الحالة:: معالج النوع:: فيديو اﻷولوية:: الغرض:: المنشيء:: المواد الصوتية عبد الله بن فهد الخليفي المدة:: 04:46:30 الرابط:: https://www.youtube.com/playlist?list=PLkLIIYo0Lm4uTRJVRWbdQpmsptc1VwQ8K التدريب:: المؤثر:: تاريخ اﻹكمال:: 2025-05-03


المجلس الأول

مقدمة: أهمية التأسيس في طلب العلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد. نبدأ إن شاء الله سلسلة دروس في قراءة كتب المجدد، نبدأها من البداية من ثلاثة الأصول. بعض الناس ممكن يكون عنده نوع إشكالية أن هذه متون ابتدائية جداً، لكن حقيقة طلب العلم وعي الإنسان دائماً كل ما أسس كل ما كان الأساس متيناً كل ما سواه يكون البناء عليه أريح.

أهمية الأساس المتين

أكثر إشكالات الناس اليوم وأكثر الاضطراب اللي حاصل أنه ما في أساس قوي، هذا يبني ابني ابني ابني على غير أساس. اعتبروه رياح أي شيء. فهذه المتون التأسيسية وإن كانت يعني متون ابتدائية وقد يرى بعض الناس أنها واضحة جداً أو بينة. لكن مذاكرتها عملية تأسيس. عملية تأسيس. وكل ما رسخت الأساسات وقويت كل ما كان هناك مجال للبناء. كلما ارتحنا، ممكن دائماً أبداً طالب العلم في بداياته لابد أن تكون البداية بطيئة ومتأنية. بطيئة متأنية. ثم بعد ذلك يستطيع بعد أن يبني الأساسات ويبني عليها يستطيع أن يعني يتحرك بحركة سريعة جداً ويقرأ شيئاً كثيراً.

اختيار متن “ثلاثة الأصول” ومنهج الشرح

لهذا اخترنا متن ثلاثة الأصول. هذا المتن من أكثر المتون التي شرحت في زماننا هذا، له مئات الشروح حالياً. سنختار شرحاً يناسب السياقات الفكرية التي نعيشها والمعارف والإشكالات المعرفية المشهورة، لأنه كنت دائماً أقول للشباب إنه متون الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ممكن أن تستخدم استخداماً قويا في الذي نعيشه، لكن هذا ربما لا يدركه كثير من الناس. وسنبرهن على هذا في هذه السياقات.

المسائل الأربع الواجب تعلمها (مقدمة المتن)

جاءت في مقدمة الرسالة يقول الإمام:

بسم الله الرحمن الرحيم: اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل (وبعض النسخ: أربعة مسائل):

الأولى: العلم، وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

الثانية: العمل به.

الثالثة: الدعوة إليه.

الرابعة: الصبر على الأذى فيه.

والدليل قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.

هذا هو القدر الذي سنقف معه في هذا المجلس.

المسألة الأولى: العلم

تعريف العلم عند المصنف

في بداية التعريف المصنف يقول: “اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل” أو “أربعة مسائل”، ثم ذكر قصة العلم، ثم عرف العلم قال: “وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة”.

نقاش حول ضرورة التعريفات المنطقية

كثير منا الشراح يقف عند هذا ويبدأ يشرح معنى العلم من الناحية اللغوية، صح؟ وبعضهم يشرح من الناحية الشرعية. حقيقة تعريفات العلم كثيرة جداً حتى قال بعض الناس: أنا آيس أني أجد تعريفاً للعلم.

طيب شف هذا المبحث، مبحث كل حاجة نأتي نقف عندها ونقول تعريفه كذا تعريفه كذا، هل هذا صواب؟ الواقع هذا فيه نظر. هذا قادم من المنطق الأرسطي. في المنطق الأرسطي يقولون أول ما يعرفونه، أول ما في المنطق، بسم الله الرحمن الرحيم، يقولون لك الأشياء لا تعرف إلا بحد. بحد يعني بإيش؟ بتعريف. فأقول لك إيش تعريف الإنسان؟ تقول الإنسان حيوان ناطق. رأيت هذا؟ تلاحظون، خلنا هذا، إن هي منظومة جيدة متسقة، في خلل؟ يعني إيه، إيش الخلل؟ لا مو هذا هو، يقول لك لا هو مو حيوان من كل وجه، قال حيوان ناطق. لا هو إيش اللي خلى هو ممكن أشياء لا تعرف إلا بحد؟ قال لك الإنسان حيوان ناطق. فأنت تعرف الحيوان مبدئياً، فأنت ما احتجت لتعريف لكي تعرف الحيوان. طيب الإنسان أقرب لنفسك، لماذا احتجت أنت له للتعريف؟ هذه هي الفكرة.

الواقع مسألة كل شيء يحتاج إلى تعريف لكي يفهم غير صحيح. بل لما أعرف أنا أعتمد على أمور معروفة عندك أصلاً فما يحتاج إني. فهذه أنبه عليها شيخ الإسلام ابن تيمية، قال مو ضرورة، في أشياء تكون معروفة. لكن متى تأتي فائدة التعريف؟ إذا اشتبه الشيء بشيء مشابه له، فيأتي التعريف تدرك الفرق، تقول الفرق بين هذا وهذا كذا. مرات تذكر ثمرة الشيء.

مفهوم العلم عند المجدد مقابل المفاهيم الأخرى

فهنا تعريف المجدد من هذا الوجه: معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. في ناس عندها مفهوم ثاني للعلم؟ طبعاً. يعني اليوم مثلاً كثير من الناس العلم عنده البحث التجريبي. هذا ندرسه مادة بالمدرسة اسمها العلوم. إيش العلوم؟ بحث تجريبي. أما أما التربية الإسلامية فمادة ويسمونه دين. صح؟ فالعلم حاجة ثانية.

في ناس لا العلم عنده حاجة ثالثة، من علم الكلام، العقليات، الفلسفة. وهل هذه الأمور علوم؟ فعلاً علوم؟ السحر علم. {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}. ففي عملية تعلم لعلم، لكن الشيخ هنا يتكلم عن العلم النافع، عن العلم الشرعي، عن أصل العلوم، عن أهم العلوم.

لماذا العلم الشرعي هو الأهم؟

طيب لماذا العلم الشرعي هو أهم العلوم؟ يعني إيش هذا المستوى؟ ليش الاحتكارية هذه؟ ليش هذه معرفة الله، معرفة نبيه، معرفة دين الإسلام بالأدلة، لماذا هذا هو أهم العلوم وأهم المعارف؟ جميل. أن المعلوم هنا ممتاز، المعلوم هو رب العالمين. مو تافه. متعلق بالنجاة في الآخرة. متعلق بالمعلوم.

هو خلاص ما نختلف، لأنه أصلاً عامة العلوم، ما في مشكلة، عامة العلوم يقال إنها لها اتصال بالمعارف كلها الله علمها. يعني حتى الحين اللغة، اللغات الناس عندهم خلاف اللغة هذه هل هي تعارف أم هي إلهام إلهي؟ ليش؟ لأن أنت عارف لما نجي للتعارف لازم تكون بيناتنا لغة على الأقل عشان نتفق. يعني هل هي اصطلاح؟ اللغة العربية كيف جاءت؟ إيه مثلاً. اللغة العربية كيف جاءت؟ ناس قال لك إن اللغة العربية جاءت من ناحية اصطلاح، الناس اجتمعوا وبدوا يحددوا ويسمي هذا كذا ويسمي هذا. طيب هو كيف تفاهم؟ ما هي فيه لغة أفضل؟ فهي بدون قصة أنها {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}. طيب هل علم آدم اللغات كلها؟ لا، اللغات هذه في أثر عن ابن عباس إنما في برج بابل تبلبلت الألسنة، وهذه توافق الموجود عند أهل الكتاب.

لكن حنا الآن نأتي للعلم الشرعي ليش هو أعظم علم؟ جانا جواب أنه من شرف المعلوم، الله أعرف المعارف. وجانا جواب أنه والله متعلق بوصولك للآخرة.

العلم الشرعي أساس للعلوم الأخرى

طيب عندنا جواب ممكن ما يخطر على بال كل الناس؟ أنه كل العلوم تحتاجه وهو ما يحتاج العلوم الأخرى. أو هو غاية والعلوم الأخرى وسيلة. يعني مثلاً أنا طبيب إيش وظيفتي؟ وظيفتي أعالج الناس. إذا عالجته أقصى ما سأفعله إيش؟ أني أجعله يعيش. بس، ويعيش حياة أحسن. بدون آلام، بدون جميل؟ أنا مهندس معماري أصنع للناس بيتاً يسكنون به. أهلاً وسهلاً.

هو ليش هو لو واحد راح للطبيب قال له يا طبيب تعالجني. ليش تعالجني؟ يقول لك أعالجك بعد عشان تعيش. يعني إذا قال له ليش أعيش؟ يعني لو جاء واحد للطريق قال أنا بأنتحر، أنا ما، ما فائدة الحياة هذه أصلاً؟ ليش أعيش؟ يجي واحد قاعد بالشارع وقال ما لي دخل ما أبي بيت ما أبي، ليش؟ ما أبي أعيش. فهو الدين يعلمك لماذا أنت هنا؟ يعلمك غاية الغاية من خلقك، يربط لك كل حاجة، فتصير فيصير للطب له قيمة، الهندسة لها قيمة، كل شيء له قيمة.

أما الأمور الثانية تصير ما لها قيمة. اليوم الآن كثير من الناس اللي جاي ينتحر مثلاً. أو اللي آلت إلى العدمية. يعني اعتقد أننا عدم. طيب هذا الإنسان ما الذي يستفيد؟ كيف ممكن حنا نقنعه بأي علم تجريبي ممكن؟ ما لا يمكن. بل بالعكس اليوم العلم التجريبي بني على فلسفة مادية أخذت الناس إلى العدمية، خذت الناس إلى أنه ما فيه آخرة ما فيه كذا، ما فيه إلى أنه بعدين، ولا حنا شنهو؟ حنا شوية تفاعلات، إيش الفرق بينك وبين أي حشرة؟ ما في فرق مع الأسف، أنت تفاعلات كيميائية وهي تفاعلات كيميائية، أنت مظهر من مظاهر المادة وهي مظهر من مظاهر المادة، واحد يموت واحد يعيش طيب.

المعرفة الفطرية والحاجة للعلوم الشرعية

فهي هذه المسألة، لأنه متعلق بمعرفة الله. بعدين لما نجي لكلمة معرفة الله، معرفة الله، معرفة دين الإسلام بالله. معرفة الله هذه أيضاً تنبهنا على أن كل العلوم ما منها فائدة لولا هذا الأمر. ليش؟ الآن لنفرض أن هذه حصة كيمياء أو حصة فيزياء، ما هو درس شرعي. العلم التجريبي أو كل علوم الدنيا مبنية على نفسها. يعني أقول لك ليش الفيزياء صح؟ ليش الكيمياء صح؟ ليش الكذا صح؟ ليش هذا صح؟ ليش ليش هذا لازم نتعلمه؟ هل هي بنيت على نفسها؟ إيه. طيب والتجربة بنيت على نفسها؟ ما هو حتى المنهج التجريبي مبني على نفسه، يعني هو يشهد لنفسه. هو المنهج التجريبي نفسه بني على حاجة اسمها ضروريات. ما في علم يبنى على نفسه، بدليل أني لكي أعلمك هذا العلم، أنت تكون ما عندك علم، فأنا أعلمك، فلابد يكون في شيء مشترك بيني وبينك أعرف أوصل لك العلم. هذا المشترك إيش اسمه؟ بديهة. ضروريات. بديهة. عندك بديهة في عقلك. تفهم الكلام، تستوعبه، ترتب النتائج.

طيب. من أهم البديهيات أو من أهم الضروريات اللي نجدها في أنفسنا التوجه لله عز وجل. فلهذا مسألة معرفة الله، المعرفة الإجمالية، هذه مسألة ما هي واقفة على التعلم، لا هي أصلاً ضرورة. العلوم الأخرى هي محتاجة لهذا الأمر. أنت محتاج أنك تشعر بالقيمة لحياتك، لأنك محتاج في نفسك غائية، التوجه إلى الله عز وجل.

الحاجة إلى النبوة والدين

طيب نفس القصة لما نجي لكلمة علم، قال لك ومعرفة نبيه. طيب نحن البشر لما عرفنا أن في غاية، عرفنا أن لنا إلهاً، عرفنا كل شيء، لكن نحن لا يوجد عندنا علم بكل شيء، ما عندنا معرفة مطلقة. لكن نقدر نعرف الحق والباطل، لكن ما نقدر نحيط بكل شيء. بدليل أن أنا أعلمك وأنت تعلمني، دليل أننا نتناقش. أي نقاش بين اثنين يكون مبني على أمرين: لأنه عقلي وعقلك غير مطلقين، يعني غير كاملين، لأن لو كانت ما احتاج أحد يفهم الثاني شيء. ومبني على حقيقة ثانية أنه الحق ممكن ندركه. ولا ليش نتناقش؟

طيب هاتين، هذين الأصلين: عقول البشر ليست مطلقة، ولكن هناك حق يمكن إدراكه. هذين الأصلين اللي من خلالهما ندرك ضرورة النبوة. النبي إيش؟ النبي إنسان يجينا يقول لنا تعالوا يا بشر علمكم مو كامل مو مطلق. أنتم محتاجين مدد من الله. وعلم من الله بكيف تتعاملوا مع الله. جيد؟ وأنا بإمكاني أني أوصلكم هذا وأفهمكم هذا، ولولا هذا تضيعون. مثل ما فهذا الآن النبوة. طبعاً نبينا هو آخر الأنبياء وأهمهم وكذا ﷺ. النبي بعدها إيش يجي؟ النبي يجيب بأمور تميز أتباعه من دونهم. هذا اسمه دين.

فمن هنا تفهم أنت لولا الدين هذا كله ما له قيمة، كل العلوم ما لها مانع، ما لها فائدة، ما لها قيمة. كل أخذ الناس وعطاهم ما له فائدة، كله يبنى على أسس أهم ما بني عليها دين الله عز وجل.

الوحي علم والأدلة الشرعية

لهذا الآن نأتي إلى باب الأدلة. لهذا الله عز وجل لما قال للنبي {فَإِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}، الله عز وجل سمى الوحي علماً. ليش علم؟ مثل ما تفضلنا، أنه أعرفه، أنه أهم الأمور وما يبين لك قيمتك في الحياة ويبين لك مسيرتك في الحياة، ترتبط آخرتك به. كل العلوم الأخرى، إن كابرنا الدين وقلنا لا مو صحيح مو صحيح، كل العلوم الأخرى في المنافقين. فهو {بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}، العلم هذا هو.

سياق رسالة المجدد ومخاطبوه

فلهذا المجدد، طبعاً المجدد لما كتب هذه الرسالة، عشان نفهم حنا، هو كان يخاطب من؟

الفئة الأولى: الأعراب

يعني ليش الشيخ؟ الشيخ لما جاء بهذه الفقرة قصد مناقشة فريقين. الشيخ كان أمام فئة من أعراب نجد، البدو اللي عايش حياته ماشي ورا دوابه وبهمه ولا يهتم لعلم ولا لتعلم ولا لكذا، يدري أن العلم عند الحواضر هو ما له دخل. طيب صارت لكم مشاكل إيش تسوون؟ نحكم بأسلوبنا، أسلوب أهلنا. حتى تشوف البدو إذا جا واحد مثلاً يستخبر يقول له العلم، هم هذه علومهم. خبرتهم تجده فاهم، يعرف مواضع القطر، يعرف كيف يتعامل مع الدواب، كيف يعالج، يعرف للسلاح، يعرف الأمور اللي يحتاجها رجل، عنده عارف فاهم. الصحراء هذه تجده يدركها أحسن من الكل، يعني لو عندك بوصلة هو يعرفها شبر شبر، يعرف كل شي، ويعرف كيف يأتي. هذا كله علم، هذا علم يفيده في دنياه جداً. لهذا يستفيدون في دنياهم، بل وعندهم فضائل بعد، عندهم وعندهم أسلوب ويهتمون أن الإنسان يتعلمها. تعرفون سلومنا، تعرف وضعنا، تعرف أمورنا، تعرف كيف كذا، تعرف تخاطب الضيف بالكلمة الفلانية، تعرف إن جاك دخيل تسوي معاه كذا وكذا، تعرف إن جاك عدو تعامل معاه بالصورة الفلانية، هذه كلها علوم ومعارف بالنسبة لهم. ويجدون لها نفعاً. يعني والأعراب ساهموا بتشكيل تاريخنا الحديث، يعني بما أنهم، يعني تعرف أنت الثورة العربية والشريف حسين وشلون طيح الدولة العثمانية وإلى آخره، استفاد من هؤلاء وخبرتهم وعملهم إلى آخره. فالشيخ محمد بن عبد الوهاب كان هؤلاء الناس يبي يعلمهم أن هذه كل علومكم هذه ما لها قيمة إن لم تعرف الله ورسوله ودين الإسلام بالأدلة.

الفئة الثانية: العلماء الرسوميون وأهل التقليد

فهذه الرسالة كانت في البداية توجيه لهؤلاء. كان في فئة الآن، هذا تكلمنا عن أعراب نجد، كان في في نجد وفي الحجاز ذولا إيش؟ ذولا رسوميين، مشايخ، طلبة علم. لكن إيش وضعهم؟ إيش علومهم؟ يركزون على علوم اللغة بشكل كبير جداً. يركزون على المنطق والفلسفة. هذه ما هي متصلة بالدين الإسلامي، هذه يدرسها اليهودي والنصراني والمسلم. وإذا جو يدرسون الدين، عقيدة علم كلام. فهذا الشيخ إذا قال بالأدلة، يعني الأدلة الشرعية. فقه تقليد مذهب وخلص. في دليل ما في دليل ما يهمنا.

تجي شو بتصلي؟ عندك أدلة؟ مذهبنا. تجي للمالكي تشوف المالكي يرفع إيده، تشوف الشافعي يرفع إيده قبل الركوع ويرفع إيده بعد الركوع. تشوف الحنفي وتقبض يده معه. لو تجي تهدد التهديد ما يسوي الموضوع هذا. طيب، تشوف الشافعي بالبسملة، الثاني الحنبلي ما يجهر. شوف الحنفي ما يرضى يقول آمين، ما يرفع صوته. شوف الشافعي الحنبلي يقول آمين هو. شوف الشافعي، الإمام راح يقول المالكي ما يقبض. ها؟ الثاني يقبض؟ لو تجيهم تقعدهم وتقول لهم خلنا نشوف من هو عنده أدلة؟ خلنا نشوف إيش الوضع؟ يصلي شكل، خل نستفيد. لا لا لا. لدرجة أنه إيش كان الوضع؟ كان الوضع أنه في الحرم كل مذهب جماعته لوحده. يصلون لوحدهم. أول من وحدهم ولد الشيخ عبد الله يوم دخل مكة دخل المدينة وحدهم، قال لا كلكم؟ كلنا وصلوا ويا بعض هذا خلف إمام واحد. بعدين رجعت العادة بعد ما راحت الدولة الأولى، راحت الدولة الثانية، رجعت العادة إلى أن جاء عبد العزيز. عبد العزيز رجع نفس القصة. إمام واحد يا جماعة الخير.

معنى “بالأدلة” عند المجدد

فالشيخ إيش أطروحة الشيخ؟ لا. لأن هذا كله ما هو علم. العلم بالكتاب والسنة. ونستدل من الكتاب والسنة، نأتي بالدليل من القرآن. العلم الكتاب والسنة.

بعض الناس يتحاذق، بعض من يشرح شيء. يقول الشيخ يقول الأدلة واجبة. إذاً هذا وافق قول الأشعرية أنه لابد من الاستدلال. لأن حنا عندنا مبحث علمي موجود. أنه الإنسان إذا اعتقد عقيدة ولم يعرف الأدلة التفصيلية عليها. لكن هي عقيدة صحيحة، عقيدته سليمة ولا لا؟ لابد أن يستدل. هي العقيدة السليمة. حتى الأعراب. لكن عند أهل الكلام كلمة دليل يعني دليل كلامي، يعني دليل عقلي. أما الشيخ اللي تكلم عن دليل يتكلم عن دليل شرعي. إيه. والشيخ لما قال يجب لكثرة التشويش. فأنت يجب عليك أن تعرف الدليل وتترك الأمر الثاني. لكن أنت لو مجتمع كل أهله ما يعرفون علم غير الكتاب والسنة. خلاص القصة ماشية. فهو هذا الوجه.

يعني يكفي التقليد؟ التقليد غير متصور في العقيدة. لأن مسائل العقيدة أدلتها ظاهرة جداً في النصوص. أنك تتبعه من غير دليل. أما هذا دليل في دليل. مثال على ذلك. مثل علو الله. علو الله فطرة. هذا دليل فطرة، دليل. تلقاها بالنص. خلاص أدلة كثيرة جداً. غير ما تحصل. لهذا شيخ الإسلام ينبه على معنى. قال المعنى كل ما كان عظيماً في النصوص كل ما كانت الناس أحوج له، كل ما كان ظاهراً وقوياً في النصوص. أقوى. هذه رحمة الله. لهذا أي واحد يعطيك مباحث دقيقة ومش عارف إيش وجداً وما تفهم وما يرجعها إلى أصل واضح. اعرف أن هذا حنا في باب الكلام الآن. لسنا في…

المسألة الثانية: العمل به

بعدين الشيخ عاد نبه على معنى ثاني بعد ما قال العلم وعرف العلم وعرفنا الفرق اللي عندها مشاكل، قال العمل به. لأنه في ناس ممكن يقر بالنبوة، حذيفة بن اليمان قالوا له من المنافق؟ قال الذي يصف الإسلام ولا يعمل به. يصفه؟ يصف الإسلام. شلون؟ يعني تقول له شنو الإسلام؟ الصلاة الصيام والزكاة. طيب وأنت شتسوي منها؟ ما تسوي شي. منافق. هذا النفاق. الله أكبر. ها؟ أمر العمل مهم جداً. ما هو هذا التطبيق الحقيقي هذا أمر ركن ومحوري، لكن ما في أحد ممكن يأتي بكل الأعمال، لكن لابد فيه قدر من العمل.

اليوم الناس، وهذه الشيخ يرد فيها على من هو بعد؟ ينبه فيها على من؟ على المرجئة. خل المرجئة، المرجئة يقول لك العمل يجب عليك. لكنك أنت ما راح، ما ينقص إيمانك. وبعض غلاتهم قال لك إن العمل اللي تركته بالكلية لا تكفر. أو هذا صح حتى ما ينضبط. لا، الشيخ ينبه على فئة من عندهم أعلى الأمور، اللي هم أهل الكلام والفلسفة. عندهم الأمور المعارف المجردة بس. المعرفة، المعرفة، يقعد جدل. النبي ﷺ يقول ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل. وهذا يقول بعض السلف: إلا أوتوا الجدل وتركوا العمل. دايماً هذه تشوف هذه علامة في الناس اللي تكون دخلت عليهم هذه الأمور المشوشة.

وهذه علامة العلم النافع. لو قال لك العلم النافع. يعني شنو العلم النافع؟ عمل. مثل المطر النافع، الآن النبي شبه العلم بالمطر {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ}. المطر النافع يعني المطر ينبت الأرض، تطلع، تخضر، تربع. إيه، نفس القصة العلم النافع بابه أن يكون يؤدي إلى العمل. وهذا الآن من فضل العلوم الدينية على العلوم الأخرى. تقدر تعمل فيه. يأثر. يحرك. العمل عملان: عمل قلبي وعمل جسدي؟ يعني تعتقد في الله. كله مرتبط ببعضه. لا تعزل. أنت الآن مثلاً قرأت أنه الله عز وجل من أسمائه الغفور. هذا يؤدي إلى عمل، تستغفر الله أنت دائماً، ما تيأس من روح الله، أنت نفسك صرت تحب تغفر رجاء مغفرة الله. شفت؟ فدائماً وهي أساساً معرفة الله، معرفة النبي. معرفة النبي كذلك. شف تقتدي بأحواله إلى آخره.

ويرد أيضاً على الجماعة اللي عملهم مثل المتصوفة وغيره، من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. إيه. فتجده مثلاً يهتمون بالبدع بالموالد وبغيره، لكن العمل الحقيقي ما في اهتمام. ولهذا هذا كانت من أثر دعوة الشيخ، لما تكلم الشوكاني في البدر الطالع يقول بلغنا أن من دخل تحت أمرتهم حافظ على الصلوات. وترك قطع الطريق، يتركون الفواحش. حتى أحمد زيني دحلان، أحد أعداء الدعوة، كان مفتي مكة، له كتاب اسمه “الدرر السنية في الرد على الوهابية”. يقول إنما غر محمد بن عبد الوهاب الناس بالدعوة للتوحيد. وحضهم على الصلاة والزكاة وترك الفواحش وترك قطع الطريق. سبحان الله عاد هذا الحسد وما يسوي، هو صوفي فلقى هذا.

المسألة الثالثة: الدعوة إليه

جاء الشيخ النقطة الثالثة: الدعوة إليه. وهذه مهمة، يعني تجد كثير من الناس ما يهتم، مع أنه الأنبياء هذا أمرهم. هذه العلماء ورثة الأنبياء. قال العلماء العاملين الدعاة، مو العالم اللي مستكن بنفسه، ما هو صحيح. وهو هذا هو أيضاً طبق الشيخ هذا، لهذا كان يدعو الناس بشكل مستمر حتى أثمرت دعوته شيئاً عظيماً. لأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجره وأجر من تبعه عليه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.

من يزهد هذا؟ هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟ قول لتاجر، قول له الآن شوف جماعة التسويق الشبكي. ولا كل ما تجيب ناس أكثر كل ما تزيد نقاطه، تلقاه ينجن، تلقى ليل نهار وهو يعلن، هو صح؟ وعشان يزود نقاطه ها؟ هذا قصد، هذا تجارة مع الله. هو هذا المفهوم.

وحتى في كلمة جميلة للشوكاني يقولها. يقول يعني أنه ما انتشر الباطل إلا من تقاعس أهل الحق. ترى واضح وبين. كل ما، لكن دائماً أبداً الإشكالية الكبرى، الإشكالية الكبرى إيش؟ تقاعس أهل الحق. تقاعس أهل الحق. ما عاد في أهواء عند الناس، ما في. أنزل لي يا شيخ ما قاعد يأمرك بشيء وما يسويه، هو هذا الواقع.

وهو الشيخ كان من ثمرات دعوة ابن تيمية، دعاء مات مسجون لكن دعا. ألف. إلى أن كتبه وصلت كانت في الشام. بعدين راحوا جو ناس من نجد خذوها. راحوا للشرق. لحد ما وصلت للشيخ محمد بن عبد الوهاب. الشيخ محمد بن عبد الوهاب راح خذها سوا، راح راح قامت دولة، راحوا وزعوه كل مكان. هي سبحان الله عاد والبركة ها.

المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه

بعدين الشيخ ذكر القصة مهمة: والصبر عليها. هي ترى الصبر على التعلم، الصبر على العمل، لكن شوف بالعلم لازم عندك نقص، بالعمل لازم عندك نقص، بالدعوة لازم عندك نقص، لكن تصبر. لو ما الصبر ما تستكمل.

أنواع الصبر المطلوبة

الآن مثلاً كثير من الناس إيش يسوون؟ أول صبر، أنا أقول لك اصبر على نفسك. ما أكثر ما يجي ناس وكيف أنا ما أفهم؟ شلون ما تفهم؟ يا أخي ما أفهم. وخصوصاً إذا الله ابتلاه برفيق في الطلب ذكي ونابغة. يقارن نفسه، يقول لك اصبر عن نفسك. اصبر على نفسك هذه مهمة جداً ولا توهم نفسك، لا تحط في بالك موضوع الكمال. أول الصبر الصبر على النفس. {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}. واعرف أن المسألة فضل من الله. والنصر مع الصبر، والأمور بالتراكم. تعرفون في قصة كانت تقال قديماً مشهورة. قصة الأرنب والسلحفاة، اللي هو الأرنب اللي ركض ركض ركض بعدين وقف نام… ترى هذا واقع في الحياة يتكرر. كثير رأينا في حياتنا كثير من طلبة العلم كان فيه ضعف. لكنه لأنه صابر اجتاز أناس أذكياء وعباقرة. لأن ذولاك الله ما وفقهم أنهم يصبرون. لحد ما دارت الأيام ورأيناهم يأتون يستفتونهم. الله. إيه يعني هذا أمر.

هذا أول شيء صبر على نفسك طبعاً. كثير من الناس يقول لك الصبر على المعاصي، الصبر على الطاعة. الصبر على الابتلاء. في رابعة. الصبر على السراء. الصحابي يقول: “بُلينا بالضراء فصبرنا، وبُلينا بالسراء فلم نصبر”. الصبر على السراء ترى هذا كارثة. لأن الثمرات يأتيك السرور، تُلهِيك. والله يا الشباب يبون يطلعون يبون كذا يبون يلعبون يبون كذا، حتى مرات هذا الأمر فعلاً ممكن يلهيك عن ما ينفعك. هذا مهم أيضاً الصبر على السراء، هذا أيضاً لا يعزب عن أذهانكم.

والصبر على الدعوة، هي الدعوة أصلاً دائماً فيها صبر. {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ}. طيب كثير من الناس ما يصبر. ليش؟ طيب كيف أصبر؟ يضيق صدرك مما يقع. {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ}.

معينات الصبر

أول شيء مسألة الاتصال بالله، المعرفة، العلم. العلم هو يعلمك أنك تتصل بالله. والعمل {وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ}. شف هذه كلها أمورها هي دائرة هالشكل. العلم والعمل والدعوة تعلمك على الصبر. والصبر يعاونك عليه. هي دائرة قاعد تلتف على نفسها.

طبعاً قراءة أحوال الأنبياء، تذكر الثواب من الله عز وجل، تذكر أن الأمر علاقة مع الله أصلاً. كثير من الناس ما الذي يمنعهم من الصبر؟ ما يشوف نتيجة. ما هي تعاون مع الله. يأتي النبي وليس معه أحد. هو الموضوع تعامل مع الله. هو أجر. النتيجة من قال لك ما أنت شايف؟ النتيجة ما أدري متى تكون. لكن النتيجة الحقيقية أنه أجرك قاعد يزيد. إن علاقتك بالله عز وجل قاعدة. يعني عندك شيء. رصيد. إن يا رب أعطيت من عمري أنا.

حتى العطاء، شوف سبحان الله تجد بعض الناس تجده سخي، يحب السخاء والناس يمدحونه يحبون هذا فيه، كريم. مع الكرم يضره، يمكن بعضهم تلقاه عياله ما يعطيهم أو عياله ما ترك لهم شيء. لكن هو يعطي الناس والناس يمدحونه وله صيت. يكون فرحان بهذا الموضوع. لأن له صيت بين الناس هو مرتاح. عاجبه هذا الموضوع. طيب أنت ما قاعد تستفيد شي؟ ما قاعد تستفيد بس في صيت يا أخي. الناس تمدحني. أنا أبي هذا. الله ارتاح. مثل قصة حاتم الطائي المشهورة عند العرب صح؟ ما فينا واحد ما في قبيلة ما في كذا إلا كريم هو معروف صح ولا لا؟ والناس تذكره. طيب أنت الآن السخي بالعلم وبالدعوة بعمر الله عز وجل، هذا أكيد معروف في السماء. ربما مدفون في الأرض، معروفاً في السماء. أكيد معروف في السماء. ما هو دايماً يدل على الله. حياته كلها قاعد يدل على الله. فهذا هذا ما يعطيك مواساة مثل ما هذا. فلوس تروح. ها؟ {لولا المشقة ساد الناس كلهم، الجود يفقر والإقدام قتال}. تروح مرات تلقى حتى أولاده يجون يقولون يبا فقرتنا خلاص ما عاد، هو مستانس ما رد عليك ولا عبرك.

الدعوة وأثرها في الثبات

ومن عوامل ثبات الداعية، سبحان الله، لأنك أنت كل ما تدعو مرات تشوف أثر، مرات يجيك الشيطان يقول لك ترى ما في قيمة لعملك، ترى مرات أدلة تظهر عندك، فتجي إذا دعوت يجيك الناس تشوفها استانس، مرتاح، فهم يقول لك والله جزاك الله خير يا أخي والله أفدتنا. تصير عامل ثبات.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب يقول، يقول يوم صار يروح يعلم الأعراب يعلمهم صلاة الفجر، يوريهم أخطاءهم، بلاويهم. شركهم، بلاوي. يقول فواحد فهم خلاص توعى، قال أشهد أننا كنا كفار. قال أي والله يبدو أنكم كنتم. قال وأشهد أن المطوع اللي كان يقول عنا مسلمين هو كافر. إيه. إيه. خلاص ضبط المسألة. ضبطت معه.

الدليل: سورة العصر وكلام الأئمة

ثم أورد الشيخ الآية، وأورد كلمة الشافعي، لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم. وقال البخاري باب العلم قبل القول والعمل، فبدأ بالعلم {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} فبدأ بالعلم قبل قول أو عمل. أورد السورة {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} السور المكية.

معنى كلمة “الدليل”

إيش يقول لك؟ والدليل ها؟ طيب، تعرفون واحد يعني النبي كان يقول والدليل كذا ها؟ كلمة دليل هذه ليش يستخدمونها العلماء؟ والدليل والدليل. قبل كانوا يقولون الحجة. طيب والدليل؟ كلمة دليل هذه؟ هي كلمة متفق الأمة على جواز استخدامها، لكن تعرفون أصلها في القرآن؟ {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}. الشمس نور، والوحي نور، النبي نور، الله نور. يا شيخ إيه. ثم جعل الشمس عليه دليلاً على النهار. إيه. هل الشمس هي سبب النهار النور ولا هي دليل؟ هو دليل سبب، هذه عبارة عامة يعني أنها من ضمن المسببات من ضمن الأمور هي اللي تجيب النوم. إيه هي هذه يعني من ضمن أفق أفق، هي هذه عدل الحكاية الفلكية ومش عارف إيش كلها نظريات، لا توسع لا لا تتعب نفسك مع الأدلة، لا تحجز علم الله بهذه معارفنا الضيقة، تحطها في هذا السجن. هاي كل هذه النظريات باللي نقدر باللي مطلعينه حنا. أنت لو تقرأ في هذه الأمور تبي كل شي موجود. يعني بعضهم لو تلقى حنا تقول حنا كله الحين داخل علبة بيبسي، رح تلقى هذه نظرية. أن حنا داخل علبة بيبسي كبيرة وعادي. فأنت لا تحطه ببالك هذه القضايا. إيه.

تفسير سورة العصر

جا بالدليل السورة {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} الإنسان يعني جنس البشر، الإنسان الألف واللام للجنس. ثم استثنى رب العالمين {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} آمنوا يعني علموا، عرفوا، آمنوا بالله والرسول والملائكة وكتبه ورسله، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الصالحات، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} وتواصوا بالحق، {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. سبحان الله الدليل واضح.

أقوال الإمام الشافعي والإمام البخاري

ثم يعني أورد الكلمة اللي توصل الشافعي: لكفتهم. ثم أورد كلمة البخاري، وهذه يعني شوف الشيخ قاعد ينبه تنبيه. تلاحظ أنه قاعد يجيب، جاب آية استنبط منها، جاب كلام المتقدمين علماء السلف للشافعي وللبخاري.

خاتمة: أهمية إحياء علوم المتقدمين

الإمام كان كان متضايق من هجران علوم المتقدمين. يقول جيتهم قلت لهم تعالوا يا جماعة الخير أعطيكم أدلة من القرآن على بطلان ما أنتم فيه. قالوا لا القرآن؟ حنا نفهم القرآن؟ ما يصير. القرآن والسنة ما له محل، لازم إمام مجتهد. جاب البخاري. طيب أجيب لكم كلام مجتهدين؟ قالوا مجتهد حنا نفهم كلامه؟ لازم متأخرين الفقهاء. فالشيخ كان يحاول يحيي هذا العلم السابق.

لكن تجد في كلام أولاده وأحفاده أن علوم المتقدمين اللي عاشوا في القرون الأولى، وهذا موجود اليوم حتى عند كثير من طلبة العلم، تجد عامة العلماء اللي يعرفهم من السبع مئة وأنت جاي، يبدأ بابن تيمية إذا، إذا بعد حيل، النووي مثلاً، إذا خربها الغزالي، هذولا كلهم جو بعد القرون الأربعة ما يعرف عنها، فكرته عنهم، يعرف البخاري ها؟ البخاري ومسلم بس.


مقدمة المجلس الثاني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.

هذا هو المجلس الثاني في التعليق على ثلاثة الأصول للإمام المجدد رضوان الله عليه. يقول المصنف رحمه الله:

اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن.

المسائل الثلاث الواجب تعلمها والعمل بها

الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. والدليل قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا}.

هذه المسألة التي سنكون معها اليوم.

المسألة الأولى: الإيمان بالرسول وطاعته

أهمية طاعة الرسول وواقع الانحراف عنها

مسألة طاعة الرسول ﷺ، ممكن بعض الناس يقول طيب هذه مسألة بديهية، نحن اليوم نتحدث في الإسلام، مسألة منتهية في البداهة أن النبي الكريم، أن الله عز وجل لم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا رسولاً. في الواقع، ورسول واجب الطاعة. في الواقع يوجد من أهل الملة من نازع في هذا المعنى.

الفئة الأولى: القرآنيون

شبهاتهم والرد عليها

مثلاً هناك من يسمون القرآنيين، ممن يعتقدون أن طاعة الرسول ﷺ ليست واجبة وإنما هو فقط يبلغ القرآن. فإن سألتهم: طيب والقرآن كيف نفهمه؟ فالناس يختلفون في فهمه؟ قالوا: افهموه بفهمنا نحن. ثم يكتبون تفاسير. قل لهم: تفاسيركم هذه هي أولى أن تُتَّبع أم سنة النبي ﷺ؟ يعني النبي ما عنده تفسير ولا كتب تفسير وأنت ما شاء الله كتبت تفسيراً في القرن الخامس عشر الهجري صار تفسيرك ضرورياً؟ يعني أنا أترك سنة النبي وآخذ بسنتك؟

وسبحان الله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، في أثر عنه تكلم وذكر أن هناك أناساً سيأتون وينكرون أن الصلوات خمس وأن النساء سيصلين وهن حيض. سبحان الله هذا الأثر لما قرأته في كتاب البدع لابن وضاح، تعجبت إذ إن هذه الفئة ما ظهرت إلا هذا القرن. وبحثت في الإنترنت ووجدت فعلاً قرآنيين يجيزون صلاة الحائض. ولم أكن أعرف هذا قبل أن أرى الأثر. يعني كنت أنا على كثرة قراءتي في الفرق، ما كنت أعلم أن هناك فرقة أباحت للنساء الصلاة وهن حيض، لم أكن أعرف هذا عن أحد. وجدتهم أصلاً قرآنيين مختلفين على قولين في هذا، يعني منهم من يقول الحائض ما تصلي، ومنهم يقول لا، تصلي، إيش المشكلة؟ فتعجبت، قلت سبحان الله يعني هذا من دلائل النبوة، ولا شك أن حذيفة قد أخذ ذلك من النبي الكريم ﷺ.

فهذه فئة تصرح بمحادة الرسول وأنه لا يطاع، ثم يقولون لك أطعنا نحن. والنبي ﷺ تواتر عنه حديث: “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”. وهذا الحديث حجة عليهم، لماذا؟ لأنه متواتر أول شيء، وهم يقولون القرآن نحن نؤمن به لأنه متواتر. ثانياً النبي قال: “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”، لو لم يكن قول النبي سنة ويُتَّبَع ما نهى عن الكذب عليه، صح؟

والله عز وجل وصف أهل الإيمان أنهم يستأذنون الرسول، وقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. وقال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}. فالحكمة شيء زائد. بل نبي الله موسى نفسه كان يطاع: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً}. هذا غير التوراة. ونبينا أيضاً نفس القصة، كل الأنبياء هكذا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}.

طيب والرد عليهم طويل، هذه أول فئة.

أصل نشأتهم ومراجع للرد عليهم

طيب هل هذه كانت موجودة بوقت المجدد؟ كانت بدايات ظهورها في الهند، لكن المجدد هل يعنيهم؟ لا، لا يعنيهم. لكن هي بصيرة. وهي ظهرت في الهند بسبب المستعمر، يعني المستعمر البريطاني هو الذي أظهر هذا الفكر ودعمه. لهذا تجد أكثر من يرد عليهم مشايخ الهند، تجد الردود عندهم. في كتاب معين للرد؟ في كتاب “القرآنيون وشبهاتهم” للشيخ فضل إلهي ظهير، هذا هو باكستاني أو هندي أظنه. في كتب كثيرة حقيقة تناولت، والآن ما شاء الله هذه الأمور المتعلقة بالسنة وكذا والحفاظ على السنة، كتبوا شيئاً كثيراً. أنا لي مقالات “فائدة في الرد على منكري السنة”، ومقال “قاعدة في إثبات أن معظم الأحكام الشرعية ثابتة بطرق قطعية”، ومقالات كثيرة أتعب وأنا أعد. فمقالاتي كثيرة في هذا الباب، لكن هذه أقوى شيء.

الفئة الثانية: المتأثرون بالنظريات الحديثة (العلمانيون ونحوهم)

تقديم النظريات على السنة

طيب في فئة أخرى وقعت في هذا الإشكال، إشكال يعني أنها كأنها لا تؤمن بالرسول ﷺ؟ نعم، في فئة نراهم اليوم، الجماعة العلمانيين وغيرهم، الذي هو إيش يعني، ما الذي يفعله؟ يجعل السنة تابعة. يعني يبدأ يقرأ في نظريات سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذه النظريات يكون منها فكرة، ثم بعد ذلك إذا السنة خالفت هذا لا يقبلها. يقول أنا لا أقبل السنة، هذا يخالف العقل. هو يعني الآن النبي لا عقل عنده؟ العلماء لا عقل عندهم؟ هذا يخالف عقلك أنت. عقلك أنت كيف بنيته؟ بنيته وفقاً لهذه النظرية. طبعاً هو لو يعرف أن النظرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية عامة مبنية على استبعاد الدين أصلاً، فطبيعي يكون في شيء من الدين يخالفه. هي مبنية على استبعاد الدين، وعلى أننا علمانيون بكل أهدافنا في هذا العالم فقط. أنا تكلمت عليها في قصة المنار.

وتأثر بهم جماعة المتشرعين، اللي تجدهم ينكرون بعض الأحاديث. يمكن مثلاً الرجم، ينكر كذا، هو تأثر بهذه المفاهيم.

مناقشة حديث “أنتم أعلم بأمور دنياكم”

أيضاً ظهرت عندنا فئة من المتشرعين، مثلاً، وهذه أولهم ابن خلدون كان. يقول النبي لا يقبل كلامه في الأحاديث الطبية، في الأحاديث الطبية، في أحاديث الطب، لأنه هذا طب العرب. النبي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}. لما جاءه الصحابي وقال له إن أخي استطلق بطنه، فقال النبي ﷺ: “اسقه عسلاً”. فراح سقاه، قال ما حصل شيء؟ قال: “صدق الله وكذب بطن أخيك”. فذهب سقاه مرة أخرى فضبط الأمر. دائماً يستدلون بهذا الحديث: “أنتم أعلم بأمور دنياكم”.

أنت لو تسأله تقول أول شيء هذا الحديث أنت الآن كيف يعني؟ وعلى فكرة هذا الحديث يعني مع كونه في صحيح مسلم، حديث فيه كلام بهذه اللفظة أصلاً، يعني مثل الحميدي كان تكلم عليه المعلمي في الأنوار الكاشفة، يعني من زوائد الزيادات. لكن لنقف هنا وقفة. “أنتم أعلم”، أعلم ممن؟ الرسول في قضايا أخرى يتكلم باسم من؟ باسم الله عز وجل. طيب ما في أحد أعلم من الله. هذا حديثك على فهمك لو نعرضه على العقل ما… هذا أولاً.

الأمر الثاني، أمور البيع والشراء، النبي له أحكام فيها كلها. حتى أن الصحابي رافع بن خديج يقول: نهانا النبي ﷺ عن أمر لنا فيه منفعة (معاملة كانوا يتعاملون فيها). يقول: وطاعة الله ورسوله لنا أنفع. قال رافع بن خديج، حديث في صحيح مسلم.

طيب هذا الحديث، حديث “أنتم أعلموا بأمور دنياكم”، الحديث له روايات أخرى تنبه. النبي أول شيء ما جزم، قال لهم: “لو تركتموها”. ففي الرواية الأقوى ماذا يقول؟ يقول: “لا تؤاخذوني بالظن، إن حدثتكم عن الله ورسوله فخذوه”. فالنبي يقول لهم أنا هنا فقط كنت أظن ظناً، واضح من كلامي أني كنت أظن ظناً، لم أجزم. لكن أنا لو جزمت أعلم أن هذا وحي. لكن هنا أنا فقط أنبهكم. أو هذا أصلاً، أصلاً النبي فيه سنة، ليه شنو؟ التجربة. أنه مثلاً أنت لا تظل دائماً ماسك بعملية التجربة في الزراعة وغيرها وغيرها، لا تظل دائماً ماسك بسنة الأولين. حاول أحياناً أنك تجرب شيئاً جديداً لكن بنطاق ضيق. هذا الشيء الجديد إذا ما صح، أنت تأكدت أن الذي عندك سنين هو الصحيح. وإذا صح، هنا وهكذا تطورت كل العلوم. ممتازة دائماً الناس. فهذا النبي ﷺ هنا أصل سنة التجربة، جربوا غير الذي أنتم متعودون عليه. فالصحابة جربوا، لقوا التجربة مو زينة، قال خلاص ما في مشكلة.

إنكار الأحاديث الطبية وقضية الإعجاز العلمي

فيستدلون بهذا الحديث، طبعاً من المعاصرين يوسف القرضاوي وغيره وغيره، في الأحاديث الطبية لا يقبلونها. وسبحان الله جماعة الإعجاز العلمي يردون عليهم. يعني الآن مثل الإعجاز العظيم هذا، قصة أن الجسم فيه ثلاثمائة وستين مفصلاً. هذا كتبوا فيه الآن الجماعة الإعجازيين، وفعلاً في بحث يعني حتى نشروا البحث، راجعته. هذه خلاص حقيقة قطعية. طيب والنبي عدهن خلص، ما أنا دارس، ما كانت هذه القصة اللي قريب معروفة أيام ما كنت أنا طالب في الكلية، ترى ما كانت ثابتة، كانت شنو؟ الآن خلاص. جو الجماعة الملاحدة قالت لا هو كان جابها من الصينيين. أو طبعاً الصينيين فعلاً عندهم هذه القصة، الصينيين يمكن بقايا وحي فيهم. طيب هو الحين اللي بيعرف صيني ويعرف عربي ويعرف علوم يهود والنصارى؟ يعني الحين تونا يلا عرفناها الحين؟ هو الحين هذاك ذاك الوقت يلا… عموماً لا هي إعجاز. فهذا أيضاً يرد عليهم.

أهمية التسليم للنصوص

لكن ينبغي أن نتعلم هذا الأمر، أننا نسلم، لا ننتظر حتى نرى الأمر بأعيننا. مثل قصة الذبابة، مثل قصة حتى سؤر الكلب. الآن ظهر فعلاً، يعني ذاك اليوم نشرت أنا خبراً في قناتي، وحدة خلاص بسبب الكلاب تجرثمت وقطعوا يديها وكذا. لكن حنا، نحن لا ينبغي أن نبقى منتظرين أنه تعطينا مراكز الأبحاث الغربية رخصة عشان نصدق النبي ﷺ. لا، بالعكس، حنا ينبغي أن نعكس الموضوع. أنتم هذه التجربة شيء ظني، اليوم تقولون كلاماً، بكرة تقولون غيره، بكرة… هذا حنا مستيقنون أنه من الله. فنقول يا الله، الله يوفقكم أنتم اشتغلوا وراح تجيبون النتيجة. حتى بعض وين تبي تنطر عشان تقولون هذا إعجاز؟ طيب لو طلعت النتيجة من عندنا راح تقولون أنتم سويتوها عشان حديث رسولكم.

طيب هذه فئة ثانية، الحداثيين.

الفئة الثالثة: الإيمان الاسمي دون العمل (الأعراب ونحوهم)

واقع الإهمال للسنة

في فئة ثالثة اللي الشيخ أصلاً كتبها لهم، وهم البدو الأعراب. اللي هو يجيك، مسلم؟ إيه، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. شنو أنت، شنو وضعك في حياتك؟ أبد، مثل أهلي. ما في، ما يطلب سنة رسول الله؟ ما يعرف عنها شيئاً؟ ها؟ مثل آباءنا؟ ما في، ما عندنا شيء. فهو هذا مؤمن لفظياً، لكنه ما له واقع، هذا الإيمان ليس له واقع. هو لا يطلب، حتى لو عرف. يعني مثلاً كان عندهم القصة المشهورة أنهم لا يورثون البنات. وتقول لهم هذا حكم الله، هذا كذا. الآن حتى في صعيد مصر لا يورثون البنات ويرونه عيباً ويرونه أمراً مشيناً. هذا الحين القرآن، فما بالك بالسنة؟

فهو إيمانه بالرسول ﷺ مثل إيمان النصراني البروتستانتي، أنه مؤمن أن المسيح كذا، لكن أنا ما لي علاقة، ما أطلب حكمه ولا أرضى بشيء منه، ولا أحكم على نفسي به، بل بالعكس أحكم بغير حكمه وأقدم هذا وأثني عليه وأعظمه.

ما هو الآن عامة النظريات لما يجي يقول لك يا أخي حنا خلينا نجتمع، خلينا نجلس ونحدد إيش الأفضل؟ غير الديموقراطية، حلوة. خلينا نجتمع ونسوي الحال، حنا عندنا عرس ديموقراطي غير، ونحدد المصلحة وتشوف، ونشوف كل واحد عنده مصلحة مختلفة عن الآخر وكل واحد كذا. طيب تقول له كلمة المجدد: “لم يتركنا هملاً”. في أمور مصالح، أهلاً وسهلاً. لكن في أمور كبرى ما تحتاج أننا نتناقش فيها، في حكم للرسول ﷺ.

يعني الآن مثلاً كفار غربيين مختلفين بحكم الدعارة مثلاً. في دول تمنع، تشوفه لا ما يصير، سوء. في دول إنت عادي، مثل ألمانيا. في دول تفصل، يقول لك شراء الخدمات الجنسية غير بيعها عفواً. هذولا ليش؟ لأنهم عايشين هملاً. ما عنده حكم من رسول ولا من نبي. فظلت آراؤهم. ناس مع حكومة مع عقوبة الإعدام، وناس ضد عقوبة الإعدام. ليش؟ هو هملاً، ما أعرف أنا شنو؟ الحين مثل هذا الرسوم المسيئة وغيرها، ناس تقول حرية رأي، ناس تقول لا مو حرية رأي. عندهم هملاً، ما عنده ثوابت. إيه، ثوابت هم حتى…

بالشريعة؟ يلا معكم، شنو يعني؟ بأي مذهب؟ يعني أساساً شبهة؟ أي مذهب، شافعي، حنبلي، حنفي؟ طيب هذولا متفقين بثوابت كثيرة، المتفقين عليها. هذه حيلة العلماني: نحكم بأي مذهب؟ يلا ما نحكم بمذهب. وأنت شنو؟ أنت مذهب بعد؟ أنت ترى الزنا عادي، هم كلهم يرونه حراماً. يعني أنت عشان أنتم مختلفين، أنتم شيعة وسنة وإباضية، على أساس أنه ما له دخل. وهالبنات ذي، والدين، وعلمانيين، أنتم شيعة وسنة وإباضية وما أدري شنو. وش الحل؟ الحل، شفتوا القصة اللي اتفقتوا عليها؟ أنا أخالفكم فيها وخل أحكم فيها أنا. أنتم تمنعوني هنا؟ أنا أبي أُحل هنا. هالشكل أنا حليت كل مشاكلكم. يعني هذه اللعبة قاعد يلعبونها على الناس هذا كثير، هذا اللي يطلع في وسائل الإعلام خلاص. لكن الواقع إيش؟ أنه هملاً. يعني حنا معتقدين أنها… فين نحط قيم؟ وقيم كثيرة يعني مثل الناوية، ميكافيلية، مش عارف إيه. يعني جاك واحد مثل الميكافيلي قال لك، خسارة شنو؟ إيه تقول له طيبة وسخاء كلام فاضي. من ينتصر دائماً؟ ينتصر القساة البخلاء. من صدقكم أنتم؟ كلام فاضي هذا. هذه فكرة أقنعت ناس وايد. طلعت فاشية ونازية وسوت حرب عالمية. والفكرة أنت خلاص؟ بعثت الرسالة؟ إيه والله. يعني الحين مثلاً لو يجي واحد يشوف على اللي حصل بمصر، اوكي والله. جاهم هذا ذبحهم كذا، سجنهم، دخلهم السجن كذا. هذا الحين صار له حاكم عشر سنين. إيه صح، كلامه صحيح. هذا من زمان أفلاطون تناقش، يقول أي أخلاق؟ كلام فاضي هذا. أفلاطون يقول له لا الأخلاق ولا… قال الحين الخلوقين مو صحيح، لا لا. إيه كلام فاضي. الحق دائماً ينتصر ولا شيء؟ ها؟ هذه بس بالرسوم المتحركة. فآخر شيء أفلاطون قال آخر شيء أفلاطون يوم ابتلش قال في آخرة. في آخرة، في آخرة في شيء، وحنا في الآخرة تصير الأمور، ظبطت الشكل. إيه.

فهو هذا. ففي ناس تقول لك أنا مؤمن بالرسول، بعضهم يروح يسوي مولد، بعضهم كذا، لكن واقع حياته نهائياً… طبعاً ما نقول حنا كل إنسان لا يتعلم أمور دينه أو كل إنسان يخالف أمر الرسول ﷺ يعد يعني كافراً، لا لا لا. لكن في إنسان خلاص يحكم بالأحكام ولا يلتزم السنة حتى في الأمور الضرورية، ويفضل هذه الأحكام ويثني عليها ويعظمها. هذا في إنسان عنده إهمال.

التناقض بين الإقرار وطلب الحكم الشرعي

لكن لو عرفوا الحكم؟ الآن مثلاً شوف قصة برامج الفتاوى. شوف هذا برامج الفتاوى أو هذا تدلك يعني إيش أنا مؤمن بالرسول؟ تيجي إنسان مرت عليه مسألة، يدق على الشيخ: شيخ لو سمحت عندي الموضوع الفلاني، أريد يعني حلال ولا حرام؟ هذا الآن هو يطلب حكم الرسول. ما له دخل، قانوناً مو مقيده بشيء. لهذا هو عنده خيارين، يقدر يفعل، يقدر لا يفعل. وأذكر حادثة لهذا أنت لا يستهان بهذا الأمر وبهذه العاطفة عند الناس. مو لأنه والله حنا مثلاً ما تحكمنا الشريعة يعني ننظر نظرة تشاؤمية. لأن كثير من الناس فعلاً فيها خير.

قصص تاريخية توضيحية

قصة الإمام السمعاني والأعراب

أختم بهذه القصة الطريفة أبو المظفر السمعاني رحمه الله، اللي هو متوفى في المائة الخامسة، الفقيه الشافعي الكبير (عشان صاحبنا الشافعي). هو كان حنفياً وصار شافعياً، صار شافعياً سلفياً. له كتاب في التفسير مطبوع، شيء سلفي. كان حنفياً، معتزلي. ممكن يكون ماتريدي، وسموه معتزلي. الأشاعرة يسمونهم المعتزلة أحياناً. له حفيده السمعاني صاحب الأنساب. لا، كتاب له، أفضل كتاب في أصول فقه الشافعية: قواطع الأدلة. يعني بشهادة الأشعرية أنفسهم، السبكي يقول ما ألف مثله. الكتاب مطبوع وأنا أنصح به دائماً. الكتاب فيه ثلاث مجلدات عظيم. ما فيه مشاكل المتكلمين، يرد عليهم باستمرار. هو بس بالتحسين والتقبيح عنده شيء، لكن يرد هو، شرشح الجويني في الكتاب. يعني شرشح الجويني ما قصر رحمة الله عليه.

هذا السمعاني راح الحج. حج ذاك الوقت الطريق… هو تميمي لكنه كان عايشاً في نيسابور فمع الفرصة فراح الحج فطلعوا عليه الأعراب. إيه من ذاك الوقت. خذوه خطفوه وكذا، وخذوا فلوسه وخذوا اللي معه وخذوا كل شيء وخلوه يخدمهم.

فشيخ القبيلة، شيخ العرب كان يبي يتزوج، هو توه قاطع طريق عليها. فقال شوفوا لنا مُلَّاً يزوجنا. الله إيه. فقالوا له هذا الشيخ مُلَّا، هذا إمام هذا ها، سارقينه إيه. قال هذا مُلَّا وإمام؟ قال والله؟ قال إيه جيبه. يتكلم عربي؟ قال تكلم عربي. هلا هلا ومرحبا هلا والله. هلا المُلَّا ها يوم… آسفين والله وكذا. نبيك تمَلِّك لنا بس. إيه. وراح حج كمل اللي بعدين. بعدين لازم أخلص الموضوع معاكم.

قصة الشريف غالب وقبيلة سبيع

أيام الدولة قبل قيام الدولة الثالثة، قبل قيام الدولة الثالثة كان في واحد يقال له الشريف غالب. في قراءتي في كتاب اسمه “حزام لإخوان”، راح لقبيلة سبيع في ديرتهم، كان ذاك الوقت قبيلة سبيع منتشرة فيهم الدعوة، والله التوحيد. إيه ما شاء الله عليكم. كانت منتشرة فيهم الدعوة، فجاؤوا للشريف وقالوا له: نبي لنا شيخ يحكم فينا بالشريعة. قال: لا، تحكمون بسلوم آبائكم. أحد الأشراف يعني.

مع أنه الأشراف أنواع، يعني الشريف حسين اللي ثار على الدولة العثمانية كان فيه نوع تدين، كان صوفياً هو. وفيه أشراف تبع الدعوة، وفيه أشراف كذا، بس عشان يعني ما يزعلون بعض الأشراف. حتى في أشراف كانوا مع عبد العزيز. في وقت من الأوقات عبد العزيز يوم مسك نجداً قبل لا يمسك الحجاز، كان الحجاز عند الشريف ونجد عند عبد العزيز. فكان في عوائل من الأشراف يروحون لعبد العزيز يقولون حنا سلفيين، يعطيهم هو. يروحون للشريف: أشراف عيال عمك، يعطيهم. كانوا ياخذون مني. إيه، والازدواجية إيه. ياخذون من هذا على أنه سلفي، وياخذون من هذا على المذهب. يا سلام.

هذا وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


مقدمة المجلس الثالث

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.

فهذا هو المجلس الثالث من التعليق على ثلاثة الأصول. تنبيه قبل أن نسير: هذا المتن كثيراً ما شرح، والذي نحاول أن نطرحه في هذا الشرح هو تقريب معانيه للشباب، معانٍ لم ينبه عليها الشراح في العادة. لأن أي شاب بإمكانه أن يشتري شرحاً من الشروح الكثيرة والمتوفرة. فلهذا السبب هناك أمور لا تذكر اتكالاً على أن عامة الشراح يذكرونها. وهناك أمور تذكر، لا من ناحية الاستعراض أو كذا، وإنما من ناحية إيصال أفكار نرى أن الشباب اليوم بحاجة كبيرة إليها. وهي هذه الفكرة يعني: قراءة هذه المتون قراءة تتناسب مع النوازل الموجودة اليوم.

المسألة الثانية: بطلان الشرك وأن الله لا يرضاه

يقول المصنف رحمه الله بعد ما ذكر هذه المسائل الثلاثة:

الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. والدليل قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.

سياق كلام المصنف

فهذه المسألة، لأن الشيخ كانوا يقولون له إذا نهاهم مثلاً عن عبادة الأصنام، عن عبادة الأولياء وكذا، يقولون هؤلاء أولياء الله، هؤلاء كذا، يظنون أن هذا هو الفارق بينهم وبين عباد الأوثان. فكان أقصر طريق يجيب به أن مثل هذا منهي عنه مطلقاً.

هناك آيات أيضاً: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا}. الملائكة يقال لهم يوم القيامة: {أَهَٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}. قالوا: {سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ}.

وهذه شبهة دارجة حقيقة في كتب المخالفين. وأحياناً، أحياناً تكون الشبهة دارجة ومنتشرة بين العوام، يحتاج العالم أن ينبه عليها، وإن كان مأخذها قريباً بالنسبة للناس الذين عندهم علم. فكان هذا أول طريق يدفع به هذا الأمر: النصوص العامة.

وثاني طريق النصوص الخاصة: {أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ}. فكثير من الناس يقولون لك: الشهداء أحياء عند ربهم، هؤلاء أولياء، هؤلاء لهم مكانة عند الله. فهل ثاني طريقة طريق النصوص الخاصة التي نصت على الأنبياء: {قُل لَّا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}.

الطريق الثالث: التنبيه على أن الأصنام أصلاً كانت رموزاً عن رجال صالحين. ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر. إيش قصتهم؟ رجال صالحون. عظموا عظموا، فصوروا صورهم كما في خبر ابن عباس في صحيح الإمام البخاري معلقاً. أما أنهم كانوا، قال جاءهم الشيطان فقال لهم: صوروا صوراً لهؤلاء حتى ترونهم وتتذكروا عبادتهم. حتى لما مات هؤلاء ونُسي العلم اتخذهم عددهم الناس آلهة.

وهذا الطريق المشهور، حتى المسيح عليه الصلاة والسلام كانت بداية عبادته من هذا الباب. وأيضاً اللات كان يلت السويق للحاج، فكان رجلاً صالحاً فيما يرون، وعبدوه.

وأحياناً قد يعبدون الطالح كما عُبد إساف ونائلة، رجل وامرأة زنيا في الحجر فمُسخا حجرين، فَعُبِدا. وفي أزمنة متأخرة يعبدون الإنسان يقولون هذا كذا هذا من أولياء الله. وأحياناً يكون هذا الرجل أصلاً مختلفاً فيه أو كثير من الناس مثل ابن عربي مثلاً. قبره يعبد اليوم. نبه المجدد على هذا في “الدرر السنية” قال هذا رجل يعني كان من أكفر أهل الأرض. وهو يعبدونه إلى يومنا هذا ويستغيثون به. أيضاً مثلاً شخصيات مثيرة للجدل وعليها خلاف كثير، وحتى وصل في بعض الناس الحديث عن أصل وجودها، مثل شخصية البدوي مثلاً. لكن المهم أنه لا يجوز هذا.

أثر الأمم الأخرى في الشرك

وحقيقة أصل الإشراك من تأثرنا بالأمم الأخرى. كما أن الجهمية تأثرت باليونان في الصفات، فإن اليونان كانوا يعبدون أوثاناً. تعرف قصص الوثنية، هرقل، مش عارف إيه. هؤلاء ما هم؟ هؤلاء اليونان لا يعتقدون أنهم آلهة خالقين. بل يقرون أنهم كانوا في يوم من الأيام بشراً يمشون على الأرض. ولكن يقولون إن هؤلاء بلغوا رتبة لما ماتوا، بلغوا رتبة الإلهية، صعدوا حتى وصلوا إلى رتبة الإله.

وهذا ما يعبر عنه بعض الصوفية أن الولي كالسيف في غمده، فإذا مات خرج. هكذا يقولون. فهؤلاء يصيرون آلهة، يصيرون آلهة. فالناس هم يعبدونهم ويدعونهم. هذا أيضاً انتقل إلينا، انتقل إلى أمتنا.

العلاقة بين تعطيل الصفات والشرك

فالتعطيل والكفر بصفات الله يؤدي إلى عبادة الأولياء وغيرهم. فإن كما يقول ابن تيمية رحمه الله: يقول من لا يثبت لله عز وجل صفات الأفعال لا يتعبد له حق التعبد. لا تُثبت إلهية الله والمحبة.

يعني أنت الآن مثلاً، الله غفور رحيم عفو إلى آخر هذه الأمور. يحب ويُحَب، يبغض، إلى آخره. تتفاعل في العبادة هنا. لكنك إذا كل ما جئت تريد أن تتأله له، تعتقد أنه رحيم وتطلب رحمته وإلى آخره، اصطدمت بالتعطيل. فقيل لك لا، هذا تجسيم، هذا كذا.

لهذا مثلاً خالد القسري لما قتل جعد ابن درهم، قال: قال إنه لم يتخذ، إنه قال لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولا كلم موسى تكليماً. ترى هذا أثقل شيء على نفوس الناس. لأنه، لأن الله عز وجل كلامه، كلامه رسالته وحيه. هذه الأمور إذا نؤمن أن هذا كلامه في الأرض وأنه يخاطبنا، هذا أعظم مظاهر رحمته. ثم إذا عملنا بكلامه، ما الذي سيحصل؟ ننتقل إلى محبته، إلى الخلة. يصير بيننا وبينه محبة سبحانه وتعالى. ونرجو أن يتوج هذا يوم القيامة برؤيته سبحانه وتعالى وبجواره في الجنان.

لما هذه المعاني كلها تذهب، أنت لا زالت فيك فطرة العبودية. فأين تذهب؟ للأولياء الصالحين، تثبت لهم أسماء وصفات وكذا. طيب، بعضهم يقول: والله شوف، نحن نطلب منه الدعاء، نحن لا ندعوه بشكل مباشر، نحن نطلب منه الدعاء. هو في الواقع أنت تدعوه، أنت تضحك على من؟ أنت تقول يا فلان… وحتى طلب الدعاء، على التفصيل في موضوع طلب الدعاء لا نريد أن نشرحه هنا.

طيب الملائكة عندها نص في القرآن أنهم يستغفرون لنا. هذا الاستغفار لا يزيد بالطلب كما يقول ابن تيمية. هل كان الصحابة والتابعين كل شوي يقول: يا رب يا ملائكة يا ملائكة؟ الله أقرب إلينا ويسمعنا.

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.

دلالة “أحدا” على العموم

طبعاً الآية هذه في البناء الأصولي المعروف يقول لك: النكرة في سياق النهي تفيد العموم. وهذا يعرفه العربي. {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}. خلاص كل أحد.

اليوم مثلاً تدخل مسجداً، تجد مكتوباً، يعني مثل مساجد الشيعة الإمامية، مكتوب فيها “يا حسين”. طيب في المساجد ولا لا؟ لماذا؟ يا حسين.

معنى “المساجد”

طبعاً “المساجد” هل هي مواطن السجود أم الأعضاء التي يسجد عليها؟ هذا يدل على هذا المعنى. والأرض أصلاً جُعلت مسجداً وطهوراً. فليس معناها أنه يجوز في المساجد ولا يجوز في غيرها لا. لا يجوز في كل مكان. لكن هو هذا المقصود يعني أنه العبادة هذه لا تكون إلا لله في كل حال.

تركيز المصنف على الدعاء والاستغاثة

وذكر المجدد قصة الدعاء، يعني وضع الاستغاثة تقريباً أكثر موضوع، اللي هو للدعاء، موضوع الاستغاثة. هذا أكثر موضوع، سبحان الله، أهل البدع شوشوا فيه. ممكن تجد أن عندهم تحفظاً عن الذبح لغير الله، عن النذر لغير الله، لكن في الاستغاثة تجده يشوش. مع أنه الباب واحد لمن يتدبر.

الاستدلال على صفات الله بالاستعاذة والدعاء (الرد على الجهمية)

ولهذا مثلاً ما يدل على اتصال، اتصاله بـ… أن السلف كان ما نحتج به على الجهمية، يحتج به ابن حماد وغيرهم وغيرهم كثير. حديث: “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”. وقالوا: لا يُستعاذ بمخلوق. فدل على أن القرآن كلام الله غير مخلوق.

ولهذا الإمام أحمد لما استدل بالآيات يرد بها على الجهمية بقول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا}. يعني يقول للجهمية: لو كانت أسماء الله مخلوقة - لأن الجهمية صاروا يعتقدون أن أسماء الله مخلوقة. لماذا يعتقدون أنها مخلوقة؟ لأنه أول من تكلم بالقرآن مخلوق، فهي نشأت من مخلوق، الله لا يتكلم. فيقول أحمد: أنت إذاً، نحن هكذا سندعو المخلوقات. الرحمن الرحيم هذا مخلوق ليس ليس الله. وهذه عقيدة اليونان أن الإله الأعظم أسماؤه لا تذكر.

لهذا الشافعي كان يقول إن من قال أسماء الله مخلوقة فهو كافر. ويقول وكان يقول خلف بن هشام البزار، كما في شرح أصول السنة للالكائي: هذا أعظم من الكفر. يعني الناس تدعو مخلوقاً. وهذا الآن مذهب الإمامية. لهذا مثل الشيعة، عندهم روايات يقولون، الشيعة الإمامية يقولون إن الأئمة أسماء الله. أيوا. فإذا الأئمة أسماء الله، فأنت تدعو الأئمة فما في مشكلة. شفت كيف الانحرافات العقدية شيء يجيب شيئاً؟

مذهب الماتريدية في خلق الأسماء الحسنى ونقده

وسبحان الله من الأمور الفظيعة أن الماتريدية اليوم، اللي هم جُمهرة الأحناف، يقولون بخلق أسماء الله الحسنى. كما ذكر ذلك ووثقه الشيخ شمس الأفغاني في كتابه “عداء الماتريدية للعقيدة السلفية”. وهنا أنت تتعجب الآن. يعني هؤلاء الذين يقولون إن أسماء الله مخلوقة، والذين خالفوا مذهب السلف، وقالوا بالمقالة التي كان يكفر بها السلف، معروفين أحمد والشافعي. كيف يمكن أن يُعدوا من أهل السنة؟ وكيف يمكن أن يتسامح معهم؟ وكيف يمكن أن يقال إن هذا المذهب، يعني الآن المذهب بصفته الأخيرة الآن التي استقروا عليها، أن هذا مذهب معتبر؟ هذا والله شيء عظيم.

سبحان الله، كيف مخلوقة واليمين ينعقد بها؟ مثلاً يعني. سبحان الله. فيعني أحلف بمخلوق يعني؟ ولا منعقد شيء؟ غريب والله. وتجد مذهبهم يقولون: اليمين لا تنعقد. من تناقضهم يقول: اليمين لا تنعقد بالحلف بالقرآن، لأنهم يقولون بخلق القرآن. سبحان الله.

المسألة الثالثة: وجوب البراءة من المشركين (الولاء والبراء)

المسألة الثالثة يقول المصنف: أن من أطاع الرسول ووحد الله، لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب. والدليل قوله تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

إشكالية الولاء والبراء في العصر الحديث

هذه المسألة من أعظم المسائل، ممكن تسبب إشكالاً في زماننا هذا، موضوع الولاء والبراء. إيش الولاء والبراء؟

مزاحمة مفاهيم الوطنية والإنسانية

أولاً لمزاحمتها لمعاني أخرى، يعني مثل معنى الوطنية، مثل معنى الإنسانية. والناس لا يدرون أن هذه المعاني هي أديان، بدليل أنها تزاحم الولاء والبراء الديني. يعني لو لم تكن ديناً. الآن مثلاً عندنا في فرنسا، هذا يقول قيم الجمهورية فوق الله. لعنة الله عليه. الله أعلى وأجل. يقال له: أنت الآن ما وضعت نفسك أمام الله إلا لأنك دين، لأنك عقيدة. إذاً أنت لست شيئاً محايداً.

نقد اعتبار هذه المفاهيم ديانات بديلة

أولاً هل يمكن أن يوجد أصلاً؟ هل يمكن عقلاً هكذا؟ أن يوجد صاحب عقيدة لا يوالي ولا يعادي؟ لا طبعاً. لماذا؟ لأن كل فئة، كل فئة من الناس، كل فئة من الناس تجتمع على عقيدة معينة أو على هدف معين، لابد لكي تخدم هدفها لابد أن إيش؟ يكون هناك نوع من الولاء بين أفرادها والبراء من الآخرين.

يعني الحين مثلاً حنا مباراة كورة. حنا فريقين، هذا فريق وهذا فريق. وهدفنا أننا نفوز ونسجل هدفاً. ما يصير أنه أنت تجي تباصي للطرف الثاني. ما يصير. ها؟ لابد أنه فريقك تعرف هذا. ما في إنسان يقدر. ما تستطيع. لأنهم أهداف مختلفة ولابد أنك تحط لنفسك منظومة معينة، وهذه المنظومة تبدأ ترى من يوافقك عليها فتندمج معهم، ثم بعد ذلك يبدأ يصير إيش؟ نوع من الأنواع، من نوع من أنواع التعاون حتى لو لم يكن منسقاً يعني. لكن في النهاية هدف واحد يصب في مصب واحد. فرغماً عن أنفك أنت موالٍ لمن هو على عقيدتك، لأنك تعمل في نفس السياق الذي هو يسير عليه. هذا إلا إن شئت أن تعيش حياة لا علاقة لها بعقيدتك. ما في.

قديماً أئمة الحديث ما كان يعرف بعضهم بعضاً. وكان هذا يرحل وهذا يرحل وهذا يرحل، وهذا يعلم الناس الحديث وهذا يعلم الناس الحديث وهذا يعلم الناس الحديث. فبعدين تجد العملية وكأنهم اجتمعوا ووضعوا خطة. تجد كل الناس مثلاً اللي يقرأ البخاري بعدين يروح يقرأ مسلماً بعدين يروح يقرأ النسائي، يجمع مجهوداتهم وكذا. فلماذا؟ لأنه هذا كلهم زرعوا الفكرة نفسها في قلوب الناس من حديث رسول الله وهكذا يا جماعة بدون أي تنسيق.

الآن مثلاً حتى في البلدان، في الأوطان. الآن يقول لك اخدم وطنك. قل لهم أريد أن أذهب أخدم في بلد آخر. يقول لك لا، لابد أن تخدم في بلدك، في وطني، في منظومة هذا البلد. يعني هل يصح مثلاً أن تكون في بلد وتدفع الضرائب لبلد آخر؟ لا، ما هي هذه.

دفع شبهات حول الولاء والبراء

طيب هذه أول فكرة. الفكرة الثانية، الناس يأتون يصورون أن الولاء والبراء يعني ضرورة، أن الولاء والبراء يعني ضرورة أنك تقاتل الناس الآخرين. إيه، أو أنه كذا. هو في الواقع أن الناس الآخرين أنواع. فنحن مثلاً عندنا أهل ذمة، عندنا كذا، هناك معاهد، هناك… لكنك أنت ساعٍ.

التعايش والرحمة الحقيقية

يطرحون فكرة التعايش. ما المعنى بكلمة التعايش؟ معناها أنه لا يزعجك أن يكون هذا الإنسان على غير عقيدتك وعلى غير ملتك. ليس، أو أنك لا تسعى ببذل الخير له. لا، أنا إذا اعتقدت أن عقيدتي جيدة، أنا أدعوه. اهتدى لم يهتدِ، أنا لا أذهب نفسي عليه حسرات. لكن أنا ساعٍ في هذا طالما عندي نفس، أو ممكن أنا أيأس منه أذهب إلى آخر. لكن أنا أسعى، حتى لو أتعامل معه دنيوياً أتعامل معه بنفس دعوي. يعني أنا أريد أن أوصل له حسن الدين وكذا وكذا، لأني أنا أعتقد وجود آخرة. وأن الآخرة مبنية على هذا. مفهوم الولاء والبراء من أكثر المفاهيم رحمة.

بعض الناس ماذا يقول؟ لهذا اليوم مثلاً كثير من الناس يستشكل حديث عدم بداءة اليهود والنصارى بالسلام. أو اضطرارهم إلى أضيق الطريق أو غير ذلك. طيب هو هذا إذا مات سيخلد في نار جهنم. فإن مثل هذه الأمارات التي فيها براءة، فيها نوع تنبيه له على إيش؟ على أنه ترى عقيدتك مختلفة، ترى أنه كذا، هذا نحن لا نرى. طيب لا نرحم الناس بأن نتركهم على ضلالهم أصلاً، أو لا ننبههم أدنى تنبيه على هذا الإشكال. وإن كنا مثلاً ليس كل واحد منهم نستبيح دمه، بل بعضهم ربما نقاتل دونه. لا مشكلة، يكون من أهل ذمتنا فنحن نقاتل دون دمه، لا مشكلة.

بعض الناس قال لا، البراء من الذين يعادونك فقط. وهنا يقولون مثلاً الآية التي ذكرها الإمام هنا، الآية في الذين يحادون الله ورسوله. هناك آية أخرى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}. فرأيت، أو “تبروهم وتقسطوا إليهم” ليس معناه أن تعاملوهم مثل ما تعاملون المسلمين من كل وجه. نعم هم درجات، لكن ليس معناه… الله عز وجل قال: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. ترى معظم اليهود والنصارى في ذلك الزمن كانوا أهل ذمة، بل أصلاً لو لم يكونوا أهل ذمة لما نبهنا في هذه الآية عليهم. لأنه الأصل أن تُنبه على أهل الذمة، أما أهل العداء فلا تُنبه عليهم. نعم، الله عز وجل لما… لأنه هذا طبيعي. أما آية سورة الممتحنة في حاطب، فحاطب لأمر القرابة.

صور الموالاة المنهي عنها ودرجاتها

التشبه الظاهري

صور الولاء لغير المسلمين كثيرة، وليست كلها كفراً. مجرد التشبه الخارجي يعد من الموالاة المنهي عنها ألواناً. كما نبه عليه الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه في التكفير، وكما نبه عليه الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه “إرشاد الطالب إلى أهم المطالب”.

التجسس

ويعني من أقوى ما يستدل عليه في هذا الباب كلام العلماء في الجاسوسية. فإن جُمهرة العلماء أو عامة العلماء لا يرون كفر الجاسوس، حتى نقله الطحاوي وابن بطال إجماعاً على عدم القتل. وقال بعض المالكية بالقتل تعزيراً. وقال بعضهم نعامله كالزنديق. فظن بعض الناس أنه يكفر، وليس الأمر كذلك. هو أراد أنه كالزنديق بمعنى أننا لا نستتيبه.

فإن المالكية يقسمون المرتدين إلى نوعين: مرتد جاهر بردته، قال أنا يهودي أو أنا نصراني، هذا يستتاب. وهناك مرتد مستتر وهو زنديق، وهو الذي نكتشف بوسائل معينة - كما حصل مع الحلاج مثلاً - أنه يبطن الكفر وهو يظهر الإسلام. فهذا المالكية يقولون نحن نقتله مباشرة، لا نستتيبه، لأنه قد يقول أنا تبت وهو ليس تائباً لأنه من البداية كان يخدعنا. فقالوا الجاسوس إذا أردنا أن نقتله فإننا سنقتله دون أدنى استتابة. لأن بعضهم قال نستتيبه. لماذا؟ لأنه بالأساس كان يخادعنا.

وأقدم من نص على تكفير الجاسوس أحمد بن نصر الداودي وهو أشعري، من علماء القرن الرابع والخامس الهجري، وقوله هذا شاذ. وقوله هذا شاذ، وإن كان أُحيي في زماننا وصار كثير من الناس يقولون به، ولكنه قول شاذ.

بل حتى أن الإمام أحمد ذكر في هذه المسائل عن عمر بن عبد العزيز أنه جاءه جاسوس، جاسوس من أهل الإسلام وجاسوس من أهل الذمة، فقتل الذمي، والأول من المسلمين حبسه. وهذا هو المشهور.

خطورة التساهل في الولاء والبراء المعاصر

لكن هذا ليس معناه أن مسائل الولاء والبراء أمرها هين. اليوم كثير من الولاء والبراء يهدم لأجل أمر إنساني. يجيبوا لك يا أخي هل يمكن أني أصادق المسيحي النصراني بغض النظر عن دينه؟

صداقة غير المسلم “بغض النظر عن دينه”

ما في شيء اسمه بغض النظر عن دينه. لا يمكن للمسلم أن يعيش بغض النظر عن دينه. الحياة كلها هكذا. عمر بن الخطاب لما سأله، سأل ذاك، قال هل تؤاكلون اليهود والنصارى؟ قال: نعم. قال: لا تزالوا بخير ما لم تفعلوا. فما في شي اسمه بغض النظر عن دينه.

المجالسة مجانسة ولابد أن يغيرك أو تغيره.

أثر المجاورة والمخالطة (كلام ابن تيمية عن الأعياد)

ولهذا مثلاً ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم أن من أسباب التأثر بأعياد المشركين - والآن جاي أعياد المشركين - من أسباب التأثر بها مجاورتهم والتسامح معهم، ثم إن احتفالاتهم أغرت كثيراً من النساء والأطفال أن يشاركوا فيها. وكثير من الأمور والبلاء انتقلت إلينا من اليونان أو من الهنود أو من كذا أو أو أو. فلابد أن تفهم.

نقد الثقافة الإنسانوية المجردة عن الدين

فاليوم هم عندهم ثقافة عامة. فتقول بغض النظر عن دينه، هو أنت صار دينك إنسانَوِيّاً. يجرد الإنسان عن عقيدته ويعامله بعيداً عن عقيدته. احنا لو إنسان يسب أباك أو يسب أمك أو يسب… لن تقل بغض النظر عنهم. بطبيعة الحال المسألة لابد.

واليوم كم موضوع التعايش ونعيش، وسنة وشيعة، وكرد وعرب. مع كرد وعرب نعم، لكن على أساس الاتحاد العقدي. ففي العقيدة يوجد نعم مؤاخاة.

وهذه العقيدة هكذا، والنظام يوجد مؤاخاة بين العربي والتركي والكردي والفارسي والهندي والأوروبي وكل الناس على أساس عقيدة. توسعها من جانب، لكن ضيقها من جانب أيضاً. أما أخوك وابن عمك إذا كان على غير الإسلام، لا، لا يدخل. مثل ما قال ذاك مصعب بن عمير لأخيه، قال: هذا أخي من دونك، على الأنصاري.

فهو الدين جاء لإعادة هيكلة هذه الحياة، أننا لا نستسلم لمجرد القضية الجينية أو القضية المصلحية المالية أو العلاقات الشهوانية الجنسية. كثير منهم…

قضية الزواج من الكتابيات

طيب يجي واحد يوجد إشكال: طيب ليش نتزوج اليهودية والنصرانية؟ لماذا؟ اليهودية والنصرانية… هذا إشكال دارج. الزواج من اليهودية والنصرانية وأنت تقول يعني ملعونة.

الحكمة والشروط

أقول لك هذا استثناء للمصلحة. بدليل أنه ما نزوج حنا اليهودي والنصراني. ولا نتزوج الوثنية. اليهودية والنصرانية، مو أي يهودية ونصرانية. لازم العفيفة. هذه الفوائد لمصلحة الدين والعقيدة، شف كيف لمصلحة الدين والعقيدة؟ إي نعم. أولاً لأنها مطموع باتباعها لهذا الرجل، لأن هذا صاحبة كتاب وعفيفة. ثانياً هذه يصل رحمها. في تكثير المسلمين. فلهذه المصالح العامة.

كراهة الزواج بهن في ديارهن

ولهذا في الشريعة وُضع لها مجموعة من الشروط بحيث ينضبط الأمر. لهذا عامة الفقهاء يكرهون أن تتزوج يهودية ونصرانية في بلادها. لماذا؟ لأن البلاد قد يغلبونك عليها. إيه، يغلبونك على أولادهم وقد يغلبونك وقد تغلب على عاداتهم بحيث أنهم يكون عندهم تقديس وأشياء وأمور من هذه، ثم بعد ذلك يعني ما تستطيع أنك تنازع فيها.

الغلو والجفاء في الولاء والبراء

فهذه أصول محكمة كبيرة. موضوع الولاء والبراء يوجد غلاة يوجد جفاة.

الآن يوجد ولاء وبراء ضيق أيضاً. يعني للمعلومية. الولاء والبراء درجات. فمثلاً الإنسان المسلم بيني وبينه درجة من درجات الولاء. على الأقل أنا أصلي عليه، أترحم عليه، أسلم عليه، أرد عليه السلام، إلى آخره. نجتمع أنا وهو ضد الكافر. ممكن حتى أنا والكافر في بلدنا نجتمع ضد كافر آخر معتدي. بسيطة يعني هذه، صارت عادي. لكن في درجة من الولاء هذا قد ينقص بسبب فسقه.

قد يهجر بسبب فسقه، مجاهرته، بسبب بدعته قد يهجر. البدعة نفسها درجات، لا نريد أن نتكلم في هذا. كون الإنسان مبتدعاً هذه الدرجات أيضاً. ولكن يبقى، الحسن البصري قال عن رجل خارجي في مصلى النبي، قال رجل خارجي يعطي درجات. خارجي مات نصلي عليه ولا نصلي عليه؟ قال: أخرج؟ شف لو خرج؟ يعني هذا معناته أنه وصل مرحلة متقدمة. قال: لا. قال: صلوا عليه فإن لا إله إلا الله أملك به من بدعته. ففيها درجات مرات. أو اللي ترك الصلاة على مبتدع لما هو كان عالماً ومنظوراً إليه إلى آخر ذلك.

موالاة المخالف في المشروع الحركي ومعاداة الموافق في العقيدة

فهذه مسائل، مسائل الولاء والبراء درجات. كثير من الناس لا يريد هذه الدرجات، يريدها درجة واحدة. إما والي كل الناس، إما عادي كل الناس. هذا غير صحيح. وكذلك الإنسان مثلاً كل ما كان الإنسان أصلح، كل ما كان الإنسان أفضل، كل ما كان الإنسان كذا. اليوم مثلاً أيضاً موضوع الولاء والبراء بدأ يستخدم استخداماً ضيقاً جداً عند كثير من التيارات. مثلاً يكون عندهم مشروع معين، مشروع حركي. هذا المشروع يهدف إلى تحقيق إنجاز دنيوي حاضر. ثم يصيرون المسلم الذي يخالفهم في العقيدة، ومعهم في المشروع الحركي، يوالونه جداً، ويؤاخونه ويثنون عليه ويعظمونه. والمسلم الذي يوافقهم في العقيدة ربما، وربما هو يخدم العقيدة أكثر منهم، ولكنه غير مقتنع بمشروعهم الحركي، تجدهم ينفرون منه ولا يقبلونه. وهذه من صور الانتكاسة في الولاء، مقلوب الولاء والبراء. وهذا أمر فاسد جداً. وهذا من أسوأ الصور الموجودة اليوم. حقيقة ينبغي للإنسان أن يحذر منها.

اللين مع الكفار والشدة على المسلمين

أيضاً هناك مقلوب ولاء وبراء. بعضهم ماذا يفعل؟ بحجة الدعوة تجده دائماً يتألف اليهود والنصارى ويظهر لهم حنا إنسانيين حنا كذا إن احنا… وتجده يغلظ جداً على أخيه الذي يرى فيه شيئاً من الشدة. نعم، أن تغلظ على قريب وتلين لبعيد سهلة. يعني هذه كعب بن مالك هُجِر، والنبي كان يجيه اليهودي النصراني يتكلم معاه. لكن هذه في أحوال معينة. لكن هذا ما تصير قاعدة مطردة عندك. قاعدة مطردة خصوصاً أنك تهين أخاك المسلم وتعادي أخاك المسلم على مسألة ذوقية. ثم اليهودي والنصراني مهما فعل أنت حاطه في مجال دعوتك. حاطه في مجال دعوتك.

وعلى العموم ممكن هذا يكون في حالة تعاملية معينة. ولكن هذا لا ينسحب حتى على الأحكام الأخروية. يموت الكافر تترحم عليه بعضهم. والمسلم يموت ولا ما نترحم عليه ولا ما له دخل فيه. الولاء والبراء له درجات.

أدنى درجات الولاء والبراء العقائدي

اليوم ممكن واحد يهودي أو نصراني يعمل معك وينفعك ويسوي كل حاجة. لكنه لو مات ما راح تترحم عليه، ما تصلي عليه. هذا ولاء وبراء ديني. ماذا؟ لو يجي بيتزوج بنتك ما راح تعطيه. خلاص، هذا ولاء وبراء عقائدي. أنت ممكن تتسامح في غيره، ممكن يقع منه شيء في غيره على جهة الغلط، لكن هذا ما فيه نقاش. مسلم ثاني بينك وبينه مشاكل، خلاف دنيوي كبير، ممكن يعني بينك وبينه إشكالية، تهاوشت بديوان وصار كذا، بينك وبينه إشكالية مالية. مات؟ صلي عليه، ترحم عليه. سفيان يقول إني أدعو للسلطان وأدعو لأهل البدع. عادي. هذا الولاء والبراء العقائدي.

حتى هذا يخاطب فيه كل مسلم. وحتى لو غلبت حظ نفسك مع أخيك المسلم في شيء، وغلبك حظ نفسك مع الكافر في باب، ففي مناطق خلاص هذه محظورة، خلاص لا يمكن. وهذا يظهر، وهذا أدنى تطبيق لكلام العلماء أن المسلم أنت مأمور بموالاته وإن آذاك.

كثير من الناس يفهم يعني موالاته يعني هذا أربعة وعشرين ساعة قاعد معاه. لا مو صحيح. همومه، هذا ليس صحيحاً. والكافر أنت مأمور بمعاداته وإن أحسن إليك. مأمور بمعاداته. الإحسان إليك يعني معناته بعضهم يفهم أنه لو أحسن لك عنده حاجة تدفعه؟ لا. أنك دخلت في جوار مطعم بن عدي، أبو بكر دخل في جوار ابن الدغنة. فعل أبو طالب وما حصل، ومعروف. كافأته، أعطاك شيئاً ترد له؟ لا مشكلة.

دخلوا معنا في حلف ضد كفار آخرين مثل ما حصل مع اليهود في المدينة. هذا بحث آخر. ما هذه أبحاث مصلحية ما فيها أي إشكال. لكن هذا لا يوقف، فتح عن باب الدعوة. لا يوقف عن الاستعلاء العقائدي.

التحذير من تغيير الدين أو المذهب لأجل الدنيا أو حظوظ النفس

بعض الناس هذا مع الكافر مئة بالمئة. لكن ترى مع السني والبدعي تجده مصلحياً. يمكن بعضهم يغير مذهبه. في ناس لما طغت عليه هذه الأفكار صار يغير دينه لداعي أنه والله هؤلاء أحسنوا إليه. بعضهم مذهبه في السنة والبدعة يغيره لهذا الداعي. وهذه حقوق البشر. وهذه حظوظ الناس. وهذه ترى يعني الإنسان لابد أن يتأملها من نفسه. ما في أحد منزه عنها. ما في أحد معصوم منها أن يكون عندك ميل لطرف للطرف، والله لأن ذولا أغلظوا عليك وهذولا لانوا معك.

وممكن هذه، الإنسان يتألف الناس الحين مؤلفة قلوبهم. هذا من رحمة الله. هو هم ليسوا معذورين، لكن هذه من رحمة الله أنا… لكن أيضاً الإنسان ما يجعل نفسه مركزاً. ترى الطرفان يخاطبان.

يعني طرف الداعية نخاطبه: أنت ألف الناس بقدر ما تستطيع دون أن تهين الحق أو تسقط نفسك أو لا تنصح. والطرف الثاني نقول له: شوف انتبه لنفسك. انتبه لنفسك. ترى الحق عليه نور. الحق عليه نور. لا تظن، لا تبرر لنفسك مخالفتك للحق بحجة أن فلاناً غليظ. بحجة أن فلاناً غليظ. لا. لا عذر لك عند الله ترى. كل طرف يخاطب بهذا. وعلى فكرة كثير من الناس لا يفهم هذا الخطاب الذي لكل الأطراف. يظن أنك مثلاً إذا قلت الغليظ مو عذر لك، كأنك تقصد أنك تبرر غلطته. لو قلت للطرف الآخر، لو قلت للغليظ أرنا من الخطاب وكذا، يظن أنك تبرر لذلك.

هنا قصة لطيفة حصلت مع الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، حفيد المصنف. حصلت خصومة بين حمد بن عتيق، الشيخ حمد بن عتيق من أئمة الدعوة في الدولة الثانية، وفيصل بن تركي اللي هو أمير الدولة الثانية. خصومة في قضية سياسية علمية. محمد بن عتيق أغضب جداً الأمير فيصل بن تركي. وصارت جفوة بينهما.

فعبد اللطيف آل الشيخ كتب إلى فيصل بن تركي، يعني يبين له أن حمد بن عتيق رجل فيه حرقة وحمية على الدين. وأنه كثير من الصالحين تصدر منهم عند الحرقة وعند الحمية أمور شدة. فجاب له أثر الإمام أحمد لما أظن الأمين لما قال في بعض الجهمية يقول ابن الفاعلة إن القرآن مخلوق؟ فقال أحمد: أرجو أن يغفر الله له بحميته على السنة. إيه. فأورد هذا، ولين قلب فيصل بن تركي على حمد بن عتيق. ثم أرسل لحمد بن عتيق رسالة يعظه باللين، ويعظه بسيرة أبو بكر الصديق. فترى أبو بكر الصديق تفوق على عامة الصحابة، لا بسيف ولا… في صحابة أغير وأقوم منه قتالياً كذا. لكن أبو بكر كان صفته التي لا يختلف عليها الناس أنه كان حليماً في أمر الدعوة جداً. حتى أنه أسلم على يديه عدد من العشرة المبشرين بالجنة. وكان رجلاً فاضلاً.

فموقف الشيخ عبد اللطيف، الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، موقف الشيخ عبد اللطيف - ما هو عبد اللطيف هذا اللي الآن الهيئة؟ لا واحد ثاني متقدم - الشيخ عبد اللطيف هذا موقفه موقف مثالي. هذا موقفه موقف مثالي.

اليوم نحن عندنا هذه حالة الاصطفاف. تكلم على فساد حكومة ولا على فساد شعبي؟ تتكلم على خلل في الداعي ولا خلل في المدعو؟ تتكلم في كذا أو في كذا؟ تتكلم في كذا أو في… لا، مو ممكن تدرك موطن الخلل في الطرفين. وأحياناً لا يكون طرف سليم وطرف ثاني فيه خلل تام. فهنا يكون غير مقبول، يكون غير مقبول. فقط يعني هي هذه، ولا مسائل دايماً شائكة، أنا حاولت أني أفسرها قدر المستطاع، وأقربها قدر المستطاع.

المحبة الطبيعية والولاء

طبعاً قصة المحبة الطبيعية: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ… يُوَادُّونَ…}. {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ}. المحبة الطبيعية شيء والتطبيق شيء آخر.

خصوصية الوالدين وسببها

فلهذا نحن أُمرنا بالنص. قال مثلاً الوالدان لهما خصوصية: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. هل لهم خصوصية؟ لهم خصوصية، لأن الوالدان هذان يعني هما سبب وجودك في الدنيا بعد الله عز وجل الذي هو سبب وجودك الأعلى سبحانه وتعالى، بل هو المسبب لكل الأشياء. الله عز وجل هو خالق كل شيء. أنت إذا قدرت سبب وجودك المباشر، ستكون من باب أولى تقدر… ها؟ فهي قصة الوالدين ترى هذا مقصودها. ها؟ {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}. وهذا المقصود منه.

حدود طاعة الوالدين والصحبة بالمعروف

لكن طبعاً الوالدان إذا جحدا الأعلى، أنت هنا لا تطيعهما هو. لأنه أنا أصلاً أقدركما لداعي العقائد أصلاً. {فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. قصة الوالدان، قصة الأرحام، قصة… فالواحد قصة لوحده. لكن أمراك بكفر؟ لا. البر هنا لا دخل له، ليس من المعروف. أمراك بالمعصية؟

من الأمور التي يُسأل عنها أن اليوم مثلاً تجد كثيراً من الوالدين، من كثير من الآباء والأمهات هو لا يؤمن، أو هو لا، هو متأثر بمنظومة أهداف معلمنة، منظومة رأسمالية، منظومة… ويبدأ يطلق أوامر للولد على هذا الأساس. إيوه، أو كذا أو أو هذا. ويرجح بين المصالح الفاسدة على هذا الأصل. هنا لا طاعة له. لكن هذا لا ينفي صحبتهما بالمعروف أنهما أبواه، أنهما…ما تصنع؟ وهذا كثير حقيقة يقع في بعض البلدان ويسأل عنه. لكن أيضاً، أيضاً لا تذهب نفسك حسرات.

الولاء والبراء درجات

من الأمور الهامة أنه الولاء لا يعني أنك تجبر الناس على أن يصيروا مثلك مئة بالمئة. هذه مهمة.

يعني حتى مثلاً من مظاهر الولاء التوارث. التوارث يحصل بينهم أهل الإيمان، ولا يتوارث أهل ملتين شتى. وإن كان أبوك وإن كان ابنك يعني… طيب. فهناك أصلاً في بدايات الإسلام، هذا نُسخت. كان يتوارث الصحابة بالأخوة الإيمانية. واللي ما يهاجر {مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ}. هم اللي، اللي يؤمن ولا يهاجر ما يرث من أخيه المهاجر. من الثاني. نُسخ هذا الحكم. لكن هو يدل على هذا المعنى أنه حتى المؤمنين بيناتهم درجات. المؤمن اللي هاجر غير المؤمن اللي ما هاجر. وهذا يفيدك جداً في موضوع الولاء ليس درجة واحدة. والبراء ليس درجة واحدة. بل هي درجات عدة.

وبعض الدرجات في الداخل، وربما بعضها يشتبه فيحتاج أن تستشير عالماً أو أن تفيد، أن تزيد علمك. فإن اليوم كثيراً من الناس، فإن اليوم، فإن كثيراً من الناس اليوم عندهم إشكالات عديدة في خلط بين الأبواب، في موضوع في التعامل مع الناس والتعامل مع…

وينسبونك يعني مثلاً أنت في مكان اشتددت وحققت التوحيد، ينسبونك عاد إلى… أها، إي نعم، إلى أنك يعني الحالة… لأنه دائماً يكون فيه استقطابان، في حالة سالب وفي حالة موجب هكذا يعني. مثل ما نعطيه أي حالة بالنص هم لا. أي حالة تكون يعني فيها هذه، هذه التفصيل العلمي هم لا يقبلون بوجوده. فكل شخص منهم يوهم نفسه أنك تبع الطرف الآخر. يعني الآن مثلاً، مليت أفكار. أنا ما تبنيت أفكار. يعني أنت الآن مثلاً قلنا الآن لما قلنا مثلاً إن الجاسوس الراجح أنه ما يكفر ولا يقتل. صح؟ هم. كأنك الآن، كأنك تقول الجاسوسية ما فيها شيء. بعض الناس هكذا يفهم. فتقول جاسوس خله يمشي عادي. كأنك تقول لا تعاقبه. هكذا يفهم. كثير منهم هكذا يفهم. هناك شيء تقول والله الراجح أنه ليس كفراً. كأنك تقول هذا يعني معناه لا تقاومه، لا تبغض أهله، لا يعاقب أهله إن استطعنا. هكذا يفهم.

أهمية تنمية الملكة الفقهية المتأنية

وأنا شخصياً أنا أهتم الآن يعني في هذه الدروس الابتدائية أني أنمي هذه الملكة في طلبة العلم. أنه انتبه إلى هذه الحديات. انتبه. وخصوصاً هذا التيارات الموجودة الآن، الله المستعان الله يهديهم. تيارات الحركة شغالة حدياتهم. مخلية هذه حدية في عقول الناس. والله إني تعاملت مع ناس كثير تجده فاهماً وذكياً، ثم إذا جاء يخاطبك ضمن هوى معين تبعه تجده حدياً بصورة مؤلمة. فتقول، فتقول له كذا. حتى أن كثيراً من المواضيع فتقول للإنسان يسألني فيها أقول له لو سمحت اسمعني للآخر. يا شيخ. وتجلس تتكلم تتكلم تتكلم تتكلم وتحترز وتوضع. وفي النهاية ربما تجد أنه فهمك اخطأ. ربما يفهم الخطأ. يعني خلاص الدنيا عنده هذا أو هذا فقط. لا يرى غيرهما.

هو الواقع أن الأمر يختلف، يختلف من جهات. وهذا من أكثر الأمور التي يتميز بها السلف عنا، أذهانهم واسعة جداً ويفرقون ويدركون التقسيمات ويدركون هذا كذا وهذا لهذا.

اليوم حتى كثير من الناس يمكن يرمي السلف بالتناقض. هو لا يفهم. هو لا يفهم سعة معارف السلف. حتى بعض من صار يحاكي طريقة السلف بالتفكير مثل ابن تيمية. ربما تجد من الناس من يرميه بالتناقض في بعض القضايا التي مذهبه فيها واضح. لكن كل طرف أراد، كل طرف منهم، منهما أراد أن يجعل الشيخ في سياقه هو فقط. وأقنع نفسه بهذا. فتجد اللي يأتي يبحث من بره يقول والله فعلاً هذا رجل متناقض. يبدأ كل طرف جايب له كلام. إيه. وهو، هو لا هذا ولا هذا. هو حالة وسيطية فيها درجة من الدقة العلمية والتفصيلات وغيرها.

واحد يقول لك طيب يعني صارت مو صعبة؟ أجل ليش في طلب علم؟ زين ليش في تدرج؟ أنتم جايين تدخلون في المسائل الدقيقة العلمية العالية في بدايات، أول بسم الله الرحمن الرحيم ندخل في دقائق العلم؟ إيه. طيب أنت لو ماشي في العلم وهادي وماشي على راحتك وكذا وفاهم الأمور فتفهم هذا. لكن مع الأسف.

العلم، العلم الذي نتكلم عنه الآن العلم ليس، ليس العلم ما يشترك به. ليس آلات العلم التي ربما يشترك فيها المسلم والكافر مثل اللغة. اللغة هذه آلة ليست هي حقيقة العلم. فكفار قريش كانوا أحسن ناس في اللغة، ما في مشكلة. ليس الآلة التي إن سلمنا أنها آلة سليمة يشترك فيها أيضاً المسلم والكافر مثل المنطق مثلاً. لا لا، نحن نتكلم عن العلم، العلم، علوم الكتاب والسنة وإدراك أساليبها وطريقتها في إيضاح الأمور وتفهيمها.

هذا وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


مقدمة المجلس الرابع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد. فهذا مجلس جديد في استكمال متن ثلاثة الأصول، مع أخينا أبي إسماعيل، مجلس مسافرين. وإن شاء الله تبارك وتعالى يكون فيه النفع، بعد انقطاع لانقطاع الطلبة لمشاغلهم عن المجالس.

يقول المصنف رحمه الله:

اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم، أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين. وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. ومعنى يعبدون: يوحدون. وأعظم ما أمر الله به التوحيد وهو إفراد الله تعالى بالعبادة. وأعظم ما نهى عنه الشرك، وهو دعوة غيره معه. والدليل قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.

هذه الكلمات على اختصارها وعلى وضوحها، تحتاج منا في هذه الأيام إلى وقفات.

الحنيفية ملة إبراهيم ومعنى العبادة

تعريف الحنيفية

أولاً في مصطلح الحنيفية. لو تقرأ في القرآن تفسير “حنيفاً”، في العادة يقول المتأخرون: الحنيف المائل عن الشرك. عند السلف لا، يفسرون الحنيف: المستقيم. هذا غالب. الحنيفية حين تقرأ تفاسيرها عند السلف تظهر لك مجموعة معانٍ ربما تظنها مختلفة. فتارة يقولون: موحداً، وتارة يقولون: الحج، الحنيفية الحج. وأحياناً يقول: الحنيفية الختان. ودائماً يذكرون مجموعة من العبادات.

طيب لماذا يعني؟ لماذا تخصص هذه بالذكر؟ هذه تخصص بالذكر لأنها أمور لا يفعلها إلا المتدين، لا يفعلها إلا المسلم. فمثلاً البيع والشراء يفعله عموم الناس. الزواج، عموم الناس يتزوجون. البر، الإحسان، حتى مثل الإحسان للجار، تجد كثيراً من الناس ربما بغير دين، بحثاً عن الصيت. حتى الكرم، تجد الجاهلي العربي يفعل هذا. يفعلون هذا جيداً. لكن هذه الأمور ما فعلت إلا بوحي وإلا بدين ولا تفعل عادة إلا تعبداً. لهذا الإنسان بلا دين… النبي ﷺ لما تكلم عن سنن الفطرة، ذكر أموراً تتعلق بأنك تزيل أشياء من بدنك، هذه الأشياء تخرج في البدن فما الذي يجعلك تستقذرها؟ مثلاً تقص الأظفار، يعني تحلق العانة، تغسل البراجم، تتسوك، إلى آخره، سنن الفطرة. الختان، أمر الختان هذا عجيب، يعني كيف الإنسان يخطر في باله أن يقطع قطعة من بدنه هكذا بهذه الصورة؟ كيف يخطر في باله؟ شيء مؤلم ومتعب ولماذا يفعل هذا؟ لولا أن هناك وحياً في الأمر، أمراً من الله تبارك وتعالى.

التمايز بالدين وأولوية التوحيد

فالحنيفية: التمايز. وأصل ما يتميز به الإنسان عن الآخرين أمر التوحيد والشرك أعلى الأبواب. اليوم الناس يبحثون عن أرضيات مشتركة مع الآخرين. يقولون تسامح، تعايش، نشترك معهم. قديماً الأنبياء كانوا إذا جاءوا ودعوا الناس ينظرون إلى الأمر الذي هو الخطأ عند الناس يكلمونهم عليه. يمسكون أمر التوحيد ويتحدثون عنه.

إبراهيم عليه الصلاة والسلام جاء للناس الذين يعبدون الكواكب كلمهم. جاء للناس الذين يعبدون الأصنام كلمهم. جاء للنمرود الطاغي كلمه. ما بحث عن مساحة مشتركة مع أحد. وكانت هذه هي الحنيفية: أن تعبد الله مخلصاً له الدين.

عموم الناس يعبدون الله. الكفار يعبدون الله. لكن الشأن في أن تعبده وحده سبحانه وتعالى لا تعبد معه أحداً. فيقول المصنف: “بذلك أمر الله جميع الناس”. اليوم الكثير من الناس كأن الله عز وجل ما أمر إلا نحن. الآخرون لا يريدون دعوتهم ونهيهم عن الشرك، يريدون أن يتعايشوا معهم، يريدون أن يتحدثوا عن أنهم معذورون ويتركوهم. مع أن الله عز وجل أنزل القرآن وأمرنا أن نبلغه للناس وأن نقول لهم هذا شرك هذا كذا أنتم على باطل. لا أن نأتي ونقول لهم: لديكم عادات طيبة لنتعلم منها لنستفيد منها. وأنت على دينك وأنا على ديني. إن جئت عندك أحترم عاداتك. وإن جيت عندي تحترم عاداتي. لا، ليس الأمر كذلك. تأتي وتقول للناس إنكم إن لم تؤمنوا بهذا الوحي فإنتم خالدون ومخلدون في نار جهنم، إن لم توحدوا الله تبارك وتعالى فلا نجاة ولا فوز.

معنى {إلا ليعبدون}

قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ}، لا ليصنعوا حضارة، لا ليتعايشوا، لا، {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. ويعبدون يعني: يوحدون. لأن الشرك يحبط الأعمال. فإذا عبدت الله عز وجل ثم أشركت معه فكأنك ما عبدت.

التوحيد أعظم مأمور والشرك أعظم منهي

وأعظم ما أمر الله به التوحيد. التوحيد بأنواعه الثلاثة كما ذكرنا في درس التوحيد للبخاري. بأنواعه الثلاثة. فهذا الذي هو أعظم ما أمر الله به، هذا غير قابل للتأجيل. أصلاً لو تزاحم مع غيره، غيره يؤجل لأجله. لأن هذا أعظم ما أمر الله به.

أولوية التوحيد المطلقة

الآن لو فرضنا جدلاً تعارض بناء دولة مع دعوة الناس للتوحيد، ماذا نقدم؟ عند التزاحم يقدم إيش؟ الأعظم. اليس كذلك؟ الآن المسلم وقديماً يذهبون للجهاد. الصلاة تؤخر؟ ما تؤخر. الصلاة اللي هي في حديث معاذ مر معنا أنه بعد التوحيد يؤمر بالصلاة. الله عز وجل في الجهاد ما… وفي الجهاد هذا الآن عز بناء الأمة، عز النصر على الكفار، الصلاة ما تؤخر، صلاة الخوف. غير قابل للتأجيل. نجمع بين الصلاتين ممكن. لكن صلاة تسقط؟ لا. الآن لو تركتها لفكر بعض الناس ممكن يسقط الصلاة. يقول لك يا أخي حنا في جهاد، نحن في نصرة الإسلام، ليش نصلي؟ بدال ما نصلي نتدرب، بدال ما أصلي نضرب العدو. ليش هذا الوقت يروح؟ صح ولا لا؟ لكن لا. {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ}. هي أصلاً أنت تمكينك لأجل هذا التوحيد. فعلى أي أساس أنت الله يبارك فيك تبي تلغي الصلاة؟ نهائياً ما في. السفر يخفف عنك نصف الصلاة، تجمع، أهلاً وسهلاً. لكن ما تلغى.

فما بالك بإيش؟ بالتوحيد. التوحيد إذاً لا يؤجل نهائياً. ما في. كافر شايل سيف عليك وشايل سيف عليه، حتى هو حريص على قتلك وهو حريص على قتلك، يقول أشهد أن لا إله إلا الله، يحرم دمه. حديث أسامة: أقتلته بعد أن قالها؟ إذاً هذه هي الغاية القصوى. الآن إشكاليتنا أن الوسائل تحولت إلى غايات والغايات تحولت إلى وسائل.

الآن لو فرضنا جدلاً تعارض الغنى مع التوحيد. تعارض أننا نحقق اقتصاداً عظيماً مثلاً أو نقيم حضارة عظيمة مع التوحيد. ما الذي نقدمه؟ التوحيد. لأنه أعظم ما أمر الله به.

محمد ابن سعود لما كلم المجدد مصنف الكتاب، لما قال له أنا عندي إتاوة آخذها على الناس، فيا شيخ لا تحرمني منها. يدري المشايخ يحرمون المكوس. فقال له: يغنيك الله عنها. قال له يغنيك الله عنها.

حتى شيخ الإسلام نبه في اقتضاء الصراط المستقيم قال: الأمراء لو أقاموا شرع الله في أمر الأموال لا يحتاجون إلى المكوس، ما يحتاجون للضرائب. يقول لكن عامتهم احتاجوا لهذا بسبب أنهم أصلاً ما أقاموا شرع الله في الواجب.

فشرع الله فيه كل خير. ما في خلاف. لكن لو فرضنا، الله عز وجل قال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}. الصحابة لما احتملوا نقص كل هذا واحتملوا كل هذا البلاء لماذا؟ لأجل أعظم ما أمر الله به: التوحيد. ما هو لأجل الأجهزة. هو ما صبر عشان ينال بعدين… رب العالمين قال له في البداية إيش؟ بعدين وعدهم الله بالنصر. في البداية قال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} بس. بشرى إيش؟ جنة في الآخرة. راحة، سلامة في الصدر. وكان من رحمة الله عز وجل أنه رتب على أمر التوحيد مصالح الدنيا والآخرة. لكن لو فرضنا أن ما في إلا مصالح الآخرة.

خطورة الشرك

يقول: وأعظم ما نهى الله عنه الشرك. أعظم ما نهى الله عنه. هل يمكن للإنسان أن يتوقف عن هذا الأمر؟ هل يمكن أن يتوقف عن أعظم ما نهى الله عنه؟ إبراهيم يدعو: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ}. أعظم ما نهى الله عنه. هل هناك معصوم منه؟ هل الأمر بعيد عن أحد؟ لا. {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.

ممكن واحد يقول لك يا أخي ليش هو يذكر أعظم ما نهى الله عنه الشرك؟ النبي ﷺ يقول: “أخوف ما أخاف على أمتي الرياء”. الشرك الأصغر. أخوف ما أخاف. طبعاً الشرك الأصغر ذريعة لإيش؟ للأكبر. ويقول أخوف ما… طيب ليش أخوف ما هو؟ لأنه هو البداية اللي منها يبدأ الشرك، اللي يفرش للشرك. والدليل قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}. ممكن يقال إنه أيضاً {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ}. {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}. {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}. الخسارة العظمى، الخسارة العظمى.

اليوم ممكن لو نجي نقول والله يا جماعة الخير نبي نحذر الناس من القوانين اللي تأخذ أولادهم منهم، أو نريد نحذر الناس من اللواط، نريد نحذر الناس من الزنا، نريد نحذر الناس من التبرج، نريد أن نحذر الناس… كل هذه الأمور عظيمة حقاً، لكن عامتها ذنوب لا تقارن بالشرك بحق الله عز وجل، لا تقارن.

اليوم أنه يأتي إنسان مثلاً يعظ الناس أو يكلمهم أو يقول أو يحدثهم عن تماسك الأسرة أو كذا، كله عظيم لا شك، وكله جليل لا شك، لكن كله لا قيمة له، لا قيمة بلا التوحيد، لا قيمة. بلا توحيد.

كفار قريش كان عندهم من المآثر والمحاسن ما لا يوجد في كثير من أهل الإسلام. أهل كرم، أهل شجاعة، أهل كذا، كان عندهم أمور كثيرة. لما سألت عائشة عن ابن جدعان، قالت إنه كان يقري الضيف، ويحمل الكل، ويعين على نوائب الدهر. شيء من المروءة عظيم جداً، ولو أدركه الإسلام لأسلم. هل ينفعه ذلك؟ قال: “لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين”.

الأصول الثلاثة

بعدها يقول المصنف: فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمداً ﷺ.

قديماً كان الناس يؤلفون يقولون والله مثلاً الأصول الخمسة عند المعتزلة. حطوا أصولاً من عندهم. تعريف أصول الدين. الأصل الشيء الذي يبنى عليه غيره. والأصل في عرف العلماء الأمر الواضح الذي لا يعذر فيه أحد. المجدد لما اختار هذه الثلاثة على أنها أصول، كان اختياره موفقاً جداً. لماذا؟ لأنه قد علمنا يقيناً يقيناً أن كل الناس مخاطبون بهذه، وسيسألون عنها وسيمتحنون بها أصلاً: من ربك؟ ما دينك؟ ما نبيك؟ هل نحن علمنا يقيناً بالسنة أن الناس يمتحنون بها؟ فهذه أفضل الأصول.

الأصل الأول: معرفة الرب

ثم بدأ يتحدث عن الأصل الأول. فقال: فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه. والدليل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وكل ما سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم.

معنى الربوبية (التربية بالنعم)

أدعية الأنبياء في القرآن كلها: ربي ربي. ما في دعاء نبي في القرآن بغير لفظ ربي. اللي بالفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. شيخ الإسلام تكلم على هذا المعنى ابن تيمية. فقال: لأن الرب هو المربي بالنعم. والعبد يتعرف لله عز وجل بهذه المعرفة. فحين تدعو كأنك تقول: يا من أنعمت علي كل هذه النعم، زد نعمك نعمة. أول نعمة الإيجاد، أنك أصلاً وُجدت. وأنك عرفته سبحانه وتعالى. أعظم نعمة نعمة معرفة الله تبارك وتعالى. لأن هذه أصلاً غاية الوجود وهذه أخص صفاتك.

ولهذا مثلاً سيبحثون في كتب الأصول مسألة إيش؟ يقولون: شكر المنعم واجب عقلاً أو كذا؟ مبحث عندهم. وهذه راح تجينا بكتاب التوحيد للبخاري، مشاهدة النعمة، هذا ركن اليقظة. أنت في سيد الاستغفار تقول: أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي. سيد الاستغفار. ماذا؟ تشاهد نعم الله عز وجل عليك وتشاهد إيش؟ تقصيرك في شكرها. هذه مدرسة عقدية.

من الذي ينعم عليك ابتداءً وآخراً؟ الله عز وجل. لا يعبد غيره إذاً. حين ترى نعم الله عز وجل عليك تبدأ تفهم أسماءه وصفاته: رحيم، غفور، عفو. تبدأ من خلال الصفات تستشعر النعم. أيضاً في القدر تفهم أنه أنت لك فعل، لا مشكلة. ولكن لولا نعمة الله عز وجل عليك لا تتم لك الأسباب. أنت تعمل بالأسباب، لا مشكلة. لكن نعمة الله عز وجل عليك دائماً تحوطك.

الوحي نعمة، عملك الصالح نعمة. من تمام الفقه أن يرى العبد أن عمله الصالح من ضمن نعم الله عز وجل عليه. الحسنة بعشر أمثالها. عشرة أضعاف. أنا الآن إذا، الله يبارك فيك، جيت واشتغلت عندي شغل وأعطيتك أنا عشرة أضعاف اللي تستحق، من له الفضل الآن؟ تجي تقول والله أنا بشغلي بعملي؟ هي فما بالك من البداية وقد دلك الله تبارك وتعالى؟

رب العالمين قال: وكل ما سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم. الله عز وجل بائن من خلقه سبحانه وتعالى بصفاته وذاته وأفعاله. وهم عامتهم من آثار أفعاله. لهذا يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. رب العالمين. ليس هو نفس العالم. هو ما يثني هذا العالم سبحانه وتعالى.

كيفية معرفة الرب (الآيات والمخلوقات)

يقول: فإذا قيل بما عرفت ربك؟ قال: بآياته ومخلوقاته. في الواقع أن معرفة الله عز وجل ضرورة لا تحتاج إلى استدلال. لكن أحياناً الكلام يكون في مقابل متعنت أو من أنكر هذه الضرورة. ضرورة نفسية. كل علومنا تعود إلى ضرورات. كل علومنا. الآن لما نأتي أنا الحين أحدثك وتحدثني، لابد أن بيننا مشتركات وأصول موجودة عندي وعندك، لولا هذه المشتركات والأصول لا أستطيع أن أبني على شيء أنا ولا أستطيع أن أفهمك. هذه المشتركات والأصول من ضمنها الفطرة، والفطرة دالة على الخالق.

وعلى أساس أنه بعض الناس يقعد يقول لك والله شوف متون المشايخ ومتون العلماء ما فيها استدلالات أو بحث في هذه القضايا. هذه الطريقة مثلاً لما ذكر قال: بآياته ومخلوقاته. ابن تيمية نبه، ذكر عن ابن رشد الفيلسوف اللي خبر طرائق الفلاسفة، قال ابن رشد: طرق المتكلمين التي نحن اعتدنا عليها في إثبات الخالق يقول طرق صعبة وبعيدة وما يفهمها عموم الناس. قال: وطريقة الوحي الاستدلال بالصنعة على الصانع. ذكر الآيات والمخلوقات.

دلالة الآيات الكونية على الخالق وصفاته

وفي الواقع أن الآيات والمخلوقات هي لا تدلك على الخالقٍ حق الفلاسفة اللي ما له صفات. فكثير من الناس وين مشكلته لما يجي يستدل على الخالق؟ يجي يستدل على الخالق متناسياً صفاته. لكن أنت الآن كل شيء حولك يدلك على الله، لكن بالنظر لأسمائه وصفاته.

فأنت ترى مثلاً ترى آثار النعمة، آثار العناية، آثار التسيير. الله عز وجل جعل لنا الليل والنهار، قسم أوقاتنا حتى نعرف نعبد الله عز وجل. الله عز وجل أعطانا هذه الأدوات، جعل لنا المأكل والمشرب. جعله لنا لماذا؟ يذكرنا بافتقارنا وضعفنا. جعله لنا يذكرنا بما تؤول إليه الدنيا. أول ما نراها نضرة، ثم بعد ذلك الأكل اللي في البطن إلى ماذا يؤول؟ هكذا كان يعظ السلف.

النار جعلها الله عز وجل تذكرة ومتاعاً للمقيمين. تذكرة إيش يعني؟ هي تذكرة بنار جهنم. البرد، الحر، كل هذه مواعظ وتذكرة. أنت لما ترى أخلاق الناس، حين ترى رجلاً رحيماً، ترى رجلاً رؤوفاً، ترى رجلاً كذا، هذا يجعلك إيش؟ تتشوف لرحمة الرحمن الرحيم الذي وهبهم هذا. أنت حين ترى إنساناً حليماً، حين ترى فاجراً، تذكر حلم الله. أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان لما يرى المشركين يضربون المسلمين يقول: سبحانك ربي ما أحلمك.

لما ترى شيئاً جميلاً، فتذكر أن الله جميل ويحب الجمال. كل شيء في الدنيا يدلك على كمالات الله، ويذكرك بالمآل. حتى بالعكس، أنت الحين ترى مظلوماً، تذكر العدل، واسم الله العدل، وذكر يوم القيامة إذا وضعت الموازين. وإذا رأيت نصر المظلوم تقول الله أكبر، والله إننا منتشين وفرحين أن المظلوم نُصر، فما بالك بيوم التغابن؟ وما سيحصل. وكل شيء يدلك، الدنيا كلها مواعظ وكلها تذكرة. ولهذا أنت إذا ربطت بالوحي خلاص ترتاح من كثرة الرهق والكلام والفلسفة الزائدة بموضوع الاستدلال وشبهات الزنادقة وإلى آخره. ولهذا أحمد كان يقول بسماع القصاص.

النهي عن عبادة المخلوقات

فشوف الآن يقول: بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر. المحيطة بكل مخلوق، كل مخلوقات، كل البشر يعرفونها. حتى من عبدها، من عبدها يقولون مخلوقاته. أتى السماوات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما. والدليل قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.

الكفار رأوا الشمس هذه ورأوا القمر ورأوا منفعتها العظيمة. الآن لما يحتفلون، جاي احتفال الكريسماس، ليش كانوا يحتفلون؟ كانوا مزارعين. فهذا التاريخ خمسة وعشرين تطلع الشمس، فترفع زرعها. وزرعهم هو الذي يأكلون منه، هو ودوابهم. عبدوا هذه الشمس وجعلوا لها عيداً. الله عز وجل أظهر لهم آية أن هذه الشمس هم فيهم كمالات ليست فيها. وأن هذه الشمس تغيب ويخلفها قمر وكذا. إذاً هي ضمن نظام كامل. طيب من هو المسير؟ عامتهم يؤمنون بالله الخالق، لكن يقول: وين حنا وين الخالق؟ هذه نشوفها قريبة. ها؟ ترى من أظهر الأمور اللي أبهرت البشر على مر التاريخ هذه الأجرام السماوية. تشوف حتى أعلام الدول. الصينيين عبدوا الشمس. الفراعنة هذا قالوا أول موحد في التاريخ شيسمونه؟ أخناتون، يعبد إله الشمس. السومريين، أبهرتهم هذه. نحن اليوم ممكن بالتكنولوجيا لا نفهم الأمر كثيراً. لكن البشر قديماً لا، كانوا يعني يرتبطون ارتباطاً عجيباً. سيرهم على النجوم. ليلهم على ضوء القمر، نهارهم على النور. الله من أسمائه النور. نوره التام. هذه من آثار نور الله فقط الذي تراه.

فالله عز وجل يقول: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ}. وهذا اللي حنا نطبقه بأوقات الصلوات. هذا الآن يشهد لما في السنة. أوقات النهي متى؟ بعد الفجر عشان لا نتشبه بعبادها. لا نتشبه، ها؟ مجرد تشبه. ولا نسجد، ها؟ بعد العصر. ولكن إن غابت يجوز وقت الصلاة مع المغرب. والفجر قبلها بمدة. وسبحان الله الظهر إذا تزينت، ها؟ بدأ فيها شيء من النقص، نسجد لله عز وجل حتى يعني يتحقق هذا المعنى عندنا أننا نذكر نقصها وكمال خالقها. والعشاء إذا اشتدت الظلمة، عاد إذا حتى الشفق ذهب، الذهب حتى الأثر. {فَلَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. يعني إن كنتم إياه توحدون. يعني عبادتكم أنتم الشركية هذه لا تنفع شيئاً. ولاحظ مخالفة أصحاب الجحيم في أخص عباداتنا: الصلاة. ما جايين حنا نتعايش معاهم، حنا جايين نخرجهم من الظلمات إلى النور.

دلالة الخلق والأمر

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

{مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ}. أمره قوله سبحانه وتعالى. وهذا يدل على أن الخلق غير الأمر، فعل الله ليس مخلوقاً. ولهذا تجدد الأمور في الكون ككل تذكرك بعقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يفعل ما يشاء. إذ تتجدد الأمور. الفلاسفة الذين قالوا بالقدم أبوا هذا. قالوا لا أفعال متجددة ولا مفعولات متجددة، فهذا العالم قديم. نحن نراه يتجدد أمامنا. نحن نرى الأمور تتجدد. يقولون لا هذا وهم، هذا ليس حقيقة.

الرب هو المعبود (الربوبية تستلزم الألوهية)

ويقول المجدد: والرب هو المعبود. طيب ما نقول توحيد ألوهية توحيد ربوبية؟ هي يعني الرب هو المستحق للعبادة. وهي إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، عادي. أنت تسأل في القبر: من ربك؟ واحد يقول لك الله قال من ربك. إذاً مو توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية إذاً كلها نفس الشيء؟ لا. {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ}. قال تسألهم من يرزق؟ من؟ يقولون الله خالقنا رازقنا، ويشركون به في عبادته. هو الرب المستحق للعبادة. شوفوا الآية: {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. إياه تعبدون، وهم يفعلون أموراً في اصطلاحنا عبادة. فإذاً تحقيق الربوبية لله عز وجل كما ينبغي بعبادته وتوحيده. ولهذا لا تكاد تجد مشركاً في الألوهية إلا وعنده نوع خلل في الأسماء والصفات أو في الربوبية.

الحجة على المشركين

قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}. ما خلقكم غيره. طيب اعبدوه. وانظر إلى المخاطرة العجيبة التي يفعلونها. هو يعبد الله ويعبد غير الله. يأتيه الأنبياء يقولون له عبادتك لله حق وعبادتك لغير الله شرك مهلك يخرجك من الملة. طيب خلاص أنت خلك على المضمون، على عبادة الله وحده. صح؟ هذا تكلم به رافضي ولا صوفي، تقول له ليش تدعو عبد القادر؟ ليه تدعو للحسين؟ يقول يا أخي أنت تكفيري أنت آذيتنا أنت كذا؟ طيب أنت الآن نحن نقول هذا شرك ونقيم لك البراهين والأدلة. أنت لو تريد السلامة ماذا تفعل؟ خليك على المضمون. الله ذكر لك تسعة وتسعين اسماً عشان تدعو عبد القادر؟ عشان تدعو الحسن والحسين؟ هذا خلك على المضمون. فعل البدعة. تقول له يا أخي هذه السنة وهذه السنة وهذه السنة؟ والمولد بدعة. إلا أسوي البدعة هذه. طيب خلك على المضمون. خلك على السنة واترك هذا الأمر. صح ولا لا? قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. فهو التوحيد تقوى، تقوى الله.

دلالة الآيات على استحقاق الخالق للعبادة (كلام ابن كثير)

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}. هذا المطر اللي ينزل، هذه الخيرات. من يعبد من الأولياء كان يأكل الطعام، نفسه مفتقر حاله حالكم. الشمس والقمر على افتقارهما. الله أحيا لك هذه الأرض بعد موتها. هذا يقول لك عاد في مآل. هذه عاد موعظة. لكن في مآل. وهذه الدائرة المتكاملة.

فأصلاً الله عز وجل جعل كل هذه الأمور مواعظ لنا. الناس بدال ما تتعظ بها إيش عملت؟ إيش عملت؟ راحت عبدتها أو استكبرت. نحن راح نروح للقمر. هو أصلاً موضوع لك موعظة. يقال لك شوف صغرك، شوف عظمة اللي فوقك، فتذكر عظمة الخالق.

قال ابن كثير رحمه الله: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.

هذه الأشياء لا تدل على خالق فقط، يعني اسم الخالق، لا، تدل على أسمائه وصفاته وعلى إبطال الشرك وعلى إبطال التجسيم وعلى إبطال عقائد الفلاسفة وعقائد الجهمية وغير ذلك. وهذا كله موصوف في غير هذا الموضوع.

خاتمة

بس نحن نقف هنا.

هذا وصلي اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.


مقدمة المجلس الخامس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. فهذا هو المجلس الخامس في ثلاثة الأصول للإمام المجدد رحمه الله تعالى.

أنواع العبادة التي أمر الله بها

يقول الإمام رحمه الله:

وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان، ومنها الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى. والدليل قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.

فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.

وفي الحديث: “الدعاء مخ العبادة”. والدليل قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

ودليل الخوف قوله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. ودليل الرجاء قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.

ودليل التوكل قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. وقوله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.

ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. ودليل الخشية قوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي}. ودليل الإنابة قوله: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}.

ودليل الاستعانة قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. وفي الحديث: “إذا استعنت فاستعن بالله”.

ودليل الاستعاذة قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}. {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.

ودليل الاستغاثة قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}.

ودليل الذبح قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. ومن السنة: “لعن الله من ذبح لغير الله”.

ودليل النذر قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}.

تعريف العبادة (كلام شيخ الإسلام)

هذا الفصل النافع للإمام رحمه الله يتكلم فيه عن أنواع العبادة. ودائماً يذكرون تعريف شيخ الإسلام للعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. وقد نقول إن العبادة هي كل ما إذا فعلته امتثالا أو تركته امتثالاًً أُجرت عليه، من الواجبات والمستحبات. ما إذا فعلته امتثالاً أو تركته امتثالاً. لأنه أحياناً قد يترك الإنسان أمراً على جهة التعبد، فينال الأجر، شيئاً مكروهاً أو محرماً فينال الأجر.

العبادة بين التوسيع والتضييق

الناس يحبون توسيع مفهوم العبادة إذا تعلق الأمر بالفضائل. فعندنا حديث: “كل معروف صدقة”. و”تبسمك في وجه أخيك صدقة”. وإلى غير ذلك. فهم هذا مفهوم ترغيبي محبب إلى نفوس الناس. لكن يأتي الإشكال وأين يقف الناس وقفة؟ حين يتعلق الأمر بتعريف العبادة بأنك إذا صرفتها لغير الله تكون مشركاً. فهنا يكون الميل إلى إيش؟ إلى تضييق مفهوم العبادة. والأمر ليس لنا أننا نحن من نضيق أو نوسع.

أهمية العبادات القلبية

وقد أحسن المجدد إحساناً عظيماً حين أورد العبادات القلبية لأنها هي الأساس وهي أعظم شيء. وقديماً كان التصوف، التصوف عند الصوفية الأوائل، يهتم بهذه الأمور بشكل أصيل وكبير جداً. فتجد حتى أنهم يصنفون المصنفات مثل كتاب المحبة لابن الجنيد، في هذه الأبواب، في أبواب الرجاء والرغبة والرهبة.

وهذه الأبواب كان حتى الأئمة الكبار يتكلمون فيها. فيُسأل الإمام أحمد رحمه الله عن الرجاء والخوف، الإنسان ماذا يقدم؟ يقدم الرجاء أم الخوف؟ فقال: يكونان كالجناحين، يكون كالطائر بجناحين. فهذا من الأبواب التي عني بها الأئمة وهذا لب التزهد، أو التصوف بصورته القديمة التي لم تكن محل إشكال، التي كانت في مثل أبي سليمان الداراني والجنيد، على خلافٍ في شأن الجنيد وغير ذلك.

الدعاء

فمثلاً ذكر أولاً الدعاء. الدعاء هذا عني به السلف. فعلى سبيل المثال الطبراني ألف كتاباً كاملاً في الدعاء. وتجد دائماً كتاب الأدعية موجوداً في عموم الكتب. وهناك الدعوات الكبير للبيهقي. والدعاء هذا هو خاصية أهل الإيمان، هو يبرز فيه إيمانهم. والمشركون كانوا يدعون الله ولكن لم يكونوا يوحدونه: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}. يشركون بإيش؟ بالدعاء. لأنه يدعون غيره.

ولهذا في نقاش السلف مع الجهمية، حضر موضوع الدعاء بقوة. فالإمام أحمد كان يستدل بالآيات الدالة على أنه لا يُدعى إلا الله ليرد على الجهمية القائلين بأن أسماء الله مخلوقة. فيقول كيف ندعو مخلوقاً؟ لا يجوز، لا يكون. طيب. في كتاب أحمد الذي رواه الخضر بن المثني عن عبد الله بن أحمد تكلم في هذا الأمر، وهو موجود أيضاً في السنة للخلال. فأمر الدعاء هذا معروف.

الخوف

والخوف من المشاعر: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ}، {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ}. اليوم دائماً يذكرون عن الصوفية كلمة رابعة العدوية ولا تصح عنها، أنها تقول: يا رب لو عبدتك خوفاً من نارك فأدخلنيها، ولو عبدتك حباً في جنتك فاحرمنيها، وإن عبدتك حباً فيك فلا تحرمني منك. وهذا خطأ يعني، هذا خطأ كبير. فإن من عذاب النار الحرمان من رؤية الله عز وجل، ومن ثواب الجنة رؤية الله تبارك وتعالى. فثوابه أصلاً لا ينفصل عنه سبحانه وتعالى انفصالاً تاماً.

اليوم يتحدثون عن موضوع الخوف على أنه شعور سلبي. وهذا ليس صحيحاً. فإن الخوف من الأمور الضارة ينفع، ينفع الإنسان. والخوف ليس شعوراً يستبد بالإنسان. فعندنا نحن هناك خوف وهناك رجاء. فمن خشي شيئاً ابتعد عنه. فلم يقل لك يا أخي هؤلاء يخوفوننا من عذاب القبر وهؤلاء يخوفوننا من النار. نعم، يخوفك من النار ويرغبك في الجنة. يخوفك من عذاب القبر ويرغبك بنعيم القبر. فأصلاً ما فيه وعظ فيه تخويف فقط. بل الوعظ دائماً يكون فيه تخويف وفيه ترغيب.

{وَالشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}. يخوف أولياءه. ما معنى يخوف أولياءه؟ يعني يجعلكم تخافون من أوليائه. يعظم أولياءه في قلوبكم. اليوم الناس ماذا يقولون؟ يقولون أنا أخاف من الله وأخاف ممن لا يخاف الله. لا لا لا، من لا يخاف الله لا تخافه. من لا يخاف الله تخاف الله منه.

طيب يقول القائل: طيب يعني كل الناس، كلنا نخاف من أمور يميناً وشمالاً. أليس كذلك؟ فهل نحن صرنا مشركين والحال هذه؟ هذا كلام المجدد الآن؟ لا، لا يوجد أحد من أهل العلم يقصد هذا. هم يقصدون الخوف القلبي، الخوف أن هذا يثيبك، أن هذا يعاقبك، وأن هذا بيده كل شيء. وهذا أمر مرتبط. يعني غالباً، غالباً من يستغيث بالأولياء من يفعل من كذا تجده يخافهم. فتجد مثلاً من يحلف بولي كذباً يخاف أن الولي هذا يصنع به شيئاً. هذا الذي كان يعنيه المجدد. فتجد بعضهم يعني، وهذا هو مشهور في أهل الشرك في هذا الزمان خصوصاً في الرافضة، أنه يحلف بالله كذباً ويخشى أن يحلف مثلاً بالعباس كذباً. لماذا؟ يقول والله عز وجل يرحم والعباس لا يرحم. هكذا يفعلون. هذا خوف شركي واضح. لأن ترتب عليه سلوك. نحن لا نتحدث عن مجرد خوف هكذا. لا لا لا، هو يقصد هذا النوع من الخوف الذي يكون مترتباً عليه سلوك داخل في أمر الخضوع.

أما الخوف من أنه يؤذيك ومعه أسباب الأذية الواضحة، اسمه خوف طبيعي، هذا لا يضر. لكنك إن خلوت بنفسك إن كذا، وخوف مع التعظيم. وقالوا الفرق بين الخوف والخشية أن الخشية مع التعظيم وكذا. حتى الخوف من التسلط على الباطن. فهناك معروف عند البوذيين وعند بعض الطرق الصوفية، يخاف أن شيخه يطلع على باطنه، يعلم ما في أحواله وما في كذا وما… وهذا سبحان الله شيء عجيب يعني.

الرجاء

يقول: والرجاء. الرجاء، وهذا هو الرجاء. والإنسان لا يعيش بلا رجاء. {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. الرجاء والشوق لله عز وجل هذه من علامات سلامة الفطرة. وهذا هوى أهل الإيمان. فدائماً تجد أهل الباطل عندهم هوى هو الذي يدفعهم إلى معارضة البينات: شهوات، حب رياسة، حب كذا. أهل الإيمان لهم هوى أيضاً، لكن هذا ليس هوى باطلاً، وإنما هوى سليم: يريد رؤية الله، يريد جنته، يريد كذا، يريد كذا وكذا.

التوكل

قال: والتوكل. والتوكل معنى قلبي لكنه يتصل بالفعل: “اعقلها وتوكل”. والتوكل هذا أيضاً كتبت فيه مؤلفات، لأبي نعيم كتاب في التوكل. هذا المفهوم خبط وخلط فيه كثير من الصوفية. فذكر الخلال في “الحث على التجارة والصناعة” أنهم كانوا لا يبذلون الأسباب ويقولون نحن متوكلون. وقد ذم السلف هذه الحال.

فموضوع التوكل أنك تبذل الأسباب لكن تعلم أن هذه الأسباب ليست مؤثرة بذاتها، ليست علة تامة. يعني كيف؟ يعني هذا السبب يؤثر لا شك، ولكن تأثيره مرتبط بإذن الله تبارك وتعالى.

الآن مثلاً ترى على علبة السجائر أن التدخين سبب رئيسي للسرطان. طيب ليس كل المدخنين أصابهم السرطان، لكن كل من أصابه السرطان، للتدخين مدخل. هؤلاء الذين دخنوا ولم يصبهم السرطان جاءت موانع منعت من ذلك. والذين أصابهم السرطان توفر بهم الأمر السبب.

طيب فهو هذا مفهوم تأثير الأسباب. مثل حديث النبي ﷺ أنه: “لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله”. وقول الله عز وجل: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. العمل سبب، ولكنه ليس علة تامة. إيش معنى العلة التامة؟ العلة التامة هي المستغنية عن توفر الشروط وانتفاء الموانع. وهذا فقط فعل الله. وأما أفعالنا فكلها لابد فيها من توفر شروط وانتفاء موانع حتى تؤثر. لكن لابد أن تفعل، لابد أن تعمل.

وهذا الآن معنى التوكل أنني أفعل. مثلاً إنسان يريد ولداً. هو يتزوج، لكن بعد الزواج هي الأسباب، لكن بعد ما بذل الأسباب يبقى قدر لله، لا يستطيع أن يصنع فيه شيئاً. هو مريض بعقم، هو سليم، هو كذا. هو حتى حين يمرض. حتى حين يمرض، كيف يشفى؟ ما الذي سيشفى به؟ كله بيد الله تبارك وتعالى.

وهذا أمر نشاهده جميعاً. حتى مثلاً المزارع يزرع ويفعل ويفعل، لكن يبقى أمر المطر يأتي من الله. وكم مقدار المطر؟ إن أمطرت، كيف ستخرج النبتة؟ دائماً تجد جانباً خفياً. وهذه، وهذه هي القصة أنه دائماً في زحمة، لا يوجد شيء إلا وله زحمة أسباب، ليس سبباً واحداً. مثلاً مجلسنا هذا له أسباب كثيرة: السيارة التي جاءت بي والسيارة التي جاءت بك، والطريق وخلو الطريق وكذا. نحن نقدر سببا أو سببين بأيدينا نستطيع أن نفعلها، وأيضاً بتقدير الله. وحصلت بسلامة الصحة وبسلامة الذهن وبكذا وبعدم وجود عائق. وفي أسباب أخرى حولنا هذه الأسباب لا نستطيع أن نؤثر فيها شيئاً. ففي زحمة الأسباب كثير من الناس يغفل عن الأثر الإلهي المحض. ولا حتى الأسباب نفسها فيها أثر. هنا يغفل لأنه في عدة أسباب، فيختفي بين هذا السبب الأثر الإلهي. المتوكل ماذا يفعل؟ يشاهد هذا. يشاهد هذا الأمر الذي هو في الحقيقة هو الذي يضبط كل شيء.

طيب فالصوفية الأوائل كانوا يتركون الأسباب حتى لا يتوهموا الشرك. الموجودون الآن لا، هو يتعلق بأضرحة ويتعلق بأسباب باطلة. حتى سبحان الله.

الرغبة والرهبة والخشوع

يقول: والرغبة والرهبة. الرغبة والرهبة هما أخوا الرجاء والخوف. طيب والخشوع؟ والخشوع دائماً يفسر بأثره: بسكون الجوارح، بسكون القلب. حتى هناك رجل كان يسمى بالخشوعي. ما المقصود بالخشوعي؟ قالوا إنه مات وهو ساجد. فسمي الخشوعي. الخشوع هو أثر التعظيم الظاهر على البدن والقلب. فهو أثر عقيدة باطنة على النفس. وأنت تجد هذا في الساحات، تجد أناساً عند الأضرحة وغير ذلك تجد خشوعاً وسكوناً. حتى النصارى تجدهم عند كذا. الرافضة تجد خشوعاً وسكوناً وربما تنزل دموعهم وكذا. فهو هذا الأمر الذي تحدث عنه المصنف.

الخشية

والخشية تكلمنا على باب الخشية والخوف.

الإنابة

والإنابة: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}. الإنابة العودة، أن ننيب إلى ربنا. وهذا يكون بالتوبة مع الأعمال الصالحة. التوبة مع الأعمال الصالحة.

الاستعانة والاستعاذة والاستغاثة

والاستعانة. طيب الاستعانة والاستعاذة والاستغاثة، الثلاثة هذه طبعاً الاستعانة هي مطلق طلب العون. الاستعاذة لدفع الشر. الاستغاثة عند حصول الخطر العظيم. ويقال مطر غيث، غيث إذا جاء والناس بحاجة شديدة له. والألف والسين والتاء للطلب كما نقول الاستسقاء، يعني طلب السقيا.

ممكن الإنسان يستعين بإنسان حي قادر موجود فيما يقدر عليه. الكلام على غير هذا. ممكن حتى يستعيذ من إنسان بإنسان. الكلام ليس على هذا. واليوم الناس يخبطون خبطاً عشوائياً في هذا الباب.

موضوع الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة، السلف لما احتجوا على الجهمية بحديث: “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”. وقالوا لا يستعاذ بمخلوق، كما ذكر عن نعيم بن حماد وغيره. واستدل بهم المروذي في الرسالة التي أشرف عليها أحمد يرد بها على بعض الواقفة.

هناك استغاثة واستعاذة لا تكون إلا لله. وهي أن تستغيث بهذا الشيء أو أن تستغيث به أو تستعين به أو تستعيذ به من دفع مطلق الشر أو طلب مطلق الخير دون أن يكون له سبب حسي. الآن أنا قد أذهب إلى طبيب، هذا الطبيب أقول له أعني على أن أعالج مرضي. هذا طبيب يكون له سبب حسي محدود. طبعاً أنا أعتقد كما فهمنا في التوكل أنه مجرد سبب ليس علة تامة. لكن هذا الطبيب أنا لو احتجت أمراً في الهندسة لن آتيه. لكن معبودي الذي أعبده في كل حاجة: طب، هندسة، كذا، قل يا رب.

انظر الذين يعبدون الأضرحة، في كل حاجة يسألون البدوي، يسألون علياً، يسألون الحسين، في كل حاجة. أنت أحياناً تستعين بمخلوق تعرف نقصه وتعرف أنه قد يعارضه من هو بمثله، وأنه قد يريده ومن مثله لا يريد، لا. لكن حين تستغيث بمعبودك، لا، أنت تعلم أنه لو أراد انتهى الأمر. وهذا ما يعتقده عموم من يعبدون غير الله بالمعبود. فهي هذه الاستغاثة على أنه علة تامة، والاستغاثة به على كل حال. وطبعاً استغاثة بالمقبورين أيضاً، يسألونهم الحوائج على مسافات، كأنهم، كأنهم يعني سمعهم كسمع الله عز وجل. فمن هذا الوجه، ومن مطلق الشر ويسألونه مطلق الخير. فهذا شرك واضح جداً.

ولهذا السلف أنكروا على الجهمية. لهذا قال ابن خزيمة: لا أحد يقول أعوذ بالكعبة. فأنكر، ولم يشترط أن يعتقد أن في هذه الأشياء أنها خالق ورازق. فالكفار أصلاً لا يعتقدون هذا. {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ}. قالوا يقولون الله خالقنا رازقنا ويشركون به في عبادته، هذا تفسير السلف. {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}. هم وحدوا إذاً في الدعاء، في الاستغاثة. فأشركوا بالاستغاثة. كان يقول: أعوذ بسيد هذا الوادي. {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}. حتى القرطبي يعترف بهذا يقول إنه استغاثوا استعاذوا بهم. فهذا أمر واضح بين.

الآن يسمون هذا توسلاً، وهذا من اللبس والتخبط. فإن التوسل أمره مختلف. التوسل أن تدعو الله بجاه فلان بجاه علان، لكن يكون الدعاء لله. أما الاستغاثة لا، أنت تستغيث بالولي مباشرة لا تذكر الله.

الذبح والنذر

قال: والذبح والنذر. والذبح والنذر من أعظم الأبواب، حتى أن جمهور القبورية ينهون عن الذبح والنذر لغير الله. لكن يجعلونه شركاً أصغر.

البربهاري يقول: وجب عليك تكفيره في شرح السنة. شيخ الحنابلة لما تكلم عن الذبح لغير الله. والله أعلم أن هذا كان ظاهراً في الروافض فيهم، لهذا نبه عليه. فهو البربهاري هذا قبل المجدد بألف ومئة سنة والنذر نفس الشيء.

طبعاً الحمقى ينسبون لأحمد أنه يجيز الذبح لغير الله، بعض الحمقى. أحمد سئل عن الذبح للزهرة، فقال يعني… كل منه. هذا في ذبح النصراني الكتابي حين يذبح للزهرة. فأهل الكتاب حلت ذبائحهم. ثم بعد ذلك حصل نقاشات، إذا كان هو ذبح لغير الله أصلاً؟ إذا كان هو سمى غير الله؟ ثم إذا هو كذا؟ تجد نزاعات بين الفقهاء. فجاء بعض الناس مساكين أو في عقولهم شيء فظنوا أن الأئمة يميعون الأمر بأنهم يقرأون المسألة ولا يفهمونها أو يقرأونها في كتب فقهية أخرى.

“لعن الله من ذبح لغير الله”. لا يوجد أحد أصلاً يعتد بقوله يخالف هذا. وما يذكر عن بعض الشافعية مثل الموجود في “روضة الطالبين” أنهم يقولون بجواز الذبح للنبي وللكعبة، أعوذ بالله، هذا باطل. وأيضاً تسمية النبي عند التسمية يقولون يقول بسم الله ومحمد، أعوذ بالله. أصلا الإمام أحمد رحمه الله نهى عن الصلاة على النبي ﷺ عند التسمية لأن هذا باب يفرد به الله. الشافعي سهل، أحمد لا. فما بالك بأنه سيسمي اسم الله واسم النبي؟ ها؟ استعانة به؟ سبحان الله، هذا أجازه بعض المتأخرين وسبحان الله ويقول لك الفقه المذهبي والظاهرية. والله كل أخطاء الظاهرية يعني أمرها هين أمام هذا الكلام. والله صحيح. يعني أمرها هين. يعني أمرها هين أمام أن تقول الحلف بالنبي ﷺ ينعقد. وتبطل حجتنا على الجهمية في من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين. الله المستعان. صحيح يعني لا إله إلا الله. على أننا لسنا مع الظاهرية لكن…

حكم صرف شيء من العبادة لغير الله

{فَمَن صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِّغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ}. والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}. هذا في أمر الدعاء.

خلف البزاز يقول من قال أسماء الله مخلوقة فكفره عندي مثل الشمس. لماذا؟ لأنه يدعو مخلوقاً. فكلام المجدد هذا معتضد بكلام السلف.

الأدلة على أن الدعاء عبادة

وفي الحديث: “الدعاء مخ العبادة”. وهذا حديث مضعف. وهناك حديث أصح: “الدعاء هو العبادة”. بعض الناس ضعفه، وماذا قال؟ قال يعني أن راويه مرجئ. قال وهذا يناقض مذهبه. الدعاء هو العبادة. وهذا مضحك. النبي قال: “التقوى ها هنا. التقوى ها هنا” وأشار إلى قلبه. ولا يقصد أنها محصورة بهذا. يقصد أن الدعاء هو أعظم العبادة. وأن أفعال الناس إما دعاء مسألة وإما دعاء ثناء.

والدليل قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. {ادْعُونِي} ثم قال {عَنْ عِبَادَتِي}. فدل أن الدعاء عبادة سواء كانت استغاثة أو غيره.

الأدلة على عبادة الخوف والرجاء والتوكل

ودليل الخوف: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. ودليل الرجاء قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.

عامة المفسرين يفسرون {أَحَدًا} بالرياء. والرياء من الشرك الأصغر. لكن إذا استقر في القلب وكثر وكثر قد يقود للشرك الأكبر. ولاحظ أن الرياء مع أنه من عمل القلب اليسير صار شركاً أصغر. فما بالك بالذبح والنذر وغير ذلك؟

ودليل التوكل قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. وقوله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. يعني كافيه. وأيضاً لا يقال توكلت على الله وعليك. لا، هي لا “وعليك” ولا “ثم عليك”. لأنه ما يتوكل على مخلوق البتة.

الأدلة على عبادة الرغبة والرهبة والخشوع والخشية

ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. ودليل الخشية قوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي}.

الأدلة على عبادة الإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة

ودليل الإنابة: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}.

ودليل الاستعانة قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يستفاد منها إفراد العبادة. اليس كذلك؟ تقديم ما حقه التأخير دليل على الحصر. وهي أصلاً عبادة الله عز وجل لا تتم إلا بالاستعانة به. وأنت إذا عبدته مستعيناً به سبحانه وتعالى كان ذلك مطهراً لقلبك من أربع آفات تضر عبادتك: اللي هي الرياء والسمعة (الرياء بالقلب، والسمعة التسميع، تحديث الناس)، والكبر والعُجب. فهذه الآفات تدخل قلبك لما أنت تعبد الله عز وجل وأنت لست مستعيناً بالله. تعبد الله عز وجل على جهة الكمال في نفسك. وهذه مهمة جداً حتى الناس اللي فيها وسواس. تجده يأتي يصلي وهو ليس مقتنعاً بهذه الصلاة. أنت أصلاً لن تعبد الله عز وجل العبادة التي يستحقها ولا العبادة الكاملة. أنت تعبد الله عز وجل بما هو مجزئ شرعاً. والنقص لابد منه. وهذا النقص تستغفر الله عز وجل منه ثم تمضي في أمرك وترجو أن رب العالمين يكمل لك الأمر. فهو من البداية قال فالحسنة بعشرة أمثالها. فمن البداية التكميل منه والمضاعفة منه، لا منك لا من جهدك.

وفي الحديث: “إذا استعنت فاستعن بالله”. ودليل الاستعاذة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}. و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. ودليل الاستغاثة: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}. وأيضاً: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.

الأدلة على عبادة الذبح والنذر

ودليل الذبح قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. ومن السنة: “لعن الله من ذبح لغير الله”.

لعن الله، خلاص ما هذه ما فيها نقاش. وصور الذبح لغير الله. طيب بعض الناس يقول يا أخي أنا هذا فيه ذبح لضيف فيه كذا. هذا ليس ذبحاً تعبدياً نسكياً. هذا عادة ليؤكل. لكن في ذبح للجن، يذبح لهم الذبح ثم يترك تعظيماً. فهذا هذا خطير. بعضهم يذبحون للسيارة ثم يدمون سيارته أو كذا من باب هكذا باب التعظيم أن هذا ذبحت لكرامة لك هكذا. فهذا خطير وهذا عظيم. وهذه النسائك اللي هي الذبح والنذر، ها؟ تدخل في إيش؟ يقول: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي}.

تمييز العبادات المحضة وحقوق الله

ركز. تذكرون حديثنا عن حقوق الله المحضة؟ يعني نحن دائماً نتحدث… الناس اليوم أكثر عبادات، أكثر أمور يعظمونها في الدين، كثير من الناس، يعظمون صلة الرحم. شف ترى المجدد ما جابها، ما ذكره. صلة الرحم، بر الوالدين، إتقان العمل، الصدقات، الكرم، الوفاء، غيرها. أمور عظيمة وجميلة، تصير تلقاها في رياض الصالحين، في الأدب المفرد للبخاري، في الترغيب والترهيب للمنذري. أمور طيبة وعظيمة جداً. مرات الكافر يشوفها يعجب بها. الكافر إذا رآها في أهل الإسلام أعجبه ذلك قال والله ما شاء الله طيبون أنتم. حتى الطهارة، النظافة، غير ذلك، تعجبه.

انظر الأمور التي انتقاها المجدد، كلها من الأمور الخصوصية اللي الكافر ما له علاقة بها. هذه اللي تميز صاحب أي دين. اللي هي حقوق الله المحضة. الأمور اللي الكافر لو رآها يقول هذا الشيء أنا ما لي علاقة فيه. هذا اللي يميز أي دين. اليوم الناس يبحثون عن دين يرضي الكفار، يثير إعجابهم. في هذا السياق هذه الأمور دائماً تجد قدرها أضعف. اليوم مثل هذه القضايا على جلالتها وعلى عظمتها اذكرها للناس، اسردها عليهم وقل لهم… بعض الناس يتضايق يقول لك أين الاقتصاد؟ أين السياسة؟ أين الاجتماع؟ أين حرب الظلمة؟ أين هكذا؟ أين أين أين هذه الأمور؟ تقول له لاحظ الآية: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} الصلاة أمر بحق الله، {وَنُسُكِي} الذبح، {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي}. شوف هذه الأمور إن لم تضبط، الأمور الأخرى لا تضبط. وهذه الأمور إذا ضبطت فيها الفوز والنجاة. أما إذا ضحينا بهذه الأمور لأجل الأمور الأخرى فهي وحشتنا يعني ويا بلاءنا. فالأمر ضائع.

واقع الشرك في الأمة وموقف بعض المنتسبين للعلم منه

اليوم تجد الناس، شوف الناس يشركون، يذبحون لغير الله، ينذرون لغير الله، يروحون حشود تحج لقبر النبي هود، يعبدونه من دون الله. حشود تحج لقبر البدوي، نذور. حشود تحج للخ… قبر الشافعي، قبر العيدروس، قبر الجيلاني، قبر الرفاعي. ذبح ونذر واستغاثة وتمسح وكل شيء، كل بلاء، كل بلاء. تجد بعض الناس يقول لك يا أخي وين أنت الآن، حنا الحين بنهتم بشرك القبور؟ ما هو فيه شرك القصور؟ يلا طيب أيضاً هذا فيه شرك قبور، هذا وقع فيه آلاف مؤلفة، ملايين. أنت الآن لو تعد الظلم والطواغيت، ثلاثين واحد، أربعين واحد، خمسين واحد. بس هناك تشوف ملايين وضعها منتهي.

حتى لما ينظر إلى هزيمتنا أمام الكفار، ما يقول والله هذا سبب انتشار الشرك. يقول والله هذا سبب انتشار الرشوة. هذا بسبب انتشار… ما ينظر لهذه القضايا الكبرى {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ}.

ابن تيمية لما شافهم يستغيثون بغير الله قال ما تنتصرون بهذه الكرة؟ فيجي واحد يقول لك يا أخي بس والله المسلمون انتصروا في أيام كان عندهم فساد عقيدة. ركز في أسباب. كان عندهم فساد أخلاق أيضاً. ففي مرات رب العالمين يرحمك ويخليك تُهزم عشان تراجع نفسك. ومرات أنت تُستدرج، يلا روح، استمر. ما ترد في نفسك لأنه أصلاً لا طب فيك. لما يصير حالك حال هالكفار، الكفار ذولا رب العالمين استدرجهم. يحققون انتصارات عظيمة وهم على أقذر درجات الكفر والبعد عن الله عز وجل. خلاص ما فيهم طب، ما فيهم استعتاب أصلاً. فخلاص تركوا: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}. مستدرجون. دخلوا في هذه السياقات.

موضوع الذبح هذا مشهور جداً في الصوفية والأشياء، الذبح والنذر. حتى النذر، في بعض كتب الحنفية يقول: وأما النذر الذي يفعله أكثر العوام فهذا شرك. نقله المجدد في بعض رسائله في مفيد المستفيد أو في غيرها. وعلى الذبح نقل لهم نص ابن عقيل قال لهم. الآن المجدد جاب لهم آيات قالوا لا، الآيات هذه ما يفهمها إلا مجتهد. لاحظ الآن في ناس يسبون السلفية، بعضهم هذولا السلفيين ما يهتمون بالآيات. تشوف الآن كلها آيات ها. بعضهم يطعنون بالعكس يقول لك والله هذولا ما يهتمون بكلام العلماء.

المجدد جاؤوا قالوا له يبا تعال. المجدد قال لهم هذه أفعالكم شرك. قالوا آه شرك، ليش؟ قال في أدلة من القرآن والسنة أن أفعالكم شرك. قالوا وأنت مجتهد عشان تفهم القرآن والسنة؟ لهذا تكلم في الأصول الستة على هذا المعنى. يقول عندهم ما أحد يفهم القرآن إلا المجتهد. عطلوا الانتفاع بكتاب الله عز وجل. الله يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}. صار مثل الرافضة، الغلاة من الرافضة الذين يقولون القرآن لا يفهمه إلا الإمام المعصوم. قال لهم طيب أجيب لكم كلام مجتهدين؟ قالوا وأنت تفهم كلام المجتهدين بعده؟ قال كذا الكلام أئمة المذاهب مشايخنا. قالوا لا. خلاص.

حتى لما كان يكلم بعض الحنابلة ويقول له راجع الإقناع، وصاحب الإقناع قال له: أنت كافر عند صاحب الإقناع بأربعة أمور: أنت تكتب تمائم للعوام وتكتب حروزاً. يكتب حروزاً. قالوا هذا عند صاحب الإقناع شرك. وأنت تفعل كذا وأنت تفعل كذا. وأكثر من وقف ضد المجدد من؟ في ذلك الوقت. كثير من أهل العلم كانوا يعرفون أن كلامه صح. وكانوا يعرفون أن هذه الأمور كلها خطأ. ويعرفون أنها شرك. لكن إيش عملوا؟ صنعوا صنيعة أهل النفاق، الذين ينظرون إلى أخطاء أهل الإيمان ويتركون أفعال المشركين. صاروا ينظرون لعمل الدعوة. يا شيخ ليش تكفر؟ يا أنت ليش تكفر؟ طيب هذه ناس واقعة في الكفر والشرك. تركوا الناس الواقعين في الشرك وأمسكوا بالمجدد: أنت ليش تكفر؟ أنت ليش؟ والله أنت مرة في واحد من أتباعك فعل كذا وسوا كذا. يصير يعني هذا كلام سليم؟

فقالوا له يا شيخ أنت في دعوتك، أنت في دعوتك شيء زين وشيء شين. قال وش الزين؟ قال زين الدعوة للتوحيد والنهي عن الشرك هذا زين. تقول للناس لا تذبح إلا لله ولا تنذر إلا لله. دعوتك ممتازة بهالطريقة كلام زين. أنت لو على هذا بس أمورك تمشي. قال طيب والشين؟ قال الشين التكفير والقتال. هذا شين. شف من ذاك الوقت أفكارهم موجودة. فقال لهم خلاص خل الناس يتبعون الزين، ويروح الشين. يعني الناس إذا وحدوا ما عاد في مجال للكلام عن التكفير والقتال. فأنت مهمتك أن تكون معي بحيث الناس يتركون هذه الأمور تماماً. رأيت أنت مثل هذه القضايا اللي كان الإمام رحمة الله عليه ينبه عليها.

هذه القضايا كان كثير من أهل العلم يجلس يكتب حاشية على الآجرومية. وهو يقر أن بعض هذه الممارسات، يقر أن بعضها شرك أولاً. حاشية الآجرومية، حاشية على متن مذهبي. أو يضع كذا وكذا. لماذا؟ لأنه لو أنكر هذه الأمور سيصادم العامة. والعامة يتبركون به، يقبلون يده، يعطونه الأموال، يفعلون. فيقول كيف أنا أترك هذا؟

اليوم لا، الأمر استفحل عند الناس. صار كثير من الناس يخاف لا، أنا أقول هذا شرك لكن لا أحكم على معين. وهم يدرسون آلاف الدروس. وأحياناً الدروس تقام عندهم الحجة على أحد. ليش؟ يخافون أنهم إذا كفروا المشركين فسيفتحون الباب للخوارج أنهم يكفرون المسلمين بالباطل. الأمر كله مدموج عندهم شيء واحد.

أو طرف آخر عنده نظر آخر، نظر عجيب. طرف آخر إيش نظره؟ نظره أني إذا نهيت عن الشرك وكفرت المشركين سأكون خائناً لهموم الأمة. ما هي هموم الأمة؟ هذا أفضل أمورها. {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}. إيش نصر الله إن لم يكن توحيده؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

خاتمة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


مقدمة المجلس السادس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد. فهذا هو المجلس السادس في ثلاثة الأصول. ونحن اليوم مع الأصل الثاني، أصل معرفة دين الإسلام.

الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة

قال المصنف رحمه الله:

الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة.

وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. وهو ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان. وكل مرتبة لها أركان.

فأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.

فدليل الشهادة قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. ومعناها: لا معبود بحق إلا الله. “لا إله” نافياً جميع ما يعبد من دون الله، “إلا الله” مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.

وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}. وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

ودليل شهادة أن محمداً رسول الله ﷺ قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}. ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.

ودليل الصيام قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

ودليل الحج قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

المرتبة الثانية: الإيمان. وهو بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان.

وأركان الإيمان ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}. ودليل القدر قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.

المرتبة الثالثة: الإحسان. ركن واحد، وهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. وقوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}. وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}.

والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله ﷺ ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام.

فقال رسول الله ﷺ: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً”.

قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: “أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره”. قال: صدقت.

قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: “ما المسؤول عنها بأعلم من السائل؟“. قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: “أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”.

قال: ثم انطلق. فلبثت ملياً، ثم قال لي: “يا عمر أتدري من السائل؟“. قلت: الله ورسوله أعلم. قال: “فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم”.

تعقيب

هذا الكلام للمجدد قد يرى القارئ مبدئياً أنه كلام بديهي، ولا يكاد يخالف فيه أحد. كلام واضح عليه نور. جاء لحديث جبريل وبسطه شرحاً ثم أعاد ذكره فقط.

وفي الواقع لا توجد فقرة في كلام الإمام لا يوجد عليها تشويش اليوم. لا يوجد كلمة، سطر في كلامه، هو ظاهر النصوص وما عليه الأمة، على الأقل لنقل أهل الحديث قاطبة على مر التاريخ، إلا ونجد تشويشاً.

أهمية الأدلة الشرعية مقابل الأدلة الكلامية

فأولاً قوله معرفة دين الإسلام بالأدلة. المجدد قال بالأدلة، ثم حين يذكر أدلة يذكر أدلة بالقرآن والسنة. كثير من الناس يقول كيف أدلة هذه؟ نريد أن نستدل على الإسلام، ما الذي نفعله؟ نستدل بالعقل. هكذا كان يقول أهل الكلام. يقولون إذا استدللنا على الإسلام بأمر من الإسلام فهذا معناه إيش؟ دور، معناه أننا مخطئون بذلك.

فيقال لهم: الإسلام في نفسه وفضل الإسلام على الشرك أمر فطري أصلاً لعموم الناس بالفطرة. ولهذا النبي ﷺ ماذا قال لعمر؟ قال: “هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم”. عمر كان مسلماً. كثير من الناس إذا عرض عليه الإسلام ووضع قباله الشرك سيقبل على الإسلام، ما في نقاش. فضل التوحيد على عبادة الأصنام ظاهر. فضل التوحيد على تثليث النصارى ظاهر. فضل التوحيد على عدمية الإلحاد واضح.

سياق دعوة المجدد وفتنة العصر الحاضر

لكن بعد ذلك الأمر ليس بهذه السهولة. ليس أننا جئنا وقلنا الشهادتين وانتهى الأمر. ما دام قلنا الشهادتين نلتزم بما في القرآن والسنة. والإمام المجدد كان يخاطب قوماً يزعمون الإسلام، ثم يفعلون نواقضه. يقول لهم لابد أن تنتبهوا إلى أنكم ينبغي أن تحتكموا للكتاب والسنة في معرفة تفاصيل الإسلام.

وهذا اليوم فتنة الناس. عموم الناس ما عنده مشكلة أصلاً، لا يريد الاستغناء عن الإسلام. لكن بعد ذلك ما الذي يفعله؟ يفسر الإسلام تفسيراً من رأسه. يفسر الإسلام تفسيراً حقوقياً، تفسير رأسمالياً، تفسيرا كذا.

نقد التفسيرات المعاصرة المنحرفة للإسلام

تعرف موضوع أركان الإسلام الخمسة؟ اعترض عليها حسن فرحان المالكي. قال هذا غير مقبول أن نقول الإسلام خمسة أركان. لماذا؟ لأن إيش الأركان الخمسة؟ صلاة، زكاة، صيام، حج، شهادتين. أين إتقان العمل؟ والله هكذا، هكذا يفكرون. أين بناء الدول؟ أين الاقتصاد؟ الزكاة ما هي وافية. أين مقاومة الظلمة؟

محمد شحرور ماذا يفسر شهادة أن لا إله إلا الله؟ يفسرها بالثورة على الطغاة المستبدين. ففسر الإسلام بغير التفسير الذي فسره رسول الله ﷺ. وهناك كثيرون ربما بعضهم لا يتكلم بهذا صراحة.

الآن لو تأتي إلى إنسان متكلم تقول له ما الإسلام؟ من أهل الكلام الذين كانوا العلماء في وقت الإمام المجدد؟ ما الإسلام؟ يأتيك بكلام أهل الكلام: الجوهر والعرض وغير ذلك، أليس كذلك؟ معرفة دليل الحدوث، الكلام الغريب هذا. حتى أفتى من أفتى منهم أنك إذا أردت أن تكبر تكبيرة الإحرام عليك أن تستحضر هذا الأمر الذي تعرفت به على دليل الحدوث. الرازي يقول: رأيت نفسي أسبح في بحر من الظلمات، فأولتها أنه عملي بفتوى القاضي أبي بكر. لكن أفهم هذا هو، هذا الوارد. وهذه هي الأدلة المعتبرة.

ثم من قيل لك إن أدلة النصوص لا يوجد فيها براهين عقلية أصلاً؟ عاد هذه الإشكالية. هي النصوص أصلاً فيها الدليل. هي النصوص أول ما نصت على قول المكذبين.

أهمية اتباع السنة ونبذ البدع

فعرف الإسلام بالاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. على أن البراءة مراتب، والاستسلام لله مراتب. فقد يبتدع الإنسان لا يخرج من الإسلام، لكن يكون ذلك نقصاً في إيمانه. قد يتشبه بالكفار ما يخرج من الملة، لكن يكون ذلك نقصاناً فيه. فهو درجات ومراتب.

وهو ثلاث مراتب. تنبه على هذا المعنى. الإسلام، الإيمان، الإحسان. أخذها من النص، بعيداً عن تقسيمات الناس. مثلاً تجد مثلاً صاحب منازل السائرين، كل مرتبة يضع فيها ثلاث مراتب: من مراتب اليقظة، مرتبة المبتدئين، مرتبة المتوسطين، مرتبة المنتهين. أهل اليقظة. وهذا كثير في كلام الناس. ولو اكتفوا بالوارد في السنة لأراحوا وارتاحوا واستراحوا.

يقولون كل مرتبة لها أركان. الركن الأول الإسلام. يقول فأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت.

ودليل الشهادة، قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. ومعناها لا معبود بحق إلا الله. النبي ﷺ قال: “من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة”.

من خالف في هذا؟ غلاة المرجئة. قالوا الإيمان التصديق. وهذا الذي يدرس في جوهرة التوحيد في الأزهر. يقولون الإيمان في القلب التصديق. ما هو ضروري حتى يخرج على اللسان. اللسان بس لنعرف أنه مسلم نعامله في الدنيا، شرط لإجراء الأحكام الدنيوية. أما إذا صدق بقلبه وبقي كافراً ظاهرياً، نحن نعامله في الدنيا على أنه كافر، لكنه في الآخرة سينجو عند الله. وهذا غير صحيح. وهذا المذهب اعتبره السلف كفراً. وهذا هو مذهب جمع غفير من الأشاعرة. أما المرجئة وأهل السنة فيقولون لا، لابد من التلفظ بالشهادتين، ركنيتها في الإسلام.

معنى الشهادتين

قال: ومعناها لا معبود بحق إلا الله. هذه أيضاً فيها خلاف عند بعض الناس. فمن الناس من يفسرها بلا حاكم إلا الله. ومن الناس من يفسرها بلا قادر على الاختراع إلا الله، تفسير المتكلمين. وهذا الذي طّرق عليهم من شرك. وتفسيرها المعروف عند أهل اللغة والمعروف في النصوص. طيب يقول لك والله في أشاعرة وجدناهم يفسرونها لا معبود بحق إلا الله. نعم هذا موجود، وذلك أنهم ينسخون من كتب المتقدمين. لكن المتكلمون أنفسهم لا يفسرونها التفسير الصحيح. وهذا كان مبدأ الشرك فيه، يعني مبدأ بذور الشرك. كثير منهم نعم يفسرها لا قادر على الاختراع إلا الله، ولكنه لا يجيز عبادة غير الله. لكن هو بدأ الأمر هكذا.

“لا إله” نافية جميع ما يعبد من دون الله. “إلا الله” مثبتة العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه لا شريك له في ملكه. {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}. “اعبدوا” في القرآن يعني وحدوا. فإن المشركين كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره.

قال: وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}. قوله {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} على جهة الاستدلال. يعني لا يستحق العبادة إلا الذي فطرني، وأنتم تقرون أنه هو الذي فطركم: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.

فالمشركون عامة كانوا يقرون أن الله عز وجل هو الخالق الرازق. وقد أنكر هذه الحقيقة بعض أبناء أئمة الدعوة، بدأ ينكر يقول لا، المشركين كانوا… لا، هذا غير صحيح. المشركون يؤمنون بهذا: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ}. قالوا يقولون الله خالقنا رازقنا ويشركون به في عبادته.

ثم ذكر الآية الثانية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}. أهل الكتاب أكيد يؤمنون بالله، ظاهر جداً، صح؟ فلهذا أورد المجدد هذه الآية. لأنها فيها الرد على دعوى بعض الناس. ويستدلون بقوله تعالى: {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا}. وهذا إنكار لاسم الرحمن ليس إنكاراً لله عز وجل بالذات. وفي الواقع أنهم قالوها مناكفة، وإلا الرحمن، قال الطبري، موجود في أشعار العرب. لكن هذا ناكفوا النبي ﷺ بها مناكفة فقط.

{أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}. طيب أهل الكتاب يعبدون غير الله؟ نعم يعبدون. {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ}. يحلون لهم الحرام ويحرمون لهم الحلال. وقد اعترفوا بذلك، يعني هم يعترفون. هم يزعمون أن المسيح قد قال لبعض أصحابه، أظنه بطرس، قال: ما حللتم في الأرض يكون محلولاً في السماء، وما عقدتم في الأرض يكون معقوداً في السماء. فأخذوا من هذه القصة استدلال أن الرهبان لهم حق التحليل والتحريم. علماً أن القصة بعدها المسيح يقول لبطرس: “اغرب عني يا شيطان”. {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. ولهذا هم مثلاً بس، غفران الخطايا ومش عارف إيش الأمور التي عندهم، هم يقرون أن هذا يفعلها القسيس من عنده. يقول لك بمدد من الروح القدس، بتوفيق من الروح القدس.

اليوم كثير من الناس موضوع التوحيد هذا أضعفوا أهميته عن طريق توسيع العذر للكفار الأصليين. فصار يقول لك أهم شي أخلاقه زينة، أهم شي كذا. الكافر إذا أخلاقه جيدة يروح الجنة. إذا ما يقتل ولا يسرق ولا… خلاص أموره جيدة طيبة الحمد لله. وهذا باطل. التوحيد هو أساس كل شيء. ثم الكافر هذا الذي كفر بالله عز وجل هذا حاث على الجرائم بعقيدته. فكل عقيدة باطلة لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر تقوي نفوس الناس على فعل الشر.

قال: ودليل شهادة أن محمداً رسول الله ﷺ قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}. أجمعت الأمة على أن من وحد الله ولم يقل بالشهادة للنبي ﷺ أنه كافر. طيب هل يوجد إنسان هكذا؟ يوجد. من أنكروا عموم رسالة النبي ﷺ. في فئة من اليهود قالوا هو نبي لكن فقط للعرب. هذا مجمع على أنهم كفار. وهناك من كفر بخاتمية رسالة رسول الله ﷺ من أتباع مسيلمة، أتباع سجاح، أتباع الميرزا غلام اليوم، أتباع البهاء، أمة الإسلام هؤلاء في أمريكا عندهم نبيهم الجديد إليجاه محمد. هؤلاء كفار، هؤلاء ما آمنوا بالرسالة. الرسالة للنبي ﷺ خاتم الأنبياء.

طيب الآن موضوع الإيمان بالنبي ﷺ والإيمان برسالته. هذا الركن لماذا جعله الله؟ جعله الله عز وجل علامة. ما في أحد دعا للتوحيد بأركانه إلا هذا الرجل. فهذا كان أمارة على مراد الله عز وجل. وقد اصطفاه سبحانه وتعالى وجعله على هذا المقام يختبر به تواضع الناس. لأن الله عز وجل وصف الذين يكفرون بآياته قال: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}، {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ}. فالفاسق والظالم والمستكبر هذا سبحان الله يتعالى أن يكون غيره أعلى منه في الطريق إلى الله عز وجل. وكأنه يقول لله عز وجل: كرم هذا ولا تكرم هذا، افعل كذا ولا تفعل كذا. يتعالى على الله تبارك وتعالى.

يقول: ودليل {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ}. من أنفسكم بعضهم ما يؤمنون بها. يقول لك النبي مخلوق من نور - مع أنه مروي عن بعض الناس أنه دخل في خلقته النور، - لكن هو من طين. فيقول مخلوق من نور. هذا موجود عند بعض غلاة الصوفية؟ ويعتقدون النبي ﷺ موجوداً في كل مكان. ويعتقدون أصلاً أنه لا يجوز أن تقول عنه مات. لا تقل إنه مات، قل انتقل. وأنه له حقيقتان. يقولون الحقيقة المحمدية. يعني إيش الحقيقة المحمدية؟ يشرحون لك شيئاً إلهياً. الحقيقة المحمدية شيء يعني لا داخل العالم ولا خارجه، لا لا لا. هو من أنفسنا، بشر. ثم حتى اخترعوا قالوا لا ظل له. كان نورا. لا لا لا، كان له ظل… نعم له كرامات وله خصوصيات وله أمور ولكنها لا تخرجه عن حد البشرية.

{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}. ولا شك النبي ﷺ رأفته ورحمته بأمته معروفة. فمرة في حديث في صحيح مسلم قام الليل وصلى حتى بكى. فأرسل الله عز وجل جبريل إلى نبيه ﷺ قال الله لجبريل قل لمحمد ما يبكيك؟ فجاء جبريل للنبي ﷺ فقال له ما يبكيك؟ فقال: “أمتي أمتي”. فرجع جبريل إلى الله عز وجل قال إنه يقول أمتي أمتي، والله أعلم. قال: “قل له إنا سنرضيك في أمتك”. إنا سنرضيك في أمتك. سبحان الله.

ومن حرصه أنه ما مات وترك باباً من أبواب الخير لنا لم يدلنا عليه. “لقد مات رسول الله ﷺ وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا أخبرنا منه علماً”. اليوم كثير من الناس يتغنى ويقول لك والله حنا نحب النبي، يقولون أناشيد وإلى آخره. لكنه في الواقع يتهمونه. يأتون بالبدع، فيتهمونه بأنه ما بلغ الرسالة. ويرغبون عن سنته: “من رغب عن سنتي فليس مني”. يروى عن الإمام مالك أنه قال: “من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً ﷺ قد خان الرسالة”.

ومنهم من يقول لك العقيدة الصحيحة ما نأخذها من الأحاديث، نأخذها من العقل، العقل الأرسطي اللي هو أيضاً ظني، فظنٌ في ظنٍ. نأخذها من العقل وهو العقل الأرسطي. فهذا أيضاً منتقص للنبي ﷺ. يعني هل يعقل أن شيوخكم قد علموكم الحق والنبي ﷺ لم يعلم الصحابة الحق؟ بل بعضهم صرح مثل العز بن عبد السلام والتفتازاني أن النبي كان يقر الناس على عقولهم ولا يعلمهم الحق ويتركهم ويقرهم على التجسيم. وهذا لا يطابق {حَرِيصٌ عَلَيْكُم}. لا، في قصة الجارية مثلاً ما كانت تفهم ماذا يريد منها، رفع إصبعه ﷺ. أبو بكر وعمر ما كانوا يفهمون التوحيد والتنزيه؟ سبحان الله.

يقول معنى شهادة أن محمداً رسول الله ﷺ: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

طاعته فيما أمر، هذه يكرهها القرآنيون ومنكرو السنة. يقولون لا، احنا نأخذ فقط بالقرآن. وهذا باطل، فالقرآن دل على حجية السنة. {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}. أيضاً الله عز وجل يحكي لنا ما حصل في قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش. لو لم يكن فعل النبي ﷺ حجة عند الناس أكان الله عز وجل سينزل هذا؟ نبي الله موسى يأتي لقومه يقول إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، وهذا ما هو في التوراة، هذا كلامه هو. ومع ذلك أمروا. أيضاً أمر القبلة، الاستدلال بالقبلة. أين في القرآن؟ يعني الله عز وجل قال: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}. طيب قبلها كيف كانوا يصلون؟ ما لا يذكر ما كان قبلها في القرآن. فدل أن الناس كانت تصلي على أمر السنة.

ولهذا في حديث النبي ﷺ: “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”. وهذا حديث متواتر. ولو لم يكن قوله سنة وفعله سنة وحجة ما زجر من أن يكذب عليه. يعني خلاص الكذب عليه والكذب على غيره نفس الشيء، لأنه ما هو حجة. وأحمد بن حنبل له كتاب اسمه “طاعة الرسول”، رد فيه على الفرق الكلامية المبتدعة الضالة الذين أنكروا حجية سنة رسول الله ﷺ. وطاعته في ألا يعارض بقياس كما يفعل أهل الرأي مثلاً، إذا صح الحديث. وأن يُقبل حديثه حتى في أمر العقائد وغير ذلك. وهذه ترد في غير هذا الموضع.

تصديقه فيما أخبر. التصديق هذا بحد ذاته إيمان، بحد ذاته طاعة، تأخذ عليها ثواباً. يعني الآن مثلاً أخبار الدجال، نحن الآن ربما ندرس عن الدجال ربما لا ندركه، لكن مجرد أن نسمع هذه الأخبار ونؤمن بها هذا ثواب لنا. أسماء الله وصفاته، نسمعها نؤمن بها. أخبار الأمم السابقة، لو يخبرنا النبي ﷺ، لو يخبر عن بقرة، مرة أخبر الصحابة عن بقرة تكلمت. تمام؟ فقال: “ونؤمن بذلك أنا وأبو بكر وعمر”. هذا خلاص اختبار. أي شيء يخبرك به النبي ﷺ. بعضهم يقول لك والله ما في فائدة في هذا الموضوع. لا، دائماً في فائدة. بعضهم يريد متعلقاً سياسياً، اجتماعياً للأمور. لا، الأخبار الغيبية هذه {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. آمنوا وعملوا الصالحات. أبو بكر الصديق في رحلة الإسراء إيش اللي حصل فيها؟ النبي ﷺ أسري به، جاء يخبرهم. قالوا لصديقه الصديق: إن صاحبك يزعم… قال: إن كان قال فقد صدق. ما هو أعظم من ذلك؟ أنا أصدقه بخبر السماء. فأرغم أنف المشركين.

وهذا العلم اليوم الناس يخبرونا يقول لك والله الكواكب فيها كذا وكذا، والله الحيوان الفلاني يلد ويفعل مش عارف إيه. تجد برامج ها، ومراكز ينفق عليها مليارات لتحدثك عن عوالم لا علاقة لك بها، وعن توقعات وعن أمور بالمجرات، وكله ظن. وأحياناً يكون يقيناً لكن أنت لا تستفيد شيئاً. أخبار النبي ﷺ تصدق. وإذا جاء الأمر لأخبار النبي ﷺ يبدأ يقول لك هذا ما الفائدة؟ ما الفائدة؟ الفائدة أنه إيمان تؤجر عليه بلا نقاش عند الله عز وجل. اختبار لإيمانك، اختبار لاتساقك الفكري.

قال: واجتناب ما نهى عنه وزجر. طبعاً على المراتب. كلما كنت أعلى كلما… مو يعني الإنسان عند أول معصية يخرج من الإيمان لا طبعاً.

وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ما في شيء اسمه بدعة حسنة. هذا من تمام الإيمان برسول الله ﷺ. على عبارة مالك: فقد زعم أن محمداً قد خان الرسالة. التي بنى عليها الشاطبي كتابه الاعتصام. ابن مسعود ماذا قال؟ قال: “لأنتم على هدي خير من هدي محمد”. يقول للخوارج. لاحظ ذاك اللي قال للنبي ﷺ: “يا محمد اعدل”. ظن أن هديه أفضل من هدي محمد. الذين تبعوه زادوا في الدين زيادات لا توجد. نفس الظن. لهذا النبي قال: “يخرج من ضئضئ هذا”. فهذا هو الأصل. هذا الأصل في فرق أهل الضلال والبدع، لهذا تجتمع على السيف. أنهم دائماً يعتقدون أنهم على هدي خير من هدي محمد ﷺ.

التأكيد على أولوية أركان الإسلام والعبادات المحضة

قال: ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. هذا تفسير التوحيد. {حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. هذا الأساس. ليس الأساس الإيمان بالمعصوم كما يقول الشيعة. هذا الأساس. ليس الأساس الكلام في الجوهر والعرض والتعطيل؟ لا، هذا الأساس. ليس الأساس أصول المعتزلة الخمسة؟ لا، هذا الأساس. ليس أساسه عمارة الأرض؟ لا، هذا الأساس.

ودليل الصيام قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. ودليل الحج قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.

الصيام والحج دائماً تفسر بتفسيرات بعض الحكمة لها. يعني يحدثك أن والله الصيام للإحساس بالفقراء. هذا بعض الحكمة، لكن النص في القرآن: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. الحج يقول لك اجتماع الأمة، جميل ما في مشكلة. بعضهم قال لك هذا عرض عسكري. بعضهم كذا إيه. لكن الغاية الحقيقية: وضع الله هذه المناسك ليحط بها عن عباده ذنوب العباد. هذا هو الكلام. هذا هو توحيد لله عز وجل، إقبال، خروج من الدنيا وتذكر لأمر الآخرة. والله المستعان.

هذا أمر الإسلام. طبعاً الإنسان إذا لم يحج، إذا لم يزكي، هناك نقاش بين أهل العلم، هذا نقص في… لكن هذه أركان الإسلام الخمسة. وما من ركن إلا واختلف العلماء في إسلام تاركه. وأقوى شيء الصلاة، فالكلام في كفر تاركها. وهذه الخلافيات فشت بين أهل العلم قديماً. وهذا دليل على عظم الأمر. هذه الأمور لو تتأملها ما يفعلها إلا أهل الإسلام. غيرهم يتزوجون، غيرهم ممكن يخلصون لزوجاتهم، غيرهم ممكن يكونون أمناء في بيعهم وشرائهم، غيرهم ممكن يكون عندهم قضاء. وهذا القضاء ممكن يأتي بحقوق كثيرة. لكن هذا الأمر خاص بأهل الإسلام من أساسه. فمثلاً، مثلاً حتى في العقوبات ممكن جنس العقوبة يكون موجوداً في أمم أخرى، لكن العقوبة تختلف صورتها عنا. لكن هذه العبادات بصورتها التفصيلية لا. اليوم ممكن أناس تصوم لكن للحمية، وقليل يصوم لله. فالله المستعان.

تفصيل الإيمان وشعبه

المرتبة الثانية: الإيمان. وهو بضع وسبعون شعبة. هذا بناءً على الحديث، حديث أبي هريرة. وشعب الإيمان جمع فيها البيهقي، وجمعت فيها غير واحد. وهذه رد على المرجئة يعني.

يقول: أعلاها قول لا إله إلا الله. لا إله إلا الله عندنا في كل محل، في الإسلام وفي الإيمان. ولهذا في حديث في كتاب الإيمان أن النبي ﷺ سئل: ما الإسلام؟ قال: “شهادة أن لا إله إلا الله”. وفي حديث أبي هريرة قال: ما الإيمان؟ قال: “شهادة أن لا إله إلا الله” وذكر أركان الإسلام. لأن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.

قال: قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. أنت في التعامل مع شعب الإيمان احذر من أمرين: استحقار القليل، والتأثر بالمجتمع في ترك بعض صور الإيمان. لماذا النبي ﷺ نبه على الأمرين؟ إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان.

أما إماطة الأذى عن الطريق فهذه قد تكون مستحقرة عند الناس. الناس ممكن تكرم إنساناً تعطيه شيئاً. لكن هذه منفعة للعموم، يعني ما هي منفعة لشخص بعينه حتى يأتي ويشكرك. منفعة على العموم يسيرة. المنفعة كلما كانت أعظم وكلما كانت أخفى كلما كان إيش؟ كلما كان تعاطي الناس معها أفضل. كلما كان نفعك لشخص محدد وكلما كانت المنفعة أعظم، فكلما كثر المنتفعون وكانت المنفعة أخفى أو أيسر كلما كان الأمر لا شكر فيه. فلهذا نبه النبي ﷺ على هذا الأمر. وإماطة الأذى عن الطريق، قد تميط أذى عظيماً فيعظم أجرك بذلك. ولكن الأولى أن تفعلها إخلاصاً واحتساباً.

وهذا أمر في عموم أمور الإيمان. لما تأتي تبحث في شعب الإيمان تجد كثيراً من الأحيان يقع في ذهنك أنك تقدر تصنع طاعتك. تقدر تذكر الله. تريد أن تأتي في المسجد مثلاً وتجد شيئاً فتفعل كذا. ترى نجاسة ثانوية تغسلها كذا. فدائماً يأتيك الشيطان يقول لك هذا أمر ما يغني. أمر يسير. كما كان المنافقون يقولون عن صدقة المؤمن اليسيرة يقولون ماذا؟ ما يغني. هذا من أخطر الأمور. لا تحقرن من المعروف شيئاً. لا تدري الحسنة التي ترجح. والأمر بالمضاعفة عند الله. ففي حديث أبي هريرة الآخر أن رجلاً أزال الأذى عن الطريق فشكر الله له فأدخله الجنة. هذا كانت حسنته الكبرى التي قُبلت وضوعفت بالإخلاص.

ركز لأننا الآن صار عندنا فقه جديد اللي هو فقه القشور. هذا لب وهذا قشور. هذا لب وهذا قشور. هذا لب الدين أمره عظيم. اللحية، إعفاء… هذا قشور. لا، هذا أمر عظيم. ركز على أدناها. هذه حسنات، شعب من الإيمان. ما لها متعلق بالسياسة وما لها متعلق اقتصادي، لكن لها متعلق برضا الله عز وجل. وتجد لله عز وجل فيها حكمة بالغة.

والحياء شعبة من الإيمان. هذا الشيء الثاني اللي ينبغي أن تنتبه له. الحياء كثير من الناس يذمونه، خصوصاً في الرجل. يعني يحبون أن يكون الرجل جريئاً، خصوصاً الأعراب. إذا رأوا الرجل حيياً يقولون هذا مثل النساء. يخلطون بين الحياء والخجل الشديد وكذا. والنبي ﷺ مر على رجل من الأنصار يعظ أخاه في الحياء. يعظه يعني يقول له إيش؟ يقول له ليش تستحي؟ كناية. ليش فيك؟ إيش فيك؟ هل أنت امرأة؟ هل أنت كذا؟ هل أنت؟ فقال النبي ﷺ: “دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير”. لهذا النبي ﷺ كان أشد حياءً من العذراء في خدرها. كان من حيائه ﷺ أنه إذا رأى شيئاً يكرهه، كره أمر الفخر، يقول يُعرف ذلك في وجهه. يعني أنه لا يباشر الناس بالعبارات، يستحي منهم، ولكن يتضايق فيستبين ذلك الأمر على وجهه فيعرف الناس ما الأمر.

وأما أمر الحياء في النساء فهذا أعظم وأعظم. وتوبة أحيا من فتاة حيية. الحياء والإيمان قرينان، إذا رفع أحدهما رفع الآخر. الإنسان اللي يستحي من الناس ممكن تمر معاه تصل معاه إلى أن يصير يستحي من الله. أبو بكر الصديق كان إذا ذهب الخلاء يغطي رأسه حياءً من الله. حتى عدوها في المذهب الشافعي سنة. فهذا الأمر الآن النبي ﷺ لما قال والحياء شعبة من الإيمان، على هذا الاعتبار.

اليوم تجد أموراً كثيرة مستحقرة مع أنها كانت عظيمة عند السلف. مثلاً أنك تدرس العقيدة. هذا عند كثير من الناس يعني الدروشة هذه عندهم. لا تحفل بالأمر. بعضهم مثلاً أن يكون إزارك قصيراً، تكون عندك لحية، تكون فتاة منتقبة. هذه شعب من الإيمان. شاءوا أم أبوا. طز فيهم. والله نحن كذا نحن مش عارف إيه. بعض الناس تجد تذهب إلى بعض المجتمعات ربما يرون الكرم مشكلة. يرون السخاء مشكلة. ربما بعضهم يرى ترك التبذير المشكلة. لا تحفل بشيء من هذا. ها؟ إذا كان الأمر في نفسه إيماناً.

ضرورة الإيمان المفصل بأركان الإيمان الستة

يقول: وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}. ودليل القدر قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.

هذه المذكورة أركان الإيمان الستة. اليوم عامة الناس، عامة الحركيين وغيرهم يدعون إلى أن تؤمن بها إيماناً مجملاً. وهذا ليس صحيحاً. ليس فقط إيمان مجمل، تؤمن بها إيماناً تفصيلياً. وكلما ازددت بها معرفة ترسخ إيمانك فيها. فمثلاً لما نقول الإيمان بالله يعني الإيمان بأسمائه وصفاته والأخبار التي تذكر عنه سبحانه. الملائكة تفصيلياً، إسرافيل إيش وظيفته؟ ميكائيل إيش وظيفته؟ جبريل إيش وظيفته؟ ملك الموت إيش قصته؟ منكر ونكير تفصيلي.

والمجدد له رسالة “أصول الإيمان” من أحسن الرسائل حقيقة. الكتب كذلك، واليوم لو واحد يكفر بكتاب واحد، لو واحد يكفر بالزبور فقط، أي حيثية قطعية لو يؤمن بالإسلام كله ويكفر بالزبور، بإجماع العلماء كافر. أما إذا جاء الأمر لأسماء الله وصفاته، لا، يسهلون الأمور ويسهلون التأويلات. هذا غير صحيح. واليوم الآخر كذلك، تؤمن بالصراط، بالميزان، بالحوض.

والقدر خيره وشره. وأمر القدر، ولما ظهر نفاة القدر ماذا قال ابن عمر؟ نفوا مرتبة من مراتب القدر، علم الله بالأشياء. قال: “أخبروهم أني بريء منهم، ولو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهباً ما قُبل منه”. مع أنهم مؤمنون بكل أركان الإسلام، ويقيمون الفرائض ويقيمون كل شيء. وهذا يبين لك خطورة الانحراف. وكان قصدهم حسناً فيما يظهر. وكانوا يتكلمون في العلم، يعني هم طلبة علم أصلاً. معبد الجهني نفسه عنه أسئلة لابن عمر وابن عباس، كان يسألهم. إذاً هو كان يطلب العلم.

الارتباط بين الإحسان ومعرفة أسماء الله وصفاته

المرتبة الثالثة: الإحسان. وهذا اللي دائماً الصوفية يزعمون أنهم يوصلون الناس إليها. قال ركن واحد وهو أن تعبد الله كأنك تراه. وهذا معناه شوف ترى، شوف إمام الدعوة كان مهتما بالأمور القلبية بشكل واضح جداً. من ذكر الرغبة والرهبة إلخ. {أَن تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِن لَّمْ تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ}. وهذا معناه أنك تجتهد اجتهاداً عظيماً.

وهذا فائدة استحضار الأسماء والصفات. الآن الإنسان الذي لا يهتم بقضايا الصفات هل يمكن أن يصل إلى مرتبة الإحسان؟ الذي لا يسمع أخباراً كثيرة عن الله عز وجل. يعني الآن مثلاً أنا أعطيك مثالاً: حديث النزول. الإنسان الذي يستحضر أن الله عز وجل الآن اقترب في ثلث الليل الآخر، أن الله عز وجل نزل إلى السماء الدنيا، والله خاطبه، قال: “من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟“. هذا يستطيع الوصول إلى مرتبة الإحسان بشكل أسرع، أم ذاك الذي يؤمن أن الله ما نزل إلا أمره أو ملكه؟ أن الله عز وجل ما يخاطبه؟ هل هما شيء واحد؟

عائشة رضي الله عنها قالت: “لأنا في نفسي أحقر من أن يتكلم الله فيّ”. هذا الكلام. استعظمت أن الله يتكلم في أمرها. قالت يرسل رؤيا للنبي ﷺ. الله يتكلم فيّ بقرآن بالوحي الأعظم. فهذه الأخبار التي تحدثك عن الله عز وجل… حتى الأعرابي لما سمع النبي ﷺ يقول: “يضحك ربكم من قنوط عباده مع قرب غيره”. يعني العباد يقنطون لما مثلاً ما يجي مطر، يتضايقون وكذا ومش عارف إيش، وهو الفرج قريب لكن هم لضعفهم يقنطون. فالله يضحك من هذا، مع قرب الغير، هو عليم سبحانه وتعالى. فالله يضحك من هذا. فوقف وقفة أبو رزين العقيلي مع هذا. فجاء للنبي ﷺ وقال: أو يضحك ربنا؟ فقال النبي: “نعم”. فهنا كما يقول الصوفية خلاص وصل لمرحلة عالية فين يعيشون؟ فإيش قال؟ قال: “لن نعدم الخير من رب يضحك”. الآن هذا الذي فهم هذا المعنى وتفاعل معه هذا التفاعل، أقرب إلى مرتبة الإحسان أم الذي لا يسمع شيئاً عن الله عز وجل إلا يؤوله على الملائكة أو ينزله أو يحاول أن ينفيه؟

مع الإحسان، تعامل مع الله. شو يقول لك؟ أن تعبد الله كأنك تراه. هذا اليوم من يقول لا داخل العالم ولا خارج شلون كأنك تراه؟ ما تجي معه. ما تجي. لهذا يذكر الغزالي، كلام جميل في التصوف، يذكر عن بعض شيوخ الصوفية كان يقول، يقول الغزالي يشوقك ويأخذك منزلاً بعد منزل، فإذا به ينتهي إلى لا شيء. عقيدته في الصفات تعبانة. لا، نؤمن بالصفات، لازم نؤمن بكذا عشان نعرف التفاعل مع رب العالمين.

{فَإِن لَّمْ تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ}. لهذا حتى النبي ﷺ لكي يخشعنا في الصلاة، ماذا قال لنا؟ إذا قال، إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله حمدني عبدي. شوف كأنك الآن، كأنه في حوار بينك وبين رب العالمين. أما الجهمي إذا قال الحمد لله رب العالمين، يقول الله حمدني. أستغفر الله، حرف وصوت هذا؟ أستغفر الله، حلول حوادث؟ ها؟ أستغفر الله. لا، هذا ملك الذي يقول. طيب عبدي من هو؟ الملك؟ أنت عبد للملك؟ ها؟ الرحمن الرحيم، أثنى علي عبدي. ها؟ أستغفر الله. لا، هذا مجاز، هذا ليس حقيقة. الأحاديث يتعاملون معها كما يتعامل الناس مع المسلسلات والأفلام، يتابعها يتأثر فيها وهي يدري أنها مو صدق. فالأحاديث عن الله عز وجل كأنها كلها تمثيليات. بل ربما والله الناس إذا تابعوا الأفلام سيتأثرون حقاً، يبكون حقاً. ربما أصلاً يعطل في عقله أن هذا الأمر ليس حقيقياً حتى يستطيع أن يتأثر.

قال: والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. هذه معية خاصة. {إِنَّنِي مَعَكُمَا}. الله مع كل الناس معية عامة بعلمه وقدرته وإنعامه. لكن في معية خاصة لأهل الإيمان، لأهل الإحسان. {وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. أخذناه في التوحيد البخاري: “إنما يرحم الله من عباده الرحماء”. هذا، هذا له خاصية. اللي يحسن للخلق الله يحسن له إحساناً خاصاً.

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}. الرافضة تأولوه الساجدين في الصلاة أن أجداد النبي كلهم مسلمين، وهذا تفسير فاسد.

وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا}. وطبعاً يقول ابن تيمية في لفتة أنه يقال “كنا” إذا كان الله عز وجل يفعل الأمر عن طريق الملائكة. مع أنه هو عليم، لكنه جعل الملائكة أيضاً شهوداً. وهذا لكي يعلمنا خلق الحياء.

فوائد ولطائف من حديث جبريل

والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر. وسرد الحديث بأكمله: بينما نحن عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يعرفه منا أحد ولا… شوف أنت دقة الصحابة. هو عمر مشى، شاف له رجال قدامه. حلل المشهد كامل. طلع المعجزة بنظرة. مباشرة شاف قال هذا معجز. يستحيل واحد اثنين ثلاثة. هذا مثل الآن،

هكذا كانوا يرون حال النبي ﷺ. هكذا ينظر. هذا أمي، رجل حياته كلها صادق، لا يظهر عليه أثر كذب. جاء بعلوم من أحرج علوم أهل الكتاب. طيب مجتمعنا كله مثقفين، ما فيهم واحد سوى اللي سوى هذا الرجل. هم. هذا فيه سر، في شيء ما هو طبيعي. ها؟ هذا مؤيد. فعندهم: ساحر، كاهن. مو هذه أخلاق السحرة. ها؟ شاعر؟ لا، مو هذا. كلمة عمر هذه اللي قالها هذه تشرح لك كيفية كيف كان يفكر هؤلاء العظماء، طريقة تفكيرهم، اللي هو يقرأ الأمر بسياقه.

فلما يأتي رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر. شعره أسود، مو من أهل المدينة، كلنا نعرف بعض. إذا جاء من برا، طيب جاي من برا غير يكون عليك أثر السفر. غبرة؟ طيب، لا يرى عليه أثر سفر. ولا واحد لا يعرفه منا أحد. طيب نحن نسافر نروح مكان، كل واحد منا يعرف هذا القبيلة الفلانية، هذا… مرات مرات ما تعرفه بس تشبه، أنت أخو فلان؟ ها؟ أنت ابن عم فلان؟ شوفه يبين. جاهم جبريل يعرفونه بشكل صريح. لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي ﷺ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه. وقال يا محمد. قال يا محمد، خطاب للنبي ﷺ باسمه مجرداً. قال: أخبرني عن الإسلام. الصحابة جاهدوا وكذا وكذا. محتاجين… أنت جبريل فيهم يعلمهم الإسلام؟ إيه. الإسلام معرفة عميقة. في شيء إجمالي ينفعك في البداية، بعدين لازم تتعمق.

قال: “أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً”. ولاحظ يقول له تفعل، تحج، تشهد، كذا. لأنه هذا دين يطبق مباشرة. تعرف تطبق. مو قصة نظرية.

قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. شوف التركيز على الألفاظ. يفهمون الكلام. إذاً هو يبدو السؤال سؤال مختبر، سؤال عارف.

قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره”. قال: صدقت.

قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: “ما المسؤول عنها بأعلم من السائل”. ما في “وإن من جودك الدنيا وضرتها، ومن علومك علم اللوح والقلم”. ما في. ما المسؤول عنها بأعلم من السائل؟ فأنا ما أعرفها. {أَكَادُ أُخْفِيهَا}. رب العالمين يقول أخفاها عن نفسه.

قال: فأخبرني عن أماراتها؟ أعطينا العلامات. من رحمة الله. قال: “أن تلد الأمة ربتها”. هذه عاد موضع نقاش بين شراح الحديث. فسروها بالعقوق، أنه البنت تكون عاقة لأمها كأنها سيدة عليها. على فكرة ما ظهر هذا في زمان مثل زماننا. وهذا أصلاً تنبيه على طغيان النساء. مع أن العقوق موجود من زمان، لكن في العادة الفتاة تكون لاصقة بأمها يعني، ليش؟ تكون فيها ضعيفة مستضعفة. فلما تيجي تلد الأمة ربتها، فمعناها ربتها يعني شنو؟ يعني طاغية. موظفة ولا شيء؟ طاغية. طيب طغيان النساء متى تم، متى وجد؟ أكبر ما يكون. هذا زمن.

قال: “وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”. ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء. هذه مشاهدة طبعاً في زماننا بشكل واضح جداً. حتى نظموا كأس العالم بعد.

قال: ثم انطلق. فلبثت ملياً. ثم قال لي: “يا عمر أتدري من السائل؟“. عجيب ما سألوه. حصلوا المسألة فيها وحي. فقال له انتظر. قال: الله ورسوله أعلم. قال: “فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم”.

خاتمة

هذا وصلي اللهم على محمد.


مقدمة المجلس السابع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه من اهتدى بهداه أما بعد. فهذا هو المجلس السابع في التعليق على ثلاثة الأصول للإمام المجدد رحمه الله تعالى. واليوم مع الأصل الثالث: معرفة النبي ﷺ.

الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد ﷺ

الأصل الثالث معرفة نبيكم محمداً ﷺ.

وهو محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل ابن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم. وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. نُبِّئ بـ {اقْرَأْ} وأُرسل بالمدثر. وبلده مكة.

بعثه الله عز وجل بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد. والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}.

ومعنى {قُمْ فَأَنذِرْ}: يُنذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد. {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي: عظِّمه بالتوحيد. {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي: طهِّر أعمالك من الشرك. {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}. قال: الرُّجز الأصنام، وهجرها تركها والبراءة منها وأهلها.

وأخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد. وبعد العشر عُرج به إلى السماء، وفُرضت عليه الصلوات الخمس. وصلى في مكة ثلاث سنين. وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة.

والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. والهجرة فريضة على هذه الأمة، من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. وهي باقية إلى أن تقوم الساعة.

والدليل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}.

وقوله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}. قال البغوي رحمه الله: سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين كانوا في مكة لم يهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان.

والدليل على الهجرة من السنة قوله ﷺ: “لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها”.

فلما استقر بالمدينة أُمر ببقية شرائع الإسلام، مثل الزكاة والصوم والحج والأذان والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أخذ على هذا عشر سنين.

وتوفي ﷺ ودينه باقٍ. لا خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها منه. والخير الذي دلها عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه.

بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والإنس. والدليل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}. وأكمل الله به الدين. والدليل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

والدليل على موته ﷺ قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}.

والناس إذا ماتوا يبعثون. والدليل قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ}. وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا}.

وبعد البعث محاسبون مجزيون بأعمالهم. والدليل قوله تعالى: {لِّيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَىٰ}.

ومن كذب بالبعث كفر. والدليل قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين. والدليل قوله تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.

وأولهم نوح عليه الصلاة والسلام وآخرهم محمد ﷺ وهو خاتم النبيين لا نبي بعده. والدليل قوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}. والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ}.

وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد ﷺ، يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت. والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.

وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله.

قال ابن القيم رحمه الله: معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.

والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة:

  1. إبليس لعنه الله.

  2. من عُبد من دون الله وهو راضٍ.

  3. من دعا إلى عبادة نفسه.

  4. من ادعى شيئاً من علم الغيب.

  5. ومن حكم بغير ما أنزل الله.

والدليل قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. وهذا معنى لا إله إلا الله.

وفي الحديث: “رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله”.

تعليقات إضافية ومناقشة قضايا معاصرة

هذا هو الأصل الأخير الذي تكلم عليه الإمام رحمه الله تعالى. عسى الله عز وجل أن ييسر ونتحدث عليه بما يوفي المقام.

أهمية معرفة سيرة النبي وشمائله ودلائل نبوته

أولاً ذكر الأصل أنه معرفة النبي ﷺ محمد. والدليل أنه أصل أننا نسأل في القبر عن النبي ﷺ. وقد عني أهل العلم عناية عظيمة بالحديث عن أحوال النبي ﷺ. فصُنفت المصنفات في شمائل النبي يعني صفاته الخَلْقية والخُلُقية، منها كتاب الشمائل للترمذي، والشمائل للقفال، وهناك الشفا للقاضي عياض بأحوال المصطفى. ومن المعاصرين كتبوا كتباً كثيرة منها كتاب أبو بكر الجزائري “هذا الحبيب يا محب”، وأحسبه كتاباً جيداً حقيقة.

والنبي ﷺ كل من عرف أحواله ازداد إيماناً، وعظم الأمر في نفسه. وأنت إذا كنت دائم الذكر له صلوات الله وسلامه عليه فإن ذلك يسهل الاقتداء به. وإذا كنت دائم الذكر له فجاءك الموت وسُئلت عنه تكون منه على ذكر. ولهذا مما أُمرنا به أن نصلي عليه في صلواتنا ﷺ، على خلاف بين أهل العلم هل هذا مستحب أم واجب؟ وقد أُلفت في الصلاة على النبي ﷺ الكتب الجليلة منها “جلاء الأفهام” لابن القيم وهو من أجلها.

الرد على من يقلل من شأن النبي ﷺ

ودائماً يقولون إن الوهابية مثلاً لا يحبون النبي ﷺ أو لا يقدرونه قدره. وتأملوا، المجدد الأصل الثالث كله عن النبي ﷺ. وإذا أردت أن تزداد به علماً. ثم ذكر له صفات.

وهذا فيه نوع تعريض، لا أظن المجدد يقصده، بما ذكر عن بعض أهل الرأي عن إمامهم، ذكر أنه يقول من قال أشهد أن محمداً رسول الله فشهادته صحيحة وإن قال لا أدري من محمد هل هو عربي أم أعجمي؟ أم هو كذا أم كذا؟ وهذا قول بغيض وقد رد عليه أهل العلم.

فضل العرب والنبي منهم

ثم ذكر أن النبي ﷺ من العرب. من محبة النبي ﷺ محبة العرب. والنبي ﷺ قال: “أنا خيار من خيار من خيار”. طيب واعتقاد فضل جنس العرب هذا عقيدة أهل السنة كما ذكره حرب الكرماني في عقيدته. واليوم حتى العرب أنفسهم ما أكثر ما يذمون أنفسهم في مدح الكفار. وفضل جنس العرب معناه أن فيهم أفضل الخلق، وأنهم لهم خصال اختصوا بها فضلوا بها الآخرين. وإن كان الآخرون إن أسلموا ووحدوا فهم يصيرون أصلاً بسير العرب. فأفضلية الجنس لا تقتضي أفضلية الأفراد. ولا تقتضي أيضاً إهمال الحديث عن أمر الدين.

وذكر أن العرب من ذرية إسماعيل ابن إبراهيم. اليوم بعض الناس ينكر عروبة ذرية إسماعيل، وهذا من عجائب القضايا ومخالفة إجماعهم ومن المحاكاة للحمق. وبعضهم يفضل قحطان على عدنان ويقول أصل العرب قحطان وكذا، هذا كله كلام فارغ، فإن أفضل العرب قوم إسماعيل بلا مثنوية الذين منهم النبي ﷺ.

قال وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. وقد ذكر مغلطاي في تعقباته على ابن الصلاح أن بعض السلف عدوا، قالوا إن عمر النبي خمسة وستين. ويبدو أن خمسة وستين مع عد سنة الولادة وسنة الوفاة. ولكن من غير عد سنة الولادة وسنة الوفاة تصير ثلاثاً وستين. وهذا العمر الذي توفي به فيه أيضاً صاحبه أبو بكر وصاحبه عمر، وأما عثمان فقد طال عمره أكثر.

الفرق بين النبي والرسول

قال نُبِّئ بـ {اقْرَأْ} وأُرسل بالمدثر. الفرق بين النبي والرسول فيه كلام طويل بين أهل العلم، رجح ابن تيمية في “النبوات” أن النبي هو من لم يُرسل إلى قوم مكذبين، والرسول الذي أُرسل إلى قوم مكذبين. ولعل المجدد يميل إلى هذا ولهذا آدم نبي ونوح هو أول الرسل.

أهمية تعظيم مكة والمدينة

قال وبلده مكة. وهذه الكلمة “وبلده مكة” كنا لقد كنا قديماً نمر عليها مروراً. لكن ينبغي أن ننبه مع ظهور النفس الوطني وغير ذلك أنه ينبغي أن يكون الحرمان في نفس كل مسلم أفضل من بلده. واليوم مثلاً حتى بعض الناس ينزل فضائل مكة التي وردت “البلد الأمين” ينزلها على كل السعودية، هذا خطأ. البلد الأمين مكة فقط. طيبة المدينة فقط. تبوك ما لها علاقة. الطائف ما لها علاقة.

البلد في كلام الأوائل ما نسميه اليوم المحافظة أو المدينة. فاليوم كل دولة فيها عدة بلدان على الاصطلاح القديم. لهذا النبي ﷺ هاجر من مكة إلى المدينة. نحن هذا اليوم لا نعتبره هجرة، نقول هذا بلد واحد. لا مشكلة. لا، هو قديماً كانت هذه بلدان. وهذا أمر ملاحظ اليوم حتى في اختلاف عادات الناس.

أولوية الدعوة إلى التوحيد

قال بعثه الله عز وجل بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد. يعني هذا هو الأصل الكبير: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا}. ثم أورد آيات المدثر فيقول ومعنى {قُمْ فَأَنذِرْ}: ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد. {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي عظمه بالتوحيد. {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال طهر أعمالك من الشرك. بعضهم قال الطهارة للصلاة، بل هذا أظهر. بعض الناس يشنعون على المجدد ويتكلمون فيه لهذا السياق. وهذا التفسير مروي أولاً عن جماعة من المتقدمين. ثانياً هو يؤخذ بالإشارة. فقد نبه ابن تيمية على موضوع الإشارة، فكثير من أهل العلم يتكلم بالإشارة. فمثلاً يقول عندنا حديث: “لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة”. فقال بعضهم: ولا الحقائق الدينية قلباً فيه كبر أو عجب. من باب الإشارة، هو لم ينفِ التفسير الأساسي. قال {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}. الرجز الأصنام وهجرها تركها والبراءة منها وأهلها. طبعاً نعم وكل آية في الأصنام تشمل كل معبود سوى الله، لا خصوصية للأصنام.

عظمة الصلاة ومكانتها

يقول أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد. وبعد العشر عُرج به إلى السماء وفُرضت الصلوات الخمس. الصلوات الخمس فُرضت عند الله عز وجل، في سابع سماء فرضها الله على نبيه. انظر إلى عظمتها. فرضها الله مباشرة، وفرضها في أعلى عليين. وكانت خمسين ثم صارت خمساً في العدد وخمسين في الأجر أيضاً. فسبحان الله، فأمر الصلاة عظيم وجليل. ولهذا الصلاة لها خصوصيات لا توجد في غيرها، من أهمها أن “بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة”. وكان أصحاب محمد ﷺ لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.

والشيخ طبعاً لماذا يعني مثلاً نبه على الصلاة مراراً وتكراراً؟ لأنه كان مثلاً يخاطب الأعراب الذين كثير منهم كانوا لا يصلون ولا يعرفون الصلاة. وقد جاءتنا من أخبارهم أمور عجب بالإسناد. بعضهم كان لا يعرف القبلة. ولا… وسبحان الله.

أهمية الهجرة في حفظ الدين

وبعدها أُمر ﷺ بالهجرة إلى المدينة. قال: والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. والمجدد نبه على هذا في سيرة النبي ﷺ لينبه الناس إلى الهجرة لأنه كان في زمنه كان كثير مثلاً يميلون للتوحيد ولكن يبقون في ديارهم. فما يلبثون أن يتعلم أولادهم الشرك أو يُغلبوا على أولادهم أو على نسائهم أو هم يضعفون أو يصيرون يداهنون المشركين. من أشهرهم مثلاً ابن سحيم عدو الدعوة، هذا لما كان عند المجدد كان يقر له بكل شيء بالتوحيد وكذا وكذا، ثم بعد ذلك لما ذهب وابتعد عن البلد صار من كبار أعداء الدعوة. فأمر الهجرة، فالهجرة أمرها عظيم. ومن زمان هذا أمر معروف، يعني أن المخالطة مؤثرة. نعم، الأمر ليس عذراً، لكن المخالطة مؤثرة.

الرد على شبهة تكفير المجدد لمن لم يهاجر إليه

فأعداء الدعوة أخرجوا إشاعة عن المجدد، قالوا هو يكفر من لا يهاجر إليه. وهذا باطل وقد تبرأ هو من ذلك. بل هو أصلاً كانوا بعض أصحابه يتحمسون فيقول لهم: والله صاحبنا فلان ذهب إلى البلاد الفلانية بلد الشرك وجلس فيه مدة ثم عاد، ما نفعل به؟ فيقول لهم الشيخ: لا تعنفوه لا تعنفوه. وذكر ذلك في الرسائل الشخصية.

حكم الهجرة في زماننا

أما اليوم فالأمر وقع فيه اختلاف. وأيضاً لابد حقيقة من الهجرة خصوصاً من بلاد الكفار الموجودة الآن، هذه بلاد قوم لوط هذه سبحان الله فيها إشكال عظيم. وقول المجدد الهجرة الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام. اليوم عكس الأمر، صار الإنسان يذهب إلى بلد الكفر يقولون مهاجر. والهجرة حتى من بلد الفسق إلى بلد الخير لا مشكلة، هذه أيضاً هجرة شرعية. يعني تكون في بلد فيها بدعة ليسوا كفاراً مبتدعة، ثم تهاجر إلى بلد أهلها أهل سنة، هذا أفضل، أفضل لدينك، أفضل لأبنائك. حتى إن أهل العلم كرهوا أن الرجل إذا تزوج كتابية في ديار الكفر أن ينجب منها، قالوا يخشون أن يُغلب على ابنه. واليوم ما أكثر ما يُغلب الناس على أبنائهم في ديار الكفر.

في زمن المجدد كان يحصل هذا، كان الموحد يعملون لهم مشاكل. حتى أذكر أني كنت أقرأ مرة كتاباً في تاريخ حلب فذكروا عن رجل أظنه كان من أهل القصيم أو من أهل كذا كان يعيش فيها، عاش في حلب لتجارة أو كذا واستوطن. فكان أهل حلب يعرفونه بالوهابي بس هو ما كانوا يعملون له مشاكل واجد. وكان رجلاً لتجارته ولأمواله لا يتعرضون له بالأذية. ولكن كثيراً ما كان يتعرضون لهم بالأذية.

خالد بن الوليد مرة جلد رجلاً في حد، وجلد مرة أخرى رجلاً. فقال له شخص قال يا أبا، قال له يا أبا سليمان إنها الفتنة، جلدت بالأمس رجلاً في حد واليوم رجلا في حد. فقال خالد ابن الوليد ليست هذه الفتنة. قال الفتنة أن يكون الرجل في البلد يُعصى فيها الله فيريد أن يذهب إلى بلد يُطاع فيها الله فلا يجد. فهذه الفتنة.

الخرقي ترك بغداد لما اشتهر فيها سب الصحابة. قال لا أقيم في بلدة يظهر فيها سب أصحاب رسول الله ﷺ. ونبه ابن تيمية على معنى، قال الهجرة أحياناً تتخلف في حق بعض الناس، يكون هو عالماً، يكون عالماً ويكون في هذا البلد يُنتج، يُدخل أهل الشرك في الإسلام، وهو ليس عليه ضرر كبير. أو يُدخل أهل البدعة في السنة، فيقول لا، هذا يكون المقام في حقه أفضل لأنه يؤثر. لكن أين هذا؟ هذا ليس كثيراً. والإنسان ينظر إلى الحال.

توجيه حديث “لا هجرة بعد الفتح”

قال والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. هو قال فريضة، خلوها تكفير. ومن المسائل اللي اختلف فيها أئمة الدعوة مع إخوان من طاع الله لما وقع الخلاف هذه، أنهم كانوا يكفرون من لا يهاجر. وقد رد عليهم الشيخ سليمان بن سحمان في رسالة “منهاج أهل الحق والاتباع”، ورد عليهم أيضاً في رسالته “إرشاد الطالب إلى أهم المطالب”.

قال وهي باقية إلى أن تقوم الساعة. ليش؟ بعض الناس قالوا النبي قال “لا هجرة بعد الفتح”، انتهى الأمر. وهذا ما أحد من أهل العلم فهم هذا الأمر. بعضهم قال لا هجرة من مكة. وبعضهم يقال النبي ﷺ قصد في حياته، قصد في حياته أنه نحن الآن لا هجرة لنا، فصارت الديار كلها ديار إسلام. أو الهجرة لأصحابه. قال لا هجرة بعد الفتح، جعل هجرة خاصة. أنه قديماً كان الناس يهاجرون من مكة، فلما صارت مكة دار إسلام قال النبي مخاطباً أهل مكة الآن ليس بينكم حاجة إلى الهجرة إلى المدينة، لأن مكة صارت تحت سيطرتنا خلاص، فلم يعد يوجد حاجة إلى الهجرة.

لكن هذا ليس معناه أنه الله يبارك فيكم أنه ما في هجرة في آخر الزمان. ما هو صحيح. أو حتى في أي مكان، يعني مثلاً واحد يعيش تحت قرامطة تحت رافضة تحت كذا يهاجر إلى بلد السنة، هذا أمر مشاهد يعني. اليوم ما أكثر الناس الذي يهاجر خوفاً على نفسه، فما بالك بموضوع الخوف على الدين؟

خطورة تكثير سواد أهل الباطل

بل النبي ﷺ يعني سهل في أمر الانتقاص من حقه لأمر الهجرة. لما قال له أحد الصحابة الكرام رضي الله عنه وأرضاه يعني ائذن لي بأن أقول فيك كلمة الكفر وأقول كذا لأن عندي أهلي عند المشركين. فقال له النبي ﷺ، فأذن له النبي ﷺ.

ثم أورد الدليل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ}. هذا البخاري أورد خبرا في كتاب الفتن باب كراهية الظلم والفتن من طريق عكرمة. أن عن ابن العباس أنه قال كان رجال، لما ابن عباس كان ينهى عن القتال في الفتنة، قال كان رجال من المسلمين يخرجون مع المشركين لا يريدون قتال المسلمين، يكثرون سواد المشركين. يعني مسلم عايش في مكة، فأهل مكة الكفار يذهبون يريدون يقاتلوا أهل المدينة كما حصل، هو يخرج مع الكفار من باب حمية وقومنا، لكن هو لا يريد أن يقاتل المسلمين لأنه هو على دينهم. يقول فقط يكثرون سوادهم. فأنزل الله فيهم هذا.

وينبغي أن ينتبه الإنسان لمسألة تكثير سواد أهل الباطل مع عدم التمايز، مع عدم المقت. هذه المسألة ما هي سهلة. والله عز وجل استثنى المستضعفين. فأورد الإمام كلام البغوي وغيره. وحقيقة كنت أتمنى لو أورد حديث البخاري ولكن المجدد يبدو أنه كان يملي إملاء ويحاول أن يختصر قدر المستطاع.

قال والدليل على الهجرة من السنة قوله ﷺ: “لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها”. فهذا دليل هو توجيه حديث لا هجرة بعد الفتح.

منهجية الدعوة والبدء بالأهم

يقول فلما استقر بالمدينة أُمر ببقية، أُمر ببقية الشرائع مثل الزكاة. طيب آيات الزكاة سور مكية تذكر الزكاة في سورة البينة وغيرها. الزكاة في مكة قال أهل العلم إن الزكاة في مكة كانت مطلقة الصدقة. يقول أما في المدينة فُرضت وقُسمت وجُعلت لها الأنصبة وغيرها. والصوم والحج والأذان والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أخذ على هذا عشر سنين. ينبه على هذا المعنى لماذا؟ يريد أن ينبه أصحابه أنكم إذا ذهبتم تدعون الناس عليكم أن تنتبهوا، ينبغي أن يرسخ التوحيد فيهم أهم شيء، مثل قصة حديث معاذ، ثم بعد ذلك تدعونهم للأمور الأخرى.

الرد على أهل البدع ودعوى البدعة الحسنة

قال وتوفي ودينه باقٍ. وهذا دينه. لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه. هذا لخلاف الناس اللي يقولون فيه بدعة حسنة أو كذا أو كذا أو كذا. المجدد يريد الحديث عن هؤلاء. والخير الذي دلها عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرنا منه الشرك وجميع ما يكره الله ويأباه.

بعض الكتب في دلائل النبوة

أيضاً تنبيه، أهل العلم يصنفون في الشمائل للنبي ﷺ ويصنفون أيضاً في دلائل النبوة. فعندنا مثلاً في كتاب أعلام النبوة في صحيح البخاري. وفي دلائل النبوة للفريابي، ولأبي نعيم، وللبيهقي. وهناك كتب أعلام النبوة التي هي تكون سياقها جدلي. ومن أحسن ما كُتب في دلائل النبوة ابن تيمية في “الجواب الصحيح”، وابن القيم في “هداية الحيارى”. وحتى المعتزلة لهم مؤلفات كثيرة في ذلك. وفي عصرنا الشيخ مقبل الوادعي كتب “الصحيح المسند من دلائل النبوة”. وأيضاً كتب من المعاصرين أيضاً سعيد عبد القادر باشنفر له كتاب في دلائل النبوة كبير. وأيضاً من المعاصرين أيضاً سامي عامري له كتاب في براهين النبوة.

الرد على منكري عموم رسالة النبي ﷺ

يقول المصنف: بعثه الله إلى الناس كافة وافترض طاعته على جميع الثقلين. هذا فيه رد على من يقول إن النبي ﷺ مبعوث للعرب خاصة. اليوم بعض الناس كأنهم هكذا. يعني بعضهم ينكر الدعوة العالمية. بعضهم، بعض المنافقين الليبراليين يقول هذا. بعضهم يقول لماذا نذهب نجاهد الكفار؟ ويمكن جاء الطلب وغيره. كأنه يريد أن يقول إن النبي ﷺ ما معه من الوحي ليس ضرورياً لبقية الناس وقد بلغهم ما بلغهم. فلهذا طاعته ليست واجبة.

وبعضهم يعني مثلاً بعضهم ماذا قال؟ قال اليهودي أو النصراني إذا عمل عملاً صالحاً كما يقول عدنان إبراهيم، ولم يؤمن بوجوب اتباع النبي ﷺ فهذا ناجٍ يوم القيامة. وهذا خلاف إجماع المسلمين بل هذا قول كفر. فهذا {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}. حتى اليوم من الناس من يقول مثلاً اليهود والنصارى أهل كتاب ليسوا كفاراً. الله يقول: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا}. فكيف لا يكونون كفاراً؟ فبعضهم يفرق بين الكفر والشرك. في أهل الكتاب. فأيضاً من يقول هذا يخالف.

فبعض الفقرات هذه قديماً لما كنا نقرأها لما قرأناها في بداية حياتنا كنا نقول المجدد يقرر معاني بدهية. ولكن في الواقع لما ذهبنا وجئنا وكذا وكذا وجدنا أن هذه المعاني اللي يقررها المجدد الآن معانٍ عليها إشكالات عند كثير من الناس.

الرد على منكري كمال الدين (البدعة، القراءات الجديدة، الإمامة الشيعية)

وأكمل الله به الدين. والدليل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. اليوم كثير من الناس عنده مشكلة في موضوع كمال الدين. اللي آمنوا بنبوات جديدة مثلاً أتباع ميرزا غلام وأتباع البهاء وأتباع… مشكلتهم أنهم يرون أن الإسلام لا يواكب القيم الغربية وبالتالي نحن نحتاج إلى وحي جديد.

ومن الناس من يقول لك قراءة جديدة. قراءة جديدة هذه نوع من أنواع الالتفاف الدبلوماسي على انتهاء النبوة. هو لا يريد أن يقول لك أريد نبوة جديدة، يقول لك أريد قراءة جديدة، يعني حرر، اذكر لي ديناً جديداً.

تطور الدين أيضاً عند الشيعة الإمامية حين يقولون عندنا اثني عشر إماماً. واثني عشر إماماً هذا كل واحد منهم له حق التشريع المطلق. وحتى يقولون مثلاً كما في الغيبة للنعماني يقولون إن الإمام الحجة يعني المهدي سيأتي بكتاب جديد ووحي جديد على العرب شديد. فعندهم أن هذا النبي محمد لم يكتمل دينه. لهذا أعجبتني كلمة حسين المؤيد قال: فكرة الإمامة التفاف على ختم النبوة. التفاف. هو لا يريد، هو لا يؤمن أن النبي… وماذا فعلوا؟ قالوا عندنا غائب، وهذا الغائب بدأوا ينسبون له التشريعات، وهو له حق النسخ عندهم.

الرد على منكري موت النبي ﷺ

قال: والدليل على موته ﷺ. أنت تقول الدليل على موته؟ من يناقش في موته؟ يناقشون أصلاً، يقولون إنك إذا قلت النبي ميت فأنت قليل أدب. قل انتقل. الآن تجد مثلاً جماعة الأحباش وغيرهم. يقول النبي انتقل. لا تقل قبل أن ينتقل. يعني ما تقول مات. يقول لك هذه كلمة مات يعني فيها سوء أدب مع النبي ﷺ. هو أبو بكر الصديق وقف على المنبر بعد وفاة النبي ﷺ وماذا قال؟ قال من كان يعبد محمداً - قالها بالتجريد عشان يعني خلاص يريد أن يريد أن يقطع دابر الغلو من الأساس - فإن محمداً قد مات. ومن كان يعبد الذي في السماء… وفي رواية البخاري: ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وتلا الآية هذه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}. الآن حتى هذا أيضاً التفوا عليه فيقول لك النبي عايش معانا أو يحضر، وحضرة النبي، ويأتي ونراه. وكذلك الأولياء يذهبون ويأتون ويفعلون وكذا وكذا. إذاً ما موتهم؟!

الرد على منكري البعث (الفلاسفة وبعض الأعراب)

قال: والناس إذا ماتوا يبعثون. طيب يبعثون يعني هذه في أحد ينكر البعث؟ نعم. أنكر البعث طائفتان: طائفة من أعظم أذكياء الناس، وطائفة أخرى من أبعد الناس عن الذكاء. أما أذكياء الناس الفلاسفة، جماعة ابن سينا، اللي أنكروا معاد الأبدان. أنكروا معاد الأبدان. ولهم شبهات في ذلك كثيرة. وقالوا الذي تُبعث الأرواح فحسب. وهؤلاء كانوا يشهدون الشهادتين وكانوا وكانوا، وكانوا كفاراً باتفاق أهل العلم. وقد حاول ابن رشد أن يذب عنهم فما أغنى شيئاً. ولهم شبهات مشهورة في كتب الفلاسفة: شبهة الآكل والمأكول. أكثر من يتكلم بهذا الرافضة، يعني يذكرون هذه الشبهات وغيرها.

طيب وأما الطائفة التي من أخس الناس، طائفة من الأعراب في زمن المجدد كانوا ينكرون البعث. أو كانوا يعني يصنعون شيئاً مثلاً إذا مات الميت يضعون عنده شيئاً ويقولون ودعناه، فيعني أن الأرض لا تعطيه أو كذا، فعلوا شيئاً من هذا. وقد ذُكر عن بعض القبائل إنكار البعث، بعض قبائل معينة ذكر عنها هذا، بعض القبائل التي يعني حتى عندها دنو في النسب وغير ذلك. فذكر ذلك عدد من أئمة الدعوة.

قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ}. وقوله: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا}. وقد نبه ابن القيم في “الفوائد” أن إنكار البعث مبني على الضعف في فهم ثلاث صفات: صفة الخلق وصفة العلم وصفة القدرة. فأنت إذا آمنت بصفة الخلق، الذي خلقه أول مرة من البداية أسهل عليه أن يعيده: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}. ثاني شيء العلم: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ}. فهم يقولون إذا الأرض أكلت بدني، طيب كيف يعني؟ الله عليم بهذا؟ عليم بما أنقصت وستعيد هذا الذي أنقصته. وأيضاً القدرة. عفوًا، قلنا الأولى الخلق وهي القدرة، والثانية العلم، والثالثة الحكمة: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.

قال: وبعد البعث محاسبون مجزيون بأعمالهم. والدليل قوله تعالى: {لِّيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَىٰ}. ومن كذب بالبعث كفر. والدليل قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

يأتي إنسان يقول طيب حديث الذي أحرق نفسه ومش عارف إيه؟ نتكلم على قواعد عامة. والمحرق نفسه ما أنكر البعث من جنس الإنكار، هو يعلم أن الله عز وجل يبعث الأموات بطبيعة الحال، لكنه قال لو أحرقتموني قد لا أُبعث، قد لا… وشك. فهو هذا بحث مختلف. وهذا من اعتقد عقيدته اليوم بعد البيان يكفر، ما في مشكلة.

وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين. والدليل قوله تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}. طيب ما، لماذا؟ كثير من الناس يظنون أن الرسل أرسلوا ليعبدوا، أن يكونوا وسطاء بيننا وبين الله. ومن الناس من ومنهم من جفا، وقال الرسل جاءوا فقط لماذا؟ جاءوا ليبلغوا الكتب ثم لا يُقتدى بهم. وهذا غير صحيح. لهذا النبي، لهذا الله عز وجل قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.

الرد على منكري ختم النبوة (القاديانية، البهائية، غلاة الشيعة)

يقول: وأولهم نوح عليه الصلاة والسلام وآخرهم محمد ﷺ هو خاتم النبيين لا نبي بعده. فهذا يدل على كفر جماعة أمة الإسلام، القاديانية، البهائية، إلى آخره. حتى الإمامية الذين يقولون إن الإمام أفضل من النبي. الشيعة الإمامية عدد منهم يقولون إن الإمام المعصوم أفضل من الأنبياء عدا نبينا صلوات الله وسلامه عليه. وينقلون خلافاً في نبينا. إذاً، إذا كان سيأتي بعد النبي ﷺ من هو أفضل من النبي، فهذا أشد منه، هذا أشد من وجود نبي بعده. وهذا الكفر البواح. وهذا أيضاً احتيال على ختم النبوة. فكل هؤلاء كفار. يقول لك والله يكفر عدد كبير. والله ما حنا داشين مسابقة بالأرقام، احنا أهم شي ننقذهم.

والدليل قوله تعالى، والدليل على أن أولهم نوح: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ}. طيب وكل أمة بعث الله إليها رسولاً: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. لكن الرسل هؤلاء لابد أن نجد لهم ذكراً في الميثولوجيا أو في علم الآثار؟ لا، ليس بالضرورة. بشر وماتوا، لا يوجد لهم تماثيل ولا يوجد لهم كذا ولا يحبون هذا.

وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. قال ابن القيم: معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع. والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله. أن الطاغوت هو الشيطان هذا مشهور. من عُبد من دون الله وهو راضٍ. وهذا أيضاً {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. ومن دعا لعبادة نفسه. ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه. هذا زائد، هذا زاد على السابق أنه دعا. أما الآخر فذاك يحب أن يعبدوه ولا ينكر عليهم.

تفصيل الكلام في الكفر بالطاغوت (علم الغيب، الحكم بغير ما أنزل الله)

قال: ومن ادعى شيئاً من علم الغيب. من ادعى شيئاً من علم الغيب. وموضوع علم الغيب هذا فيه التفصيل. موضوع علم الغيب هذا فيه التفصيل فيمن آمن به. فالنبي ﷺ قال: “من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول” - والكاهن والعراف تصديقه بماذا؟ بالغيب - قال: “فقد كفر بما أنزل على محمد”. هذا حديث. وفي حديث آخر قال: “من أتى كاهناً أو عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً”. بعض أهل العلم قالوا: إنك إذا أتيت الكاهن والعراف وصدقته كفرت وخرجت من الملة. وإذا أتيت الكاهن والعراف فلم تصدقه لم تخرج من الملة.

وفي الواقع هذا التفصيل فيه نظر. فإن عندنا روايات ثابتة في مسند أحمد وغيره: “من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً”. وبوب ابن بطة باباً في كفر الساحر والكاهن والعراف. فالكاهن والعراف نفسه كافر خلاص، طاغوت. لكن الذي جاءه هذا التفصيل فيه. ولهذا في الجمع بين الحديثين، القول بأنه غير مخرج من الملة وذكر هذا الأمر ابن تيمية. وهذا تفسير الإمام أحمد. وعلى هذا، من أتى كاهناً أو عرافاً نقول له أنت في خطر. طيب إن صدقه في غيب لا يعلمه إلا الله، غيب كلي، مثل الخمسة اللي في آخر لقمان، هذه كفر مخرج من الملة. أما إذا صدقه في شيء جزئي، شيء ضاع، الأمور اللي القرين يُعلم بها، فإن هذا هو الذي يكون كفره كفراً أصغر، ولا تقبل له صلاة أربعين يوماً. وهذا عاد توسع الناس اللي يقعد يقول لك إن فعلت كذا أنت ما كفرت بالطاغوت، إن فعلت كذا أنت ما كفرت بالطاغوت. ما أنت الآن هذا موضع الكاهن إيش؟ خاصة في مسألة التحاكم.

ها شوف موضوع الكهانة هذا إيش؟ هذا فيه تفصيل. ومن حكم بغير ما أنزل الله. وهذه الفقرة أخذها بعض الناس وقالوا هذا محمد بن عبد الوهاب رجل خارجي. قال ليش؟ لأنه يكفر من يحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً. وهذا موجود في التفاسير المروية عن السلف مثل عند السمعاني، وعند الآجري في الشريعة، وعند غيرهما. أنه كُفِّر من يحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً قول الخوارج. وقالوا ابن تيمية قال في منهاج السنة في آية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. قال: يدل بها الخوارج على تكفير من حكم بغير ما أنزل الله. طيب فقالوا هذا شيخنا يكفره مطلقاً، وبالتالي هو خارجي. وهذه كان عليها جواب في “توحيد الخلاق”. اللي منسوب لسليمان ابن عبد الله. والمجدد اختصر “الإيمان” لابن تيمية وفيه في اختصاره للإيمان ذكر كلام ابن تيمية في التفصيل في الحكم بغير ما أنزل الله، بين الصور المكفرة والصور غير المكفرة. وذكر أثر ابن عباس: “كفر دون كفر”. وأيضاً نبه على هذا سليمان بن سحمان في “إرشاد الطالب”. وهو في كتاب التوحيد فصل في ذكر في باب من أطاع العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، فتكلم عن أمر الاستحلال.

ووصف الطاغوت هل يقتضي التكفير مطلقاً؟ هذا ما دافع به بعض الناس. فقالوا إن الرأس في كل ضلالة مثلاً ليس بالضرورة يكون كافراً. فالرأس في ضلالة المرجئة مثلاً. وقالوا إن الشيخ نفسه ذكر أن من لا يعمل بعلمه يعتبر طاغوتاً. وكذا وكذا. يعني قالوا إن الأمر فيه تفصيل. بعض الناس قال لا، تفصيل طاغوت أكبر، طاغوت أصغر، هذا تقسيم بدعي. وسواء قسمناها ولم نقسم، في موضوع الحكم بغير ما أنزل الله علينا أن نقضي بالوارد عن السلف الكرام، والوارد في أحاديث النبي ﷺ.

فعامة الطوائف أهل الباطل يحكمون بغير ما أنزل الله. أهل البدع يقولون بالبدعة الحسنة، هذا حكم بغير ما أنزل الله بدرجة. في ناس يحكمون بغير ما أنزل الله يقدمون العقل على النقل، وهذا من أقبح الصور على الإطلاق.

ونحن عندنا ثلاث شرائع: عندنا شرع منزل، وشرع مؤول، وشرع مبدل. الشرع المؤول هو أن يأتي عالم ويجتهد اجتهاداً سائغاً، هذا لا يجوز اتباعه ولا يجوز تكفيره. وعندنا شرع مبدل، يأتي إنسان بشرع من عنده يقول هذا شرع الله، ويكون هذا باطلاً واضح البطلان. فهذا يكون بين الابتداع والكفر. وإذا كان خالف معلوماً من الدين بالضرورة فهذا كافر. لهذا مثل الحجاج تنازعوا في كفره. لأنه جاء إيش؟ جاء بشرع مبدل. الحجاج بن يوسف الثقفي. ابن كثير يقول هناك إجماع أنه لم يُكفر. غير صحيح. حتى ابن حجر ذكر أسماء من كفره. الحجاج بن يوسف الثقفي كان يأخذ الجزية من المسلمين. يهودي أو نصراني يسلم يأخذ الجزية منه. فقيل ليش يا الحجاج تستمر بهذه الجزية منه؟ قال هؤلاء بمنزلة عبيدنا. العبيد يجوز أن تأخذ منه المال إذا كان يعمل لك. فقالوا له: أنت ألغيت حكم الله بقولك هذا. كمن قال {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}. فكفره كثير من العلماء ولم يكفره أمثال ابن سيرين. وهذا سبب خروج الناس عليه. وقد نبه على هذا المعنى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب “الغريب” وفي كتاب “الأموال”.

والشيخ هنا يقول “من حكم”، يتحدث عن مطلق الحكم. فإن كثيراً من الناس يأتيك ويكلمك بالحكم بغير ما أنزل الله. فإذا فصلت واستدرجت معه، وإذا به يحدثك عن ماذا؟ يحدثك عن صورة معينة مقيدة. فتجد أنه هو أهم شيء عنده يكفر، هو لا يتكلم بالمقيد، يتكلم بالصورة المطلقة. أهم شيء يحكم بالكفر. حتى أنه لا يستوعب. فأنت على سبيل المثال لو أردت أن تكفر الطائفة الممتنعة، هل تستدل بأحاديث القتل والقتال مثلاً؟ ستستدل بأحاديث خاصة بالطائفة الممتنعة. أليس كذلك؟ وتقريباً لا تجد أحداً يطلق هذا الإطلاق، حتى كثير من الناس، إلا قلة قليلة. كثير من الناس يستثني المسألة والمسألتين. يقول لك لو رجل إذا كان يحكم بالشريعة مطلقاً ثم جاءته مسألة أو مسألتين فحكم بغير ما أنزل الله هل يقال طاغوت؟ هو هذا البحث. وهذا التقسيم تقسيم ابن القيم أصلاً. وهذا الذي ذكره ابن القيم، وابن القيم نفسه في كتاب الصلاة فصل في هذه المسائل في مسألة الحكم وغيرها. ولي أنا في ذلك دراسة مطولة، لكن الشاهد تبرئة الإمام من الافتراء الذي وقع عليه.

تبرئة الإمام من تهمة التكفير المطلق للحاكم بغير ما أنزل الله

قال والدليل قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ}. حتى من ضمن، على كلمة طاغوت ابن تيمية مرة يتكلم عن كبار الأشعرية فيقول طواغيتهم في “التسعينية” الذين أصلوا لهم هذه الأصول لما تكلم عن مسألة العلو. ابن القيم يقول: ما جاء الطاغوت الذي ينفون به الصفات.

اليوم موضوع الطاغوت هذا اختُزل في السياق الحقوقي، وجود حكام ظلمة. ترى الآن مثلاً ممكن إنسان يسمح لك بأشياء محرمة عليك. يقول لك افعلها. يعني اليوم الناس عندهم هنا الطاغوت اللي يسجن، اللي يضرب، اللي يسوي. لكن مثلاً لو جاء إنسان وقال كل الناس يأخذوا راحتهم. اللي يبي يشرب خمر يأخذ راحته. اللي يبي يسب الرسول يأخذ راحته. اللي يبي… اللي يسب الرسول يأخذ راحته. كلكم خذوا راحتكم. أهم شي تدفعون ضرايب، أهم شي كذا، أهم شي ما تلجؤون للعنف. اليوم في معيار كثير من الناس هذا مو طاغية. وفي الواقع أن هذا طاغية. وهذا اليوم أشد أنواع الطغيان لو تتأمل، لأنه هو الذي يفتن الناس أشد الفتنة، هذا النوع الحقوقي. اللي يجي يقول الناس تبي تزني خليها تزني بكيفها. اللي يعترض لهم يضربهم. اللي يجيهم مثلاً يقول لهم براحتك بس أنا ما لي علاقة كدولة.

طبعاً المجدد يقول وهذا معنى لا إله إلا الله. في زمن المجدد صارت إشكالية، كثير من الناس وإلى زماننا هذا، في كثير من الناس يقول لك أنا أوحد في نفسي، ومو ضروري أنكر الشركيات. أو حتى لو لم أكفر بغير الله أو عبدت أو كذا لا أكره الأمر. اليوم هذا حتى في زماننا يدعى له، هذا التعايش، أنه أنت ابق دينك، عقيدتك مسألة فردية. لا تقول للناس أنتم إذا ما مشيتوا على التوحيد فإنتم في نار جهنم، أو تنكر عليهم أو كذا.

توضيح معنى رأس الأمر وعموده وذروة سنامه وارتباط الجهاد بالتوحيد

قالوا في الحديث: “رأس الأمر الإسلام”. الآن الإسلام شُبّه كأنه إيش؟ كأنه دابة لها رأس. رأس الأمر الإسلام يعني التوحيد. الرأس إذا ذهب ما عاد تنفعك أشياء ثانية. ما عاد ينفعك ذروة السنام. أنت الحين لو ناقة لو قطعت رأسها خلاص بعد ما ما راح يضر شيء، ماتت. “وعموده الصلاة”. هذا عموده الأعظم. وممكن نقول في أربعة أعمدة أخرى. {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ}. “وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله”.

والمجدد يعني يذكر هنا، يعني يذكر لأنه بدأوهم بالتكفير والقتال. فصاروا يجاهدون وصاروا يقاتلون. في مثل هذا الموضوع وقال هم بدأونا بالتكفير والقتال. وما أكثر ما يتم الكلام على المجدد في موضوع القتال يعني ليش قاتل؟ ليش كذا؟ ليش كذا؟ هذه الشبهات تشبه شبهات النصارى على فتوحات الإسلامية. أنه والله ليش فيه فتوحات؟ ليش الناس تقاتَل؟ طيب ما هو قال لك بكل وضوح؟ قالت هم بدأونا بالتكفير والقتال. زيادة على ذلك، الرافضة هم بدؤوا. طيب لما نجد ناساً لا يصلون أو لا يزكون أو ينكرون هذا الأمر؟ ما أبو بكر الصديق قاتل الناس عليه. ثم بارك الله فيهم إلا أن يوحدوا.

وسبحان الله أصلاً الدعوة، دعوة المجدد، عُصم بها من الدماء أضعاف ما سُفك. كيف هذا؟ لما اتحدت الناس تحت حاكم واحد وغير ذلك. قديماً كان يغزو بعضهم بعضاً. فلما اتحدوا تحت حاكم واحد وعقيدة واحدة كان ذلك أدعى لحصول الأمن وتأمين الأمور وغير ذلك. وهذا ما كان يحصل في جهاد الإسلام القديم. فتكون قبائل متناحرة، نعم يأتي أمير يدعو هؤلاء فيسمعون له، ويدعو هذا فيسمعون، والآخرون يقاتلون فيهزمون. وكذا وكذا. ثم بعد ذلك حروب كانت ستدوم عشرات السنين بين هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، تُعصم بها الدماء. وهكذا هذا عموم، عموم ما يُرى من الضرر في الشرع سبحان الله يكون مآله إلى خير.

نقد تحويل الجهاد إلى أهداف وطنية أو دنيوية

لكن قديماً لما كانت الدعوة تحمل شعار التوحيد. أما اليوم فالأمر تحول إلى شعارات الوطنية. ولما قال النبي ﷺ ذروة، رأس الأمر الإسلام قال وعموده الصلاة - والحديث في صحته كلام لكنه محتمل - وذروة سنامه الجهاد. فذروة السنام مرتبطة بالرأس. فالجهاد يكون على التوحيد. أما اليوم تأمل كثير من الناس صار الجهاد والقتال على إيش؟ على الوطنية، على نصرة الوطن، على كذا، على تحقيق المصلحة الاقتصادية والسياسية. وفي مرات جهاد ويكون على الشرك. وتجد بعض الناس يهونون من شأن الجهاد مع المشركين بل يقنعون أنفسهم أن هؤلاء ليسوا مشركين. أو مع الجهمية. أبو عبيد القاسم بن سلام يقول وجدت في الثغور جهميان ورافضياً، فأخرجتهما وقلت، فأخرجتهما وقلت مثلكم لا يجاور أهل الثغور. وكان ابن المبارك ينكر الغزو بالقدرية.

طيب للضرورة قاتلنا معهم؟ يلا ما في مشكلة. أحمد قال قاتلوا بابك الخرمي وكان الإمام على الأقل ناصر الزنادقة. ما في مشكلة في أحوال ضرورة آمنا بالله. لكن في الاختيار. وأيضاً على أن لا نسكت عن البلايا التي فيهم.

أهمية الدعوة إلى التوحيد وأثرها في النصر

الجهاد إنما خُلق لأجل التوحيد. فنقاتل معهم لأجل فقط تحقيق نصر دنيوي وناسين التوحيد؟ مثل ما قال المودودي في “أسس الجهاد في سبيل الله”، قال الجهاد لم يأتِ لتغيير عقائد الناس، الجهاد جاء لفرض حكم الإسلام. يعني الآن الكافر لو حكمناه أهم شيء؟ لا، أهم شيء يسلم حتى لو ما حكمناه. لو أسلم وما حكمناه أحسن. بالنسبة للفرد على الأقل. لكن حكمنا يعطي فرصة أكبر لإسلام الناس. لكن إيش إشكالية الموجودين يا جماعة؟ تحولوا الوسيلة إلى غاية والغاية إلى وسيلة. ونسوا أن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. فما الفائدة يعني إذا انتصرنا بالجهاد ولم يتحقق على الأقل في الأفراد العمود ورأس الأمر؟

تجد اليوم بعض الناس يستهين بموضوع دعوة الناس للإسلام. هو كيف؟ إيش الفايدة؟ وبعضهم يفكر دعوة الناس للإسلام تكون هي طريق لأن نحكم الدنيا. عادي ممكن. يعني والمهدي جاي وراح يصير كل شي، ما يعني ما حنا مستعجلين. لكن القصة صايرة حتما ما عندنا مشكلة. المهم حنا نروح الجنة. لكن أنت ينبغي أن تفرح بالأمر بذاته، على أساسه: “لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم”. مجرد دخول الإنسان في الإسلام أمر عظيم. سواء يهودي أو نصراني يتحول إلى الإسلام، أو رافضي أو صوفي يتحول إلى التوحيد والسنة. هذه كلها أجرها عند الله عظيم.

لهذا مثلاً ابن تيمية لما، على أساس يا خائفين من التتر، لوذوا لقبر ابن عمر. ماذا قال؟ قال يعني إن الله لن ينصركم ما دمتم تصنعون هذا الشرك. اليوم ماذا يفعلون؟ يقولون لك والله ابن تيمية قاتل مع المماليك الأشاعرة وسكت عنهم. كان يدعوهم. لما قال واحد منهم يا شجاعة خالد بن الوليد، قال له قل يا الله. وقبل القتال راح توب بالجنود، وحلق رؤوسهم اللي ما يحلقون، وجعلهم يطلقون لحاهم. وفعل كل هذا. فنصر الله عز وجل يُستمطر بتوحيد الله سبحانه وتعالى. والتوحيد هو الأساس وهو الأصل.

خطورة تهوين أمر التوحيد والشرك لأجل أهداف أخرى

فاليوم صار الذريعة، ذريعة أنه لو تقاتل مع مشركين لا تنكر عليهم حتى لا تكدر السلم، وحتى لا تكدر كذا، وحتى… وأقنع نفسك أنهم معذورون بالجهل. طيب معذورون بالجهل؟ أنت موجود لماذا لا ترفع الجهل عنهم؟ يعني حتى إن كثيراً من الناس يعتقدون أن الدعوة للتوحيد تعيق النصر. طيب ماذا لو دعوناهم للتوحيد واستجابوا؟ أليس هذا سيرسل علينا بركة من الله؟ {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}.

المجدد نفسه دعوته كانت فيها عبرة. قامت الدعوة، حصل لها انتصارات، ثم هُزموا، جاءت دولة ثانية هُزمت، جاءت دولة ثالثة. لكن سبحان الله الاستمرارية كان سببها نصرة العقيدة. متى مُحقت البركة؟ لما ظهرت هذه الأفكار، مُحقت البركة. مع تكالب الناس ومع كذا كان فيه بركة وفيه قوة. لما ظهرت الأفكار التنازلية هذه والتي تظهر التوحيد على أنه، الدعوة للتوحيد على أنه هي سبب الفشل.

حدثني أحد الشباب أنهم في بعض المناطق في أفغانستان أو كذا أرسل لي رسالة على البريد أنهم كانوا يمنعون كتب بعض الناس مثل علي الخضير وناصر الفهد يقولون إن فيها غلواً أو كذا. وهم أصلاً مع الماتريدية ومع كذا. لو يا أخي يعني سبحان الله. وتجدهم يحذرون من الغلو، ما يسمونه غلواً، أكثر من الشرك، أكثر من التجهم. فعندهم الإنسان لو يبقى جهمياً، يبقى صوفياً، يبقى قبورياً، يبقى كذا، لكنه معهم أفضل من أن يصير من الغلاة. مع أن اللي من الغلاة مسلم في النهاية. هؤلاء على خطر عظيم. اللي من الغلاة اللي عنده بدعة وقد يكون متأولاً فيها مأجوراً مجتهداً. هذاك عنده شرك. الشرك الناس أصلاً مختلفة يُعذر ولا ما يُعذر. على الأقل، يعني هذا على الأقل فيه قولان معتبران هذا مسلم ولا مو مسلم. لكنهم يهتمون…

يعني تخيل لو أنا كنت رئيس دولة ويكون عندي اللي ما يزكي أشر واحد، واللي ما يصلي عادي. اللي ما يزكي أمسكه وأجلده، واللي ما يصلي بكيفه. واللي ما يصلي ويزكي أنا هذا حبيبي. واللي يصلي ويزكي هذا حبيبي. واللي يصلي وما يزكي هذا عندي شر واحد. لأنه الخزانة ما يدخلها شيء. هل تشك في أنني راعي دنيا؟ هل تشك في أن سياستي كلها لأجل المال؟ ما الصلاة في الشرع أفضل من الزكاة، على أهمية الاثنين وعظمة الاثنين وجلالة الاثنين.

هم دائماً إذا سمعوا منا هذا الطرح ماذا يصنعون؟ يوهمون أنفسهم أن هذا يقول لنا لا تجاهدون. الآن أنكرت أهمية الصلاة والزكاة؟ أنا لا أقول لك لا تتركها، بل أنا أرى أنك إذا ما زكيت ينبغي أن تعاقب. لكن أنا أحدثك على ثنائية أنك هونت من شأن عبادة أو عقيدة في مقابل تعظيمك لشيء في الشرع باتفاق العلماء أهون منها. ليش؟ لأنك متأثر بفلسفة دنيوية. ومهما حاولت أن تلتف يميناً وشمالاً. أصلاً من ضمن يعني لعبته يأتي يقول لك أنا لست كذلك، مع أنه هو أصلاً الناس الذين كذلك لا ينكر عليهم، هو ينكر عليك أنت فقط.

داء العصر وعلاجه بإظهار التوحيد

يعني بعضهم واحد يجي يقول لك، يعني لكي تعرفه أنه بعضهم كنت تتعاطف معه، يقول لا ظلمنا، نحن لا نقول هذا. ثم أثناء النقاش يعيد الكلام الذي أنت أصلاً تنتقده. لكن بالله عليكم ألا ترونه في العامة الاستهانة بأمر العقيدة في مقابل القضايا السياسية والاقتصادية؟ ألا ترون في العامة؟ أنهم الآن وصل الأمر إلى تعظيم نصرانية والترحم عليها لأجل أنهم اعتبروها مجاهدة؟ في مقابل الغلظة الشديدة على ناس موحدين لمجرد أنهم يعتبرون غلاة؟ وأصلاً في العامة الأمر أعظم، ينتشر فيه “مطعم جائع خير من بناء جامع”. وفيهم السؤال عن النصراني واليهودي الذي أخلاقه جيدة.

يكثر فيهم شيء كثير من الإرجاء والبلاء وتهوين العقيدة ووصفها بأنها يعني… حتى في الخواص وصف العقيدة بأنها مسائل تافهة، بأنها مسائل يعني… أحسنهم طريقة ما الذي يقول لك؟ يقول لك الناس هؤلاء الذين نرد عليهم هؤلاء ليسوا أولوية في زماننا وليسوا كذا وليسوا كذا. مع أن هؤلاء موجودين. مع أن هؤلاء الذي يقول ليسوا أولوية كانوا موجودين. موجودين ولهم دعوة ودعوة قوية ونشيطة وربما أقوى من دعوة هذا المتكلم. يبدأ يخادع نفسه ويقول لك كذا وكذا. أما إذا جاء الأمر إلى قضايا الدنيا والحقوق ما أحد يتنازل.

فسبحان الله، من الذي ينكر هذا؟ الآن انظر ونحن الآن نقرأ ثلاثة الأصول؟ عامة الفقرات، عامة الكلام اللي ذكره المجدد له متعلقات عصرية ولها أمور، أصلاً علاج داء العصر. داء العصر، علاج داء العصر بإظهار أهمية الاعتقاد، أهمية التوحيد، أهمية كذا، على القضايا السلوكية، على أهمية القضايا السلوكية وعظمتها وأنها من الدين. حتى قضايا مثل حفظ النفوس والأعراض مهمة جداً ولا يوجد مثل التوحيد يحفظها، لا يوجد. لكن لا تكون هذه هي القضايا الأكبر التي إذا افترضنا الزحام بينها وبين الشرع نختار مسائل أخرى.

إذا تصادمت العقيدة معها… اليوم مثلاً بعض الناس متى تعرف أنه مريض؟ يحدثك عن الحجاب ويقول لك بعدين لا تعارض بين حجاب المرأة وإنجازها التجريبي. طيب فرضاً أن في تعارض. فرضاً أنه في تعارض. ليش أنت تختار الإنجاز التجريبي؟ ليش لا ما تختار العفة والحجاب؟ على أي أساس وجهت؟ بناءً على المادية والثقافة. الآن فرضنا، أنا أقول لك ما في تزاحم بين دراسة العقيدة والدعوة للأمور الأخرى، بل هي متداخلة. لكن فرضنا أن هناك تعارضاً. لو في تعارض، الشيء اللي بسببه الناس يخلدون في النار هو المقدم. فرضنا الحين ندعو للتوحيد ولا نقاتل الأعداء؟ فرضاً يعني. مع أنه ما في تعارض. بل أصلاً في أمور فطرية معروفة ما يحتاج أحد يوصي عليها. يعني اليوم ما تحتاج أنك توصي إنساناً على مطالبته بحقوقه. العدو احتل درهم أرضه، يروح يدافع. ما يحتاج أنه يتوفى. الناس، المال، طلب المال، طلب الدنيا، طلب الرزق، يحتاج أنك توصي أحداً عليه؟ حتى كثير من سليمي الفطرة قبل الكلام ما توصيه على الحفاظ على عرضه. وإن كان مع الأسف اليوم بعض الناس يحتاج أن تعلمه مثل هذه الأمور.

لما كان الخطاب العقائدي هو الأعلى في الساحة وكانت تدرس هذه المتون، ثمانين بالمئة مما نعرفه من الإلحاد لم يكن موجوداً. اليوم لمن نطرح الإسلام على أنه فلسفة إصلاحية دنيوية، هذا يفتح لنا من الشبهات ما الله به عليم. أو يقطع علينا باب الاستعلاء على الكفار إلا بعد جدال طويل. هم أنظف ولا حنا أنظف؟ هم أرتب ولا حنا أرتب؟ هم يبذلون ولا كذا؟ وتأتي قصة… فيخطئ علينا طريقاً طويلاً جداً ويجعلنا نفقد… حتى بعض الناس يقول لك والله ما شاء الله هؤلاء ردودهم كثيرة على العلمانيين. ترى أحياناً الردود الكثيرة على العلمانيين بسبب أنهم سلموا للعلمانيين بأصول ما كان ينبغي أن يسلموا بها. فطال جدلهم مع العلمانيين. فتجده كثيراً وهو يذهب ويتعب. ونحن تأثرنا بهم في وقت من الأوقات. سترتبط. لماذا؟ لأن سلمنا لهم بكذا. همة والله موضوع التوحيد مريح جداً. لما تفهم حقيقة التوحيد، حقيقة حقوق الله المحضة، حقيقة كذا، حقيقة كذا، خلاص أنت ترتاح. تفهم الأمر على وجهه.

أسئلة وأجوبة

هذا وصلي اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم. في أسئلة؟

سؤال: [عن سبب جهل بعض الأعراب بأمور الدين]

جواب: إيه، قلة علم. والله ما كانوا… يذكرون يقطعون على الحجاج طريقهم. حتى ابن تيمية ذكر فعل الأعراب أنهم لا يورثون البنات. أهل البحرين لا يورثون البنات ولا كذا ولا كذا أصلاً. حتى ذكر يعني حتى ذكر عن أعراب المغرب مثلاً قبل قيام دولة الموحدين أو دولة المرابطين أنه جاءهم إنسان يدعوهم إلى الإسلام فقالوا له: ندعوك إليه من الصلاة والصيام والزكاة نقبله، أما أمر الحدود فلا نريده. وهذا، وهذا قبل، قبلها بألف سنة. ها؟ إنسان إذا ابتعد عن العلم يدخل عليه كل شر، كل بلاء. كل بلاء يدخل عليه. وهذا كان فيه.

سؤال: [عن الجدل والخلافات العقدية]

جواب: هذه خلافات. يعني يقولون عن الخلافيات العقدية… هي موجودة في القرآن. ما وجد بيزنطي. موجودة في القرآن ما أي دخل ببيزنطة. التوحيد والشرك. هو الجدل بضبطه، هو يقصد أنه لا ينتهي. طبيعي لا ينتهي. حتى جدلنا مع اليهود والنصارى لن ينتهي. هو ليس المطلوب أن ينتهي. وبعضهم ماذا يكتب؟ يقول لك الجدل مع الأشاعرة لن ينتهي. أعرف أنه لن ينتهي، أعرف أنا. لأن هناك عناد، هناك فسقة. لكن نحن نقيم الحجة ونبين المحجة. بل لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ولا الهندوسية ولا كل شيء، ولا في شيء من هذا سينتهي على الأقل بالعهد القريب. لكن نحن ندعو إلى الله ونبين وندمغهم بالحجة. يعني نناقش اللي يقول ثلاثة، ما في مشكلة. أناقش واحد يقول الله ليس في السماء، ما في مشكلة. لكن له نفس الشيء ما دام عندي أدلة من القرآن خلاص انتهى الموضوع. أنا هل اخترعت أنا بحثاً من عندي؟ لا، أوجد له في القرآن. لهذا حتى هو ما يصير إيش؟ يصير يقول لك تأويل ظواهر الآيات والنصوص. ما هم معترفين أن هذا البحث له دخل، موجود في النص. فحنا بحثنا على النص. إما الله بين الوحي وإما الله ما بين الوحي. بس بالنهاية نريد أن نفهم القرآن نحن. نعم.

سؤال: [عن التسليم للعلمانيين]

جواب: سلمت للعلمانيين لمن يطول المنافسة معهم. الأصل أولاً هامشية العقيدة يعني في التفضيل، وأن الإسلام إصلاحية، وأن الغاية من الدين بناء دنيا. يعني لحين أولته وسيلة لا غاية، خلاص هو العلماني هكذا يفهم أنه أساس التفاضل بين البشر المدنية، العمران، الكذا. إي نعم. سؤال آخر؟

سؤال: [عن الجزية على الموالي في عهد بني أمية]

جواب: نعم اليهود والنصارى الذين… إيه وعامةً في بني أمية كانوا يعني يأخذون الضريبة من الموالي سواء كانوا مسلمين أو… لا لا ما هي دقيقة. وإلا ليش الحجاج تخصص للذكر؟ لكن بعدها هشام بن عبد الملك بعد عمر بن عبد العزيز. أما الموالي العبيد هذا شيء طبيعي، هم عبيد أو هم كذا أو هو يشترط عليه في إعتاقه. لكن الكلام على هذا. رحمة الله عليه هشام بن عبد الملك توسط بين عمر بن عبد العزيز وما نُقل عن الحجاج وغيره، فصار لا يسقط الجزية عنه حتى يسلم زمناً ويُفتتن وكذا. نعم.

سؤال: [حكم منكر البعث جهلاً]

جواب: السنة. لا يعرف هذه المسألة. لا أعرف يعني. بعد أن يبعث ولا… هل هذا يكفر؟ لا. إذا كان حديث عهد بإسلام يوضح له. وهذا موجود كثير في القرآن. بل أصلاً هي نقاش مع كفار قريش كان على هذا: {قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّ}. فهذا نعم. هذا مجرد ما يوقف على أدلة الإسلام مثل أمر الصلاة مثلاً. فقط أشهر قليلة في البداية. مجرد ما يستوعب الأمر ما هو. الأمور تمشي بسهولة. وكثير من الناس الذين يكونون حديثي عهد بإسلام ممكن لا يعرف أنه عليه صلوات خمس، يظن مثلاً أنه الجمعة بس مثل النصارى في كنيسة الأحد. منهم من لا يدري أن الخمر محرم. أحياناً بعضهم يظن أن الذي محرم القدر الذي يسكر، بيقيس المسائل بعقله لأنه لا يوجد عنده من يعلمه. فأهل العلم يتكلمون بهذا من هذا الجانب. طيب. فيه؟ تسلم تسلم.

خاتمة

هذا وصلي اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.