الْأَصْبَهَانِيُّ (٥٣٥هـ) وَكَذَلِكَ أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيُّ (٦٦٥هـ) كَمَا فِي كِتَابِهِ «إِثْبَاتُ الْحَدِّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِأَنَّهُ قَاعِدٌ وَجَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ» وَغَيْرُهُمْ.
وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ: هُوَ مَا ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَدْ ثَبَتَ: رُؤْيَةُ النَّبِيِّ ﷺ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» (٢٨٤). وَقَدْ لَخَّصَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَشَرَحَهَا وَبَيَّنَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ - كَمَا فِي «مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى» (٦/ ٥٠٩): «وَأَمَّا «الرُّؤْيَةُ» فَالَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ» وَعَائِشَةُ أَنْكَرَتِ الرُّؤْيَةَ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: عَائِشَةُ أَنْكَرَتْ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَثْبَتَ رُؤْيَةَ الْفُؤَادِ. وَالْأَلْفَاظُ الثَّابِتَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ مُطْلَقَةٌ أَوْ مُقَيَّدَةٌ بِالْفُؤَادِ تَارَةً يَقُولُ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ وَتَارَةً يَقُولُ رَآهُ مُحَمَّدٌ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَطُّ صَرِيحٌ بِأَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنَيْهِ. وَكَذَلِكَ «الْإِمَامُ أَحْمَدُ» تَارَةً يُطْلِقُ الرُّؤْيَةَ؛ وَتَارَةً يَقُولُ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ وَلَمْ يُقَلْ أَحَدٌ إِنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ يَقُولُ رَآهُ بِعَيْنَيْهِ لَكِنْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ سَمِعُوا بَعْضَ كَلَامِهِ الْمُطْلَقَ فَفَهِمُوا مِنْهُ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ؛ كَمَا سَمِعَ بَعْضُ النَّاسِ مُطْلَقَ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَهِمَ مِنْهُ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ. وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنَيْهِ وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَلِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ أَدَلُّ». وَانْظُرْ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا: «مِنْهَاجِ السُّنَّةِ» (٢/ ٣٥٤)، وَ«بَيَانِ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّةِ» (٧/ ١٥٧)، (٢٥٠).
وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْوِيهُ لَهُ هَاهُنَا أَنَّ اخْتِلَافَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ كَاخْتِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ أَمْنَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَفَتْ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ، قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي «اجْتِمَاعِ الْجُيُوشِ الْإِسْلَامِيَّةِ» (ص٢٢): «وَقَدْ حَكَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ «الرَّدِّ لَهُ» إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ ﷺ لَمْ يَرَهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَبَعْضُهُمْ اسْتَثْنَى ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ ذَلِكَ، وَشَيْخُنَا (يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ): يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ رَآهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّهُ ﷺ رَآهُ، وَلَمْ يَقُلْ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ»، وَلَفْظُ أَحْمَدَ كَلَفْظِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا». اهـ.
قُلْتُ: وَلِلزِّيَادَةِ وَالتَّفْصِيلِ انْظُرْ أَيْضًا: كِتَابَ «رُؤْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ لِرَبِّهِ» لِلدُّكْتُورِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِيفَةَ التَّمِيمِيِّ.
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٩٢
والخلاصة في هذا:
أولاً: اتفق العلماء على أن الله تعالى لم يره أحد هو في الأرض، أما زعم بعض الصوفية الذين يقولون: إن الله يُرى في الأرض، وقول بعضهم: إذا رأيت خضرة في الأرض، فإنها فيها الله، فهؤلاء ملاحدة.
ثانيًا: أجمع العلماء على أن الله لم يره أحد من الخلق إلا نبينا ليلة المعراج.
ثالثاً: أجمعوا على أن النبي ﷺ لم ير ربه في الأرض. ص ١٤٢
ومن أنكر الإسراء بالنبي ﷺ كفر؛ لأنه مكذب الله ولرسوله، وهو مكذب للقرآن فيبين له أن الله تعالى أخبر عن الإسراء بعبده ونبيه ليلاً، فإذا علم ذلك، وأصر حكم بكفره؛ لأنه مكذب الله تعالى، وكذلك المعراج والمعراج ثابت في الأحاديث الصحيحة البخاري ومسلم وقد تلقتهم الأمة بالقبول وهما يفيدان العلم. ص ١٤٣
الصواب أن الإسراء والمعراج مرة واحدة بجسده ﷺ وروحه، يقظة لا مناما. ص ١٤٤
٣٣. باب رؤية المؤمنين ربهم عز وجل يوم القيامة عيانا
«عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ عِيَانًا كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}» البخاري ٥٥٤
٣٤. باب رؤيتهم اياه عز وجل في الجنة
«عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} ) قَالَ الْحسنى الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». مسلم ١٨١
٣٥. باب اثبات الكلام لله عز وجل
﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء : ١٦٤] - ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ أتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الشُّعَرَاء : ١٠] - ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي …﴾ [المائدة: ١١٦]
وفي الصحيحين من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى يَا آدَمُ فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفِ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ» البخاري ٣٣٤٨، وتكليمه لأهل الجنة وغيرها من الأدلة التي لا حصر لها. ص ١٥٩
٣٦. باب الدليل على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ».
استدل واحتج أكابر أئمة أهل السنة بهذا الحديث على أن كلام الله غير مخلوق لأن الاستعاذة لا تكون بمخلوق.
فتجد الإمام العلم الكبير البخاري بوب في كتابه الجليل الفذ «خلق أفعال العباد»: (بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ يَسْتَعِيذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ لَا بِكَلَامِ غَيْرِهِ، وَقَالَ نُعَيْمُ - يعني شيخه ابن حماد -: لَا يُسْتَعَاذُ بِالْمَخْلُوقِ، وَلَا بِكَلَامِ الْعِبَادِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَنَّ سِوَاهُ مَخْلُوقٌ».
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ كَمَا فِي «مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى» (١ / ٣٣٦): «إِنَّمَا يُسْتَعَاذُ بِالْخَالِقِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلِهَذَا احْتَجَّ السَّلَفُ - كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» قَالُوا: فَقَدْ اسْتَعَاذَ بِهَا وَلَا يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ».
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ٩٩
وفي مسلم ٢٧٠٨: «إِذا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، فإنَّه لا يَضُرُّهُ شيءٌ حتّى يَرْتَحِلَ منه.».
والدليل على أن كلام الله منزل غير مخلوق أدلة كثيرة من القرآن، ومن السنة، وكل آية يكون فيها تنزيل، فهي دليل على أن كلام الله منزل غير مخلوق، قال تعالى : ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [السجدة: ٢] وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمينُ﴾ [الشُّعَرَاء : ۱۹۳]، وقال تعالى : ﴿حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي﴾ [السَّجدة: ١٣]. ص ١٦٦
٣٧. باب بيان أن قلب المؤمن منشرح بنور الله
﴿أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَام فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الزمر: ۲۲]
«عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أخطأه ضل وَلذَلِك أَقُول جف الْقَلَم بِمَا عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)» الترمذي ٢٦٤٢
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ والمراد: مَثَلُ نوره في قلب المؤمن. كذا قاله أبي بن كعب وغيره كما السلف.
جامع العلوم والحكم - ت أبي النور ١/١٣٢ — ابن رجب الحنبلي (ت ٧٩٥)
استدل المصنف - رحمه الله - بهذا الحديث على إثبات صفة النور لله عز وجل، وهي صفة ذاتية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة الصحيحة، والنور أيضاً من أسماء الله الحسنى.
قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله - كما في «مختصر الصواعق» (ص ١٠٢٤): «النور: جاء في أسمائِه تَعَالَى، وَهَذَا الاسْمُ مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ وَأَثْبَتُوهُ فِي أَسْمَائِهِ الحُسْنَى، وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالذِي رَوَاهُ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَمُحَالٌ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ نُوراً، وَلَيْسَ لَهُ نُورٌ، وَلا صِفَةُ النُّورِ ثَابِتَةٌ لَهُ، كَمَا أَنَّ مِنَ المُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ عَلِيماً قَدِيراً سَمِيعاً بَصِيراً، وَلا عِلْمَ لَهُ وَلا قُدْرَةَ، بَلْ صِحَّةُ هَذِهِ الأَسْمَاءِ عَلَيْهِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِثُبُوتِ مَعَانِيهَا لَهُ، وَانْتِفَاءُ حَقَائِقِهَا عَنْهُ مُسْتَلْزِمٌ لِنَفْيِهَا عَنْهُ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ قَطْعاً فَتَعَيَّنَ الأَوَّلُ».
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ١٠٢
٣٨. باب الانتهاء عن التعمق في صفات الله عز وجل
«تَفَكَّرُوا في آلاءِ اللهِ، ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ عزَّ وجلَّ» الطبراني في المعجم الأوسط ٦٣١٩
فالحديث الذي أورده المؤلف الله ضعيف، ولكن تشهد له النصوص التي فيها الأمر بالتفكر في مخلوقات الله، والاستدلال بها على قدرة الله، ووحدانيته والتفكر في ذات الله وعظمته سبحانه في صفاته عز وجل. ص ١٧٥
تبويب المؤلف – رَحِمَهُ اللَّهُ – بِهَذَا التَّبْوِيبِ وَإِيرَادِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ النَّهْيَ عَنِ التَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ فِي صِفَاتِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالنَّهْيَ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّعَمُّقِ فِي صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَبْلَغُ مِنْ مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ؛ لِأَنَّ التَّعَمُّقَ وَالتَّفَكُّرَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ أَصْلُ الْعِلَلِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ، وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى بَرَاءَةِ الْمُؤَلِّفِ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ الَّذِي لَطَالَمَا كَانَ يَرْمِيهِ بِهِ الْخُصُومُ الْمُعَطِّلَةُ النُّفَاةُ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ.
حاشية تحقيق الكتاب للشيخ عابد بن محمد ص ١٠٢
٣٩. باب الرد على مستحل الكلام المجادلين في الله عز وجل
«عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثمَّ تلى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلا بَلْ هُمْ قوم خصمون}» الترمذي ٣٢٥٣