المؤلف:: ابن الجوزي
الناشر:: دار المقتبس
سنة النشر:: 2007
الصفحات:: 80
الغلاف:: https://images-na.ssl-images-amazon.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1405514765i/22732379.jpg
الصيغة:: PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/22732379
ISBN::
الحالة:: مكتمل
التسميات::
المعرفة:: ,
التدريب:: ,
تاريخ القراءة::
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::
قال رسول اللَّه ” صلى الله عليه وسلم ” : ” الدين النصيحة… ” لمَّا كان إسداء النصح من أبرز تعاليم ديننا الحنيف ، ولمَّا كان الحث على طلب العلم ومعرفة آدابه من أسمى ما يُنصح به - فقد كتب الإمام الواعظ أبو الفرج بن الجوزي هذه الرسالة إلى ولده يحثه بها على طلب العلم ويرشده إلى الطريق الأمثل لكسبه , فعسى أن تحصل الفائدة المرجوة لطلاب العلم بالحصول على تلك الرسالة .
استحضار العقل وإعمال الفكر
-
اعلم يا بني وفَّقَكَ اللهُ للصوابِ أنه لم يميَّزِ الآدميُ بالعقلِ إلا ليعملَ بمقتضاهُ، فاستحضر عقلكَ، وأَعمِلْ فِكرَك، واخلُ بنفسك. تَعلمْ بالدليل أنك مخلوقٌ مُكَّلفٌ، وأن عليك فرائض أنت مطالب بها، وأن المَلَكْين يحصيان ألفاظك ونظراتك، وأنَّ أنفاسَ الحي خطاه إلى أجله، ومقدارَ اللُّبث في الدنيا قليل، والحبسَ في القبور طويل، والعذابَ على موافقة الهوى وبيل، فأين لذة أمس؟! رحلَتْ وأبقَت ندمًا، وأين شهوة النفس؟ نكّسَت رأسًا وأزلّت قدمًا، وما سعِد مَن سعِد إلا بخلاف هواه، ولا شقِي مَن شقي إلا بإيثار دنياه.
فاعتبر بمن مضى من الملوكِ والزهادِ، أين لذة هؤلاء وأين تعب أولئك؟ بقيَّ الثوابُ الجزيل والذكرُ الجميلُ للصالحين، (والمقالةُ القبيحة) والعقابُ الوبيلُ للعاصين، وكأنه ما جاعَ مَنْ جَاعَ ولا شَبعَ مَنْ شَبعَ.
والكَسَلُ عن الفضائلِ بئسَ الرفيق، وحبُ الراحة يورث مِن الندم ما يربو على كل لذة، (فانتبه واتعبْ لنفسك. واعلم أن أداء الفرائض واجتنابَ المحارم لازم، فمتى تعدّى الإنسانُ فالنار النار!
ص ١٣ - ١٥ -
فليست الفضائلُ الكاملةُ إلا الجمعُ بين العِلْمِ والعَمَلِ، فإذا حصلا رفعا صاحبهما إلى تحقيقِ معرفةَ الخالق سُبحانه وتَعَالى، وحرّكاه إلى محبته (وخشيته) والشَوق إليه، فتلك الغاية المقصودة. ص ١٥ - ١٦
-
وقد عرفتُ بالدليل أن الهمةَ مولودةٌ معَ الآدمي، وإنما تقصُرُ بعضُ الهمم في بعض الأوقات، فإذا حُثَّتْ سارت، ومتى رأيتَ في نفسك عجزًا فَسَلِ المُنعِمَ، أو كسلًا فالجأ إلى الموفق، فلن تنالَ خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتك خيرٌ إلا بمعصيته، فمَنِ الذي أقبلَ عليه فلم يرد كلَّ مرادٍ؟ ومَن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة؟ أو حظي بغرضٍ من أغراضه؟ ص ٢٥ - ٢٦
النظر في النفس عند الحدود
- وانظر يا بني إلى نفسك عند الحدود، فتلمَّح كيف حِفظُكَ لها، فإنه من رَاعى رُوعي، ومن أهملَ تُرِك. ص ٢٧
أهمية قيمة الوقت
-
فانتبه يا بُني لنفسك، واندم على ما مَضَى من تفريطك، واجتهد في لحاقِ الكاملين ما دام في الوقتِ سعة، واسقِ غصنك ما دامت فيه رطوبة، واذكر ساعاتك التي ضاعت فكفى بها عِظْة، ذَهَبَتْ لذةُ الكسلِ فيها وفاتت مراتبُ الفضائل. ص ٣١
-
وفي الحديث: «مَنْ قَاَلَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ» (1)، فانظر إلى مضيِّعِ الساعات كم يفوته من النخل! ص ٣٢
التفكر في اللُّبث والاستعداد ليوم المعاد
- ومَنْ تَفَكَّرَ في الدنيا قَبْل أن يوجَد، رأى مدة طويلة، فإذا تفكر فيها بعد أن يخرجَ منها رأى مدةً طويلةً، وعلِم أن اللُّبْثَ في القبور طويل، فإذا تفكر في يومِ القيامةِ، علم أنه خمسون ألف سنة، فإذا تَفَكَّر في اللُّبث في الجنة أو النار علم أنه لا نهاية له، فإذا عَادَ إلى النظرِ في مقدار بَقَائهِ في الدنيا فرضنا ستين سنة مثلًا فإنه يَمضي منها ثلاثون في النوم، ونحو من خمس عشر في الصِبا، فإذا حسبتَ الباقي، كان أكثرُه في الشهواتِ والمطاعمِ والمكاسبِ، فإذا خلص ما للآخرة وجد فيه مِن الرياء والغفلة كثيرًا، فبماذا تشتري الحياةَ الأبدية، وإنما الثَمَن هذه الساعات؟! ص ٣٣ - ٣٤
يكفي من النوم ما احتجت إليه
- وإذا فَتَحتَ عَينيكَ من النومِ فاعْلم أن النفسَ قد أخذت حَظّهَا فَقُم إلى الوضوءِ، وصل في ظلامِ الليلِ ما أمكن، واستفتح بركعتينِ خَفيفتين، ثم بعدهما ركعتين بجزأين من القرآن، ثم تعود إلى دروس العلمِ فإن العلم أفضل من كل نافلة. ص ٤٠
العزلة والتمثل بأخلاق أهل العلم
- عليكَ بالعزلة فهي أصل كل خيرٍ، واحذر من جليس السوءِ، وليكن جُلسَاؤك الكُتُب، والنظر في سِيَرِ السلفِ، ولا تَشتَغِل بعلمٍ حتى تُحكِم ما قَبْلَه، وتَلَّمَّحْ سِيَرَ الكاملين في العلمِ والعملِ، ولا تقنع بالدونِ، فقد قَالَ الشاعر:
ولم أرَ في عيوب الناسِ شيئًا … كَنَقصِ القَادرين على التَمامِ
ص ٤٣ - ٤٥
التقوى وشروط أهلها
-
ومتى صَحّتِ التقوى رأيتَ كل خيرٍ، فالمتقي لا يرائي الخلقَ ولا يتعرض لما يؤذي دينه، ومَن حفظَ حدودَ الله حَفِظه الله، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ». ص ٤٨
-
واعلم يا بني أن أَوْفَى الذخائر غَضُّ الطرف عن مُحَرَّمٍ، وإمساكُ اللسان عن فضول كلمة، ومراعاة لحدٍّ، وإيثارُ الله سبحانه وتعالى على هوى النفس. ص ٤٩
-
قال المصنف في صيد الخاطر (ص 264 - 265) رقم (219) هوى النفس: وأي عيش لمن ساكن الكسل إذا رأى أقرانه قد برزوا في العلم وهو جاهل أو استغنوا بالتجارة وهو فقير، فهل يبقى للالتذاذ بالكسل والراحة معنى. ولو تفكر الزاني بالأحدوثة عنه، أو تصور أخذ الحد منه، لكف الكفَّ، غير أنه يرى لذة حاضرة كأنها لمع برق ويا شؤم ما أعقبت من طول الأسى، هذا كله في العاجل. فأما الآجل فمنغصة العذاب دائمة، والذين آمنوا مشفقون منها . نسأل الله أنفة من الرذائل، وهمة في طلب الفضائل إنه قريب مجيب. ص ٥٩ - ٥٠
-
ورُئي سُفْيان الثَّوري رحمه الله في المنام، فقيل له: ما فعل الله تعالى بك؟ قَالَ: ما كان إلا أن وُضِعتُ في اللحد فإذا أنا بين يدي رب العالمين، فدخلتُ فإذا أنا بقائلٍ يقول: سفيان؟ قلت: سفيان، قَالَ: تذكرُ يومَ آثرتَ اللهَ على هواك؟ قلت: نعم! فأخذَتني صواني النِثارِ من الجنة. ص ٥٢
سمو الهمة للوصول إلى الكمال
واعلم أني قد تصفحتُ التابعين ومَن بعدَهم فما رأيت أحظى بالكمال من أربعة أنفس:
- سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ
- والحَسَنُ البَصْرِيُّ
- وسُفْيَانُ الثَّوري
- وأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
رضي الله عنهم؛ وقد كانوا رجالًا وإنما كانت لهم هممٌ ضعُفَت عندنا.
ص ٥٣
أهمية الحفظ
- عليكَ بالحفظ، وإنما الحفظ رأس المال، والتصرف رِبحٌ. ص ٥٥
اقتضاء العلم العمل
- وإياكَ أن تقفَ مع صورةِ العلمِ دون العمل به، فإن الداخلين على الأمراءِ (1) والمقبلين على أهل الدنيا (2)، قد أعرضوا عن العملِ بالعلمِ؛ فمُنِعُوا البَرَكَةَ والنفعَ به. ص ٥٦
محاسبة النفس
- وحَاسبْ نَفْسَكَ عند كلِ نَظرةٍ وكَلمةٍ وخَطوةٍ، فإنك مسؤولٌ عن ذلك. وعلى قدرِ انتفاعك بالعلمِ يَنتفعُ السَامعون ومتى لم يَعْمَلِ الواعظُ بعلمِه زلَّتْ موعظتُه عن القلوب كما يَزلُّ الماءُ عن الحَجَرِ فلا تَعِظَنَّ إلا بنية، ولا تمشينَّ إلا بنية، ولا تأكلنَّ لقمة إلا بنية ومع مطالعة أخلاقَ السلفِ ينكشفُ لك الأمر. ص ٥٧ - ٥٨
مدارة الخلق والعزلة
- وكُنْ حَسَنَ الُمدَارَاة للخلقِ، معَ شدة الاعتزال عنهم، فإن العزلةَ راحةٌ من خُلَطاءِ السوءِ، ومُبقِيَةٌ للوقار، فإن الواعظَ - خاصةً - ينبغي أن لا يُرى مُتَبَذِّلًا، ولا ماشيًا في السوقِ ولا ضاحكًا، ليَحسُنَ به الظنُ، فيُنتَفَعُ بوعظه، فإذا اضطررتَ إلى مخالطة الناس فخالطهم بالحِلمِ عنهم، فإنك إن كشفتَ عن أخلاقهم لم تقدر على مداراتهم. ص ٦٠
إعطاء الحق أهله
-
وأدِّ إلى كل ذي حَقٍ حَقَهُ، من زوجةٍ أو ولدٍ أو قرابةٍ، وانظر كل ساعةٍ من ساعاتك بماذا تذهب، فلا تُودِعها إلا أشرفَ ما يمكن، ولا تُهْمِلْ نَفْسك وعوِّدها أشرفَ ما يكون من العمل وأحسنه. وابعث إلى صندوقِ القبرِ ما يسرك يوم الوصول إليه. ص ٦١
-
وَرَاعِ عواقبَ الأمور يَهُنْ عليك الصبرُ عن كل ما تشتهي وما تكره. وإن وجدتَ من نفسك غفلة فاحملها إلى المقابر وذكِّرها قربَ الرحيل. ودبِّر أمركَ واللهُ المدبرُ في إنفاقك من غير تبذير؛ لئلا تحتاج إلى الناس؛ فإن حِفظَ المال من الدين، ولأن تخلفَ لورثتك خير من أن تحتاج إلى الناس. ص ٦٢