الحالة:: معالج النوع:: فيديو اﻷولوية:: الغرض:: المنشيء:: المواد الصوتية عبد الله بن فهد الخليفي المدة:: 1:02:31 الرابط:: https://www.youtube.com/watch?v=tla92WvnzWw التدريب:: المؤثر:: تاريخ اﻹكمال:: 2025-04-24

2025-04-04

مادة صوتية بعنوان :

سلسلة طالب العلم والحياة ( ١ ) الحلقة الأولى : المكتبات الكبيرة بماذا تشعرك؟

رابط المادة في قناة التيليجرام :

https://t.me/doros_alkulify/8267


مقدمة سلسلة طالب العلم والحياة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: هذه سلسلة لا أعرف، هل ستكون حلقاتها ممتعة أو متباعدة؟ ولكن هي حول فكرة عامة تتفرع منها أفكار، وهي: طالب العلم والحياة.

يعني كيف ينظر طالب العلم لمختلف الأمور التي تحصل حوله؟ بعقل طالب العلم السني. وكيف يستخرج العبر ويربط ذلك بحياته العلمية الخاصة.

إن مما وجدته في كتاب الله تبارك وتعالى أن نفس الداعية تستهدفها الكثير من الآيات. أنت الآن معك حق، خلاص، أنت تعرف أن معك حق. لكن كيف تحافظ على هذا الحق؟ وكيف تعرض هذا الحق؟ وكيف تستمر؟ {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} - خلاص، هؤلاء عرفوا الحق - {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. تواصوا بالحق ويتواصون بالصبر.

فإن مما يُدرِك كثيراً من نفوس طلاب العلم: الفتور، أو ضياع البوصلة، أو دخول الآفات من الحسد والكبر وغير ذلك.

طلاب العلم والعلماء هؤلاء ورثة الأنبياء، والأنبياء هم صفوة خلق الله، أفضل خلق الله. الآن رب العالمين خلق الخليقة، خلق السماوات والأرض، كلها سخرها لمن؟ لبني آدم. بنو آدم، من أفضل الناس فيهم؟ المطيعون. من أفضل الناس في أهل الإيمان والمطيعين؟ الأنبياء. في نبي اليوم؟ ما في نبي. فيه ورثة الأنبياء. طيب، وارث النبي هذا؟ لكي يصير، لكي يصل إلى مرحلة وارث نبي، عالم عامل صديق، يمر بمرحلة اسمها مرحلة طالب علم.

هذه المرحلة إما أن يخرج منها بأن يكون في زمرة العلماء ورثة الأنبياء، أو يخرج منها بأن يكون في زمرة أكثر منافقي أمتي قراؤها. إما في أعلى عليين أو في أسفل المنافقين في الدرك الأسفل من النار. وأما أهل العلم فيرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات. إما يكون إنسان يرتفع الدرجات ويقارب الأنبياء ويفرح به الأنبياء يوم القيامة. وإما يكون إنسان أسوأ، أول من تسعر به النار ليقال قارئ وقد قيل، وأكثر منافقي أمتي قراؤها. المسألة ليست هينة وليست سهلة، وإنما هي يسيرة على من يسرها الله عليه.

ربط العلم بالحياة: التفكر والتدبر

أحاول أن ألتقط معاني من الحياة، لأن من الأمور التي تُلاحظ أن كثيراً من طلاب العلم في حلق الدرس هو طالب علم، لكن إذا خرج من الحلقة هو واحد من الناس.

قد تكون له بعض الأحوال، بعض الأمور، ولكن علمه لا يزداد. العلم يزداد بالتفكر بالتدبر، فتفكر ساعة خير من قيام ليلة، رُوي عن أبي الدرداء وعن الحسن البصري.

كل شيء حولك هو خلق الله، هو خلق الله. وأنت عالمٌ بأي شيء؟ بعلم الله، بكلام الله، بكلامه سبحانه وتعالى. فيوجد ترابط، عليك أن تدرك العلاقات بين هذه الأمور. وتجد من كل شيء ما يثبتك.

تعرف بعض الناس حين ينظر في النصوص، الذي قلبه مفتون، من أي شيء يستخرج شبهة، من أي شيء يستخرج شبهة. هذا من؟ المفتون. تجد مثلاً نصراني، الملحد، ينظر في النصوص، قلبه مريض. من كل شيء يستخرج شبهة.

أما الإنسان صاحب القلب السليم فمن كل شيء يستخرج حجة ومُثبِّتاً. وليس فقط من النصوص الشرعية، بل من الأمور الأخرى.

لهذا يعني من الأمور التي تذكر أن بعض أهل العلم كان يسمع القصيدة، قصيدة عادية، قصيدة أحياناً تكون غزل، أحياناً تكون مدح. ثم سبحان الله يستخرج من هذه القصيدة عبرة. في أبيات للمتنبي قالها، شيء في الدولة وفيها خضوع عجيب للمتنبي، ابن تيمية كان يأخذها يقولها في السجود، يقول لا تصلح إلا لله. فهناك أناس واعون يرتبط عموم حياتها، يرتبط عموم حياتها بمعانٍ جليلة.

ملاحظة حول طبيعة النشر في القنوات المختلفة

هذه السلسلة كان ممكن تكون يعني للعامة والناس سوف يشاهدونها في اليوم. لكني في القناة الثانية آخذ راحتي، وفي القناة الأولى بسبب يعني كثرة الجمهور وما درج عليه الناس من السآمة السريعة، دائماً نحاول الآن نلخص، والتلخيص إن لم يكن مخلاً فتلك البلاغة. ولست من البلغاء ولكن أحاول أن أتشبه.

أما في القناة الثانية التي يعني يفترض أنها قناة لطلاب علم. طلاب العلم هؤلاء يسمعون ويعون، وكثير منهم لا مشكلة عنده في المادة وإن طالت. والذي يفترض أنهم يتصيدون الزلة، ويستخرجون الفائدة. ثم إذا نشرت في اليوتيوب.

المكتبات: وقفات وتأملات

أول موضوع أريد أن أتحدث عنه: المكتبة. سواء مكتبات في العلوم الدينية أو في العلوم الدنيوية. والمكتبات الشخصية أو الوقفية أو العامة.

تجد أرففاً كثيرة من الكتب. في المكتبات الشخصية، هذا كتبته في القناة. يخطر على بالك، أنا دائماً يخطر على بالي سؤال: كيف يا جماعة؟ متى جمعها؟ طبعاً لكل كتاب قصة وكذا. كم دفع فيها؟ هل كان دائماً ميسور الحال ويمكنه شراء الكتب؟ كم قرأ منها؟ ما الذي انتفع به؟ ما الذي كذا؟ ما الذي استخرجه؟ ما الذي؟ طالب العلم كيف ينبغي أن ينظر لموضوع الكتب والمكتبات؟

إذا ذهبت إلى مكتبة عالم أو شيخ وجدت مكتبة كبيرة أمامك. وأحياناً تذهب إلى مكتبة وقفية فتجد مكتبة كبيرة أمامك. أنا سأحدثكم عن نفسي، والأمور التي تختلج في نفسي إذا رأيت شيئاً كهذا.

الكتب كنز وقيمة

أول شيء يخطر على بالي قول الله عز وجل: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا}. وقول الله عز وجل: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}. الكنز فسره بعض السلف بكتاب علم. والدين النصيحة، والناس كانوا يقولون النصيحة بجمل. أحياناً بعض المعارف كنز. في كنز أكثر من شيء يوصلك للجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، كنز من تحت العرش. كنز. مضمون عقائدي وافٍ. لا حول ولا قوة إلا بالله. فهي مثلاً عقيدة أهل السنة في أفعال العباد وفي كذا وفي كذا، وتسليم واختيار وراحة وكذا. وأيضاً {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}.

غاية اقتناء الكتب: النجاة يوم القيامة

وأذكر أبياتاً علقت في ذهني، كان في كتيب في المسجد في الحث على الطلب وكذا، فوجدت فيه أبياتاً علقت في ذهني من زمان، التي هي يقول: وقائلةٍ أنفقتَ ما في يمينِكا *** على الكُتبِ، فقلتُ: دعيني لعلي أرى فيها كتاباً يدلني *** لأخذِ كتابي سالماً بيميني

يعني زوجته تعذله، تلومه على إنفاقه المال في الكتب. فهو يقول دعيني، لعلي أرى فيها كتاباً يدلني لأخذ كتابي سالماً بيميني. لأجد فيه معلومة، فيه فائدة، هذه الفائدة يكون لي فيها أجر ينجيني يوم القيامة. رأس هذا، يقول واحد: لا، يعني العلوم عرفت وكذا. لا يا حبيبي انتبه، وهذه مسألة لابد أن تنتبه لها جداً.

العلوم الشرعية وهدفها الأسمى

حين تنظر في كتاب الله عز وجل، الكتاب فيه خبر علم، وصف أنه لا يشبع منه العلماء. والعلماء هؤلاء يأخذون من المعارف الأخرى ويرجعون إلى كتاب الله عز وجل، يعرضون على كتاب الله، فكتاب الله عز وجل يزكي، يزكي بمعنى يثني على هذه المعرفة، ويزكي بمعنى ينميها، أو يصحح، يزكي بمعنى يطهر.

الآن حين تتصور أمامك مكتبة كبيرة في تخريج الأحاديث، وأخرى كبيرة في رجال الحديث، وأخرى كبيرة في الأجزاء الحديثية، وأخرى كبيرة في الجرح والتعديل، وأخرى في التاريخ، وأخرى. هذا كله، هذه الكتب، وفعلاً كتب كثيرة جداً. إنسان يأخذ وقتاً طويلاً في قراءة هذه الكتب إذا أراد أن يطالعها، مجلدات كثيرة. انظر إلى تاريخ دمشق كم؟ ثمانين مجلداً. سير أعلام النبلاء كم؟ تاريخ الإسلام للذهبي قرابة تسعين مجلداً. خلاصة هذا؟ ما خلاصة هذا؟ كل هذا لكي نعرف صحة الحديث من ضعفه. وكتب كثيرة.

طيب، إذا عرفنا صحة الحديث من ضعفه، ما المترتب؟ المترتب أنك تعمل. طيب. هذا الطريق الطويل الذي قطعه كثير من العلماء في هذه الكتب الكثيرة، خلاصته، خلاصة هذا الطريق أن يعطيك فائدته. هذه الفائدة أنت تعمل بها. إن عملت ودعوت لهذه، {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. هي كلها تحت {آمَنُوا} هذه. إن آمنت ثم عملت ثم دعوت، تحقق المطلوب. ثم صبرت وصابرت. يعني ركعة مثلاً، موضوع ركعتي الضحى. كتب كثيرة في الرجال، كتب كثيرة في أجزاء الحديث، كتب كثيرة في الصحيح، كتب كثيرة في الفقه، حتى تصل إلى هذه النتيجة أنك تعرف، وما يلزمك في يومك وليلتك. فإن عملت بذلك كنت محققاً لمضامين هذه المؤلفات.

مقارنة بين العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية

أنت حين تنظر مثلاً في العلوم التجريبية. العلوم التجريبية علوم كثيرة، تجد مثلاً في الفيزياء، في الكيمياء، في البيولوجيا، في كذا، في الطب. هذه العلوم كلها بابها تحسين معيشة البشر أو تسكين آلامهم أو إطالة أعمارهم - يعني من باب الطب الذي نقل، يعني تحسين حالتهم الصحية وغير ذلك. فهذه كل العلوم الدنيوية تدور على هذا. طيب.

العلوم الشرعية تدور على أي شيء؟ تدور على الغاية: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. ممكن الإنسان يعيش ويستفيد من العلوم الدنيوية أقصى الاستفادة، ثم النهاية أين؟ نار جهنم. فلا تكون هناك فائدة كبيرة. لكن ممكن إنسان ما يستفيد من العلوم الدنيوية فائدة كبيرة أو يستفيد بقدر، ولكنه يحصل، يحصل من ثواب الجنان، يحصل من الإيمان وإدراك الغاية من الخلق. ترى الكافر سفيه لنفسه يا إخوة، الكافر تافه لنفسه.

هو يعتقد، أنت الآن تعتقد أنه عامل مثلاً ركعتين تصليهما، تعتقد أن هاتين الركعتين تنقذانك من أعظم عذاب ممكن يعذبه بشر، وأنهما تأخذانك إلى أعظم نعيم ممكن أن ينعمه بشر. فحياتك ومعارفك عليها قيمة كبيرة جداً، بخلاف الأطراف الأخرى. حقوق الإنسان، هو لا ينظر لحياته أنه ممكن تصل كجنة الخلد في أحسن حالاتها لا يمكن، ولا يمكن أن تصير كنار جهنم في أسوء حالاتها. وقراراته التي يتخذها ومعارفه لا يمكن أن توصله إلى هذا أو إلى ذاك.

مكانة العلم الشرعي في رفعة الدرجات

وبالتالي هذا من خصائص المعارف الشرعية. وأيضاً في المعارف الشرعية هي مسألة مهمة جداً، أنه اليوم ممكن تجد إنساناً عنده معارف دنيوية عظيمة لكن لا يوفق لتحصيل الثراء والغنى وكذا، ما يوفق. ممكن عادي إنسان يوتيوبر ولا غيره وغيره ولا أي إنسان ولا امرأة بغي تحصل من أمر الدنيا ما لا يحصله هذا.

بينما في العلوم الشرعية، في منزلة عند الله عز وجل ما تحصل إلا بالعلم. هي رتبة الصديقية. هذه ما تحصل إلا بالعلم. ما في مجال. العلم قبل القول والعمل. ما في مجال، ما في. فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. ما في مجال. بينما في أمور الدنيا، قد تجد إنساناً عنده معارف كبيرة، مثلاً يذكرون تسلا، الذي عمل وفعل وكذا، ها، والذي دفن وأخذ ابتكاراته وأموره. وعمله تسلا، تسلا مات منبوذاً، مات منبوذاً، ما عاش حياة طيبة مع أنه فعل أموراً كثيرة وكذا، ما الحياة طيبة ما يرتاح. في ناس عندها ذكاء معرفي ما عندها ذكاء اجتماعي. بينما العلوم الشرعية تعطيك كل شيء.

تراكم العلم والعمل: إنما السيل اجتماع النقط

فأنت حين تأتي تنظر إلى هذه المكتبة أول شيء يخطر على بالي هذا. ثاني شيء يخطر على بالي: إنما السيل اجتماع النقط. هذه الكتب لما ألفت، ألفت نقط، نقط، نقط، نقط، ثم صار شيئاً عظيماً. وهذا “إنما السيل اجتماع النقط” تأتيك في تحصيل العلم وفي تحصيل العمل الصالح. اليوم كثير من الناس يقول: أنا كيف أوصل لتقوى الله؟ كيف أوصل أن تكون عندي حسنات كثيرة؟ كيف أوصل لهذا؟ شوي شوي، واحدة واحدة. مرات تنظر في إرث بعض المشايخ والطلاب، تقول: الله يا أخي، كل هذه المؤلفات وكذا، يا أخي أنا أشعر بيأس، لا يمكن أن أصير نفسه. لا، ترى هو كان نفسك، كان أسوأ منك. لكن هو شوي شوي شوي، كل يوم شوي، كل يوم شوي، لحد ما صار عنده هذا.

النية في القراءة: تحويل الهواية إلى عبادة

وتذكر: إنما الأعمال بالنيات. كيف ذلك؟ ولماذا ذكرنا إنما الأعمال بالنيات؟ القراءة هواية وشيء لذيذ عند كثير من الناس، وفعلاً كثير من الناس فئران كتب. لكن في فارق، طالب العلم الشرعي إذا قرأ، سواء في العلوم الشرعية أو حتى أحياناً في غيرها، تكون له نية. ولهذا انتبه، حتى لو تقرأ في الأدب لتكن لك نية: أن تحصل شيئاً، أن تزين منطقك العلمي ببعض الأمور، أن تجد عبراً، خصوصاً التاريخ مثلاً. التاريخ الكل يقرأه. لكن إنسان متدين يقرأه لعبرة وتحصيل فائدة شرعية وغير ذلك، بينما الإنسان الآخر يقرأه من باب المعرفة فقط.

ففي ناس مكتبتهم صومعة حسنات. هذه لذة كثير من الناس، هي لذة، وصراحة من توفيق الله عز وجل أن تكون عندك لذة مرتبطة بعبادة، فتكون إنساناً عنده نية. يقرأ أي كتاب من كتب الحديث، من كتب الفقه، من كتب العقيدة، من كتب حتى من كتب التاريخ، ترى يقرأ، أو حتى يسمع مثلاً. اليوم فيه تعلم سماعي، ناس تسمع وثائقيات، ناس تسمع برامج بودكاست، ناس تسمع، تعلموا هذا سماعي، عادي، هذا أيضاً من ضمن التعلم، وأحياناً كأنك تقرأ كتاباً، يكون أمامك إنسان يعطيك مضامين كتاب لكن بطريقة الاستماع لا بطريقة الكتابة. مثل ما الرواية قد تكتب لك كتاب فتقرأها، وقد تقص عليك قصة، وقد تمثل - مع أننا لا نرى جواز التمثيل.

فضل القراءة بنية صالحة

فهذه القراءة التي تكون بنية، هذه عبادة. فكثير من الناس ممكن قيام ليل يصلي ركعتين أربع ركعات، وها، والله يفتح الله يجيب له فيه الخير، لكن ما ينشط كثيراً. ممكن الله يبارك فيه الذكر، رسالة، لكن، وطبعاً لابد أن الإنسان يقوي نفسه بالطاعات عموماً.

يا أخي، تجد بعض الناس الله فتح عليه أنه أحب العلم، وكانت له نية في العلم. فيقرأ يتعبد لله تبارك وتعالى الساعات والساعات بالقراءة والاطلاع. فكأنه قائم يصلي، وربما أنفع إذا صان السنة وإذا نشر السنة وإذا كذا، هذا أنفع من العبادة، فضل العالم على العابد. فيقرأ ويطلع وهي نية، نية ملازمة له. فهذا أيضاً إنما الأعمال بالنيات.

فلو جاءك شخص يقول لك: والله في واحد سبع، ثمان، تسع ساعات جالس يسبح لا يفتر. ستقول بينك وبين نفسك: هذا وليٌّ، ما شاء الله. وليٌّ، إنسان لا يفتر من ذكر الله. في ناس من أهل العلم حصلت لهم هذه، من ناحية أنه مثلاً يجلس يبحث أو يقرأ الساعات الطوال، الساعات الطوال، وله نية طيبة في ذلك. بنية طيبة، وهي نية التعلم وتحصيل العلم والعمل وتحصيل الدعوة وغير ذلك.

كذلك هو بعد ذلك حتى لو قرأ في العلوم التجريبية أو غير ذلك، طبعاً إذا كان يفهم فلسفاتها الخبيثة التي وراءها ويستطيع أن يميز، لأنه أحياناً في كثير من الأحيان الأمور التجريبية تدخل بالفسق. هذا يقرأ كتاباً عن الحيوانات يقرأ من باب التفكر، كتاباً عن المخلوقات البحرية من باب التفكر. أحياناً بعض الناس يقرأ كلاماً لأهل الكفر محصناً، فيقرأه من باب العبرة حتى يدرك. مرة قرأت رواية عن تعريف الخير، أنه جدل بين مجموعة من الناس يريدون أن يعرفوا الخير. ما أنهيتها، وهي رواية يسيرة، ما أنهيتها حتى حمدت الله عز وجل على نعمة الوحي، وكيف أن الناس في تخبط شديد إذا ابتعدوا عن الوحي.

سبحان الله، حتى حين أقرأ، قرأت كتاب قصة الحضارة، قرأت تماماً، وقرأت تاريخ. فسبحان الله كل ما أقرأ أجد أن انعدام الوحي عند هؤلاء الناس وانعدام الأحكام الشرعية عاملة فيهم مشاكل عظيمة جداً، عظيمة جداً. تجد كثيراً من المشاكل سببها أنه مثلاً ما في حكم اسمه حكم الرضاعة، أو ما في حكم اسمه حكم التعدد، أو ما في حكم اسمه كذا، أو ما في حكم اسمه حكم، خلنا نقول غض البصر ولا كذا ولا كذا، ولا ما فيه العقوبات الشرعية اللازمة، ولا ما فيه كذا، ولا طبعاً وما فيه حتى العقيدة السليمة في الله عز وجل. تجد أمماً يختلفون، والله يتخبطون، يقولون كل شيء إلا الحق، كل شيء. وحدة الوجود موجودة، التجهم موجود، الوثنية موجودة، كل شيء يقال إلا التوحيد، اللي هو أقرب شيء إلى الفطر، ما عاد يعرفونه. فكيف ربنا؟ فحقيقة تدرك نعمة الله عز وجل عليك. يعني حتى كتاب قصة الحضارة كنت أسميه قصة القذارة، مع أنه يعني تكلم عن المسلمين لكن الكلام سطحي وكذا.

وأنا حقيقة لا أنصح طلاب العلم بالاطلاع على مثل هذه الكتب إذا لم يكن لهم حظ، حظ لا بأس به من النظر في كتب الحديث وكتب التفسير وكتب العقيدة. لأنه اليوم في ناس كلفت بالتاريخ والنظر في التاريخ بعيداً عن النظر في النصوص الشرعية، وهذا سلوك ليس محموداً.

العلم نقطة كثرها الجاهلون: العودة للأصول

وهذا يذكرنا بما يسميه البعض العلم المقشر، يأتيك علم واضح كما في كتب الحديث الستة وغيرها: افعل، لا تفعل، حديث، آية، خلاص، آية، حديث، ومثلها كتب الاعتقاد مثل كتب السنة وغيرها وغيرها. أيضاً يخطر علي الأثر الذي قاله علي، المروي عن علي وهو غير ثابت: “العلم نقطة كثرها الجاهلون”. هذه “كثرها الجاهلون” أنهم مثلاً أكثروا، وأحياناً يكثر أهل الباطل فيضطر أهل الحق أن يكثروا، كالمروي عن عمر بن عبد العزيز أنه يُحدِث للناس من الأقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور. فيجيئ ناس أهل الباطل يكثرون في الجدل الباطل، فيضطر أهل الحق اضطراراً أن يردوا على ما افترعه أهل الباطل من الباطل.

وهذا “العلم نقطة كثرها الجاهلون” معناه أنك لو ترجع للأزمنة الأولى، يعني ما حجم مكتبة الحسن البصري مثلاً؟ ها يا إخوان؟ ما حجم مكتبة ابن سيرين؟ ما حجم مكتبة نافع؟ لم تكن مكتبة كبيرة. ما في، تلقى مصحف وصحيفة وبس. لكن علمهم كيف؟ علمهم كيف؟ خير القرون. وصلوا للطيب مباشرة. حتى البدع ما كانت بالصورة المرعبة الموجودة الآن هذه. لهذا لا تغفل عن العود للزمن الأول حيث لم يكن الأمر كثيراً ومشتتاً. فأمسك بهذا الأصل.

نحن، بإنعام رب العالمين علينا، أن كثرت كتب أهل الحق، تقرأ فيها بنية. لأن الله المستعان، ليس لدينا ذاك الارتباط بكتاب الله عز وجل، ليس لدينا ذاك الارتباط بذكر الله وبالتقوى، وعندنا فتن وعندنا أمور كثيرة. لكن أيضاً سبحان الله في أمور كالجهاد كالهداية، عادي.

الإنفاق على الكتب: صدقة وبرهان

وأيضاً يخطر علي: {وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ}. إنفاق المال في أمور في الشرع فيها تضحية، كما يقال باللغة العصرية، تدل على إيمان الإنسان. مثل أنه يبذل المال في سبيل الله، مثل أنه يخرج من دياره مهاجراً في سبيل الله، مثل أنه يبذل نفسه في سبيل الله يجاهد، مثل مثل مثل. فمنها أيضاً بذل المال في هذه الأمور.

الأجر المتسلسل: المؤلف والناشر والقارئ

ويخطر على بالي خبر عقبة، يؤجر بالسهم ثلاثة، ابن عامر: صانعه، ومناوله، وراميه. أحياناً المحقق يحقق كتاباً طيباً له أجر نشره، والمؤلف نفسه مأجور، وأحياناً ناشر محتسب، وأحياناً واحد من إخوانك يشتري الكتاب يعطيه لأخوه، وهذا يقرأه وهذا يقرأه، مرات بركة هذا يقرأ وهذا يقرأ ويؤجر، وهذا يقرأ ويؤجر هذا. أو مرات هذا يقرأ تمام، خلاص، من دعا إلى هدى، فهو أخذ، راح وقف على المنبر حدث الناس بفائدة وجدها في كتاب فانتشرت. ترى مرات، مرات قصة ولا فائدة ولا حديث ولا كذا يكون أول من نشرها قارئ، داعية، وجدها في كتاب. وأحياناً الله المستعان العكس، أحياناً ينشرون شيئاً قرأوه في كتاب ثم بعد ذلك بثوه في الناس.

فمثلاً أذكر مرة قرأت أثراً في الزهد لأسد بن موسى، لم تخني الذاكرة، عن عمر بن الخطاب أنه جاءه رجل وقال له: احملني، يعني جهزني في سبيل الله. فعمر ظنه سائلاً - هذا فهمي للرواية - ظنه سائلاً ولكنه يعرض بأمر الجهاد وهو يريد المسألة. فأخذه عمر إلى بيت المال، قال له: خذ ما تريد، أنت رجل محتاج. قال: ما هذا أريد، أنا أريدك أن تحملني في سبيل الله، أريد أن أذهب لأقاتل في سبيل الله. قال: طيب. فأخذه عمر وفعلاً جهزه ومشى معه وقال: إني لأحتسب خطواتي هذه. يحتسب خطواته في خدمة هذا الرجل الصادق، نحسبه كذلك والله حسيبه. أثر جميل جداً. هذا الأثر أنا تفاجأت لما كنت أجمع بين آثار عمر بن الخطاب، لأني لم أكن أسمعه على كثرة ما يذكرون الناس من أخبار عمر الطيبة والعجيبة. فوضعته في الصحيح المسند ورجوت الله عز وجل أنه يجيء يوم من الأيام ويصير في أسماع الوعاظ كالقصص المشهورة التي نعرفها، يعني في قصص كثيرة منها ما يصح ومنها ما لا يصح.

أثر نشر الفائدة من كتاب

أنت ممكن، كرجل قال: “لعلي أرى فيها كتاباً يدلني لأخذ كتابي سالماً بيميني”، لعلك أنت تنشر أثراً أو حديثاً أو حتى آية فيها فائدة ما كان كثير من الناس منتبهين لها، فتبلغ الآفاق. تعرف قصة الرجل الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق؟ طيب، ماذا عن الذي يصدق؟ ماذا عن الذي ينشر الخير؟ فيبلغ الآفاق. ربما يطرح البركة، وخصوصاً اليوم في مواقع التواصل وغيرها، قد توجد بركة عجيبة، ممكن توصل هذه الملايين. ممكن تكون هذه حسنتك الفارقة. والله تجيء يوم القيامة وأنت واضعاً في بالك والله الصلاة، صيامي، كذا، ولا هذا خلل، هذا كذا، هذا كذا، فجأة تجيك جبال من الحسنات، ما هذه؟ والله الفائدة التي أنت ممكن بيوم من الأيام أرسلتها برسالة من الهاتف لواحد من إخوانك، فأرسلها لواحد، الواحد هذا راح حدث فيها قوماً، القوم هؤلاء راح حدثوا قوماً آخرين، القوم حتى بيوم من الأيام وصلت لداعية أو مؤثر أو كذا فبثها بالناس، فبقيت تحكى إلى يوم القيامة وأنت فعلت هذا فقط: أنك في يوم جلست في مكتبتك وقرأت ووجدت فيها فائدة ونشرت. ممكن ولا مو ممكن؟ ممكن. ونحن نرجو من فضل الله تبارك وتعالى. ها؟

لهذا مسألة الطريق {سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا}، {مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى}. لماذا، لماذا أهل العلم؟ يعني لماذا كثير من أهل العلم أقبلوا على هذا؟ لماذا كان الرجل فيهم يرحل؟ يسافر، يرحل، يسافر رحلة طويلة على، على أن يسمع حديثاً؟ لأنه الحديث هذا ممكن خلاص يكون فارقاً. شعبة مرة حدث في الحديث وقال: هذا الحديث ثلث رأس مالي. ما تدري. هل هو يقصد أنه هو يعمل به دائماً ويرجو ذلك؟ ممكن. ممكن هو يعني محتسب في بثه ويرى الناس يعملون به، فاحتسب بذلك احتساباً عظيماً. الله أعلم.

وأنت يعني بهذا تكون يعني باب {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا}. أبو هريرة، أليس هو أكثر الصحابة رواية للحديث؟ فيقول أبو هريرة: ما سمعه إلا أحبني. لماذا نحن نحب أبا هريرة؟ يروي لنا. فنحبه نحن. طبعاً مو معناه ما نحبه، كل الصحابة نحبهم، لكن هذا له مكانة خاصة في قلبك. حتى مرة جمعت مبشرات أبي هريرة، يجمع الأخبار اللي فيها مغفرة، فيها كذا.

طبعاً غير، يعني أنت مرات تسمع قصص، يعني قصص ناس مثل قصة عبد الرحمن عبد الصمد الله يرحمه كيف تاب من الرفاعية أو الحيدرية، وكيف تاب من الرفاعية والشرك. وقصة خليل محمد هراس وكيف تاب من التجهم والشرك. وقصة محمد حامد الفقي. الأمر كله كتاب، اطلع على كتابه وخلاص. يذكرون أن فلاناً تكفل بنفقة طباعة كتاب، اطلع عليه شخص فكان سبب هدايته. مثل كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم، الذي قرأه فلان فصار هذا مؤسس أنصار السنة المحمدية في مصر. وأنا أظن أن ما في أحد في مصر اليوم يعرف السنة إلا ومحمد حامد الفقي له فضل علينا، شاء أم أبى يعني. هو أي شيء؟ وكتاب. وصل، كذا، راح قرأ، صار. فالله يبارك فيك.

وكم من إنسان أنقذ من براثن الشرك وبراثن البدعة بهذا الكلام. كنز، كنز، كنز، كنوز. وكم من إنسان تفطن على طاعة.

دور الكتب في إحياء السنن وتجديد الإيمان

يا رجل، أنا أعطيك شيء هو حقيقة غاية في الوضوح. تجد إنساناً في بداية التزامه يقرأ برياض الصالحين، فتجده حريصاً على السنن وحريصاً ومنتبهاً وواعياً. سبحان الله، هذا الإنسان بعد مدة يدخل عليه الأمد. ما الذي يشحنك من جديد؟ أنك تأتي في يوم من الأيام وتقرأ كتب الحديث، وقرأت فضل الصدقة، فضل صلاة الضحى، سنة كذا، سنة كذا، تجد نفسك تستحي من نفسك تقول: الله المستعان، والله إني تركت خيراً كثيراً من مدة طويلة وما عدت، لا، لا، دعني أرجع. ترجع شوي شوي.

اليوم أنت لما تنظر فترى أناساً، ترى كثيراً من، انظر إلى إنسان ملتزم مضى على التزامه عشرين سنة، ملتزم خمس عشرة سنة. أنت تظن أنه منذ السنة الأولى من التزامه هو على نفس القوة، ما هو صحيح. أكيد مرت فيه هذه، أسميها الانتكاسات الصغيرة. مر بي كثير، كثير جداً من ذلك، من هذه الانتكاسات الصغيرة. لكن ما الذي ينتشلك؟ موعظة من أخ، موسم خير مثل رمضان، غيره، غيره، كتاب. الأمور تنتشر، تنتشر الإنسان.

فسبحان الله، وشيء يقرب شيء. يعني مثلاً أنا رأيت بعض الناس، تجد الآن مقاطع يتكلم فيها بأمر، يذكر قصة، قصة عن شاعر، قصة عن صعلوك، والناس تقبل عليه بهذا. ترى يحدثهم بحديث الوعظ، وبحديث السيرة، وبحديث كذا. وهذا ترى من الفقه، ترى من سياسة العلم أحياناً، أنك تجلب الناس ها، بمخاطبتهم بأمر يلفت أنظارهم، ثم بعد ذلك تدخل عليهم بالحديث الحسن، في وسط عمر بن عبد العزيز، افتح عليهم من الدنيا. حتى لا بأس ترى، أحياناً اصطياد الناس هذا له فوائد. يعني بعض الناس يعني تجده عنده شهادة في الطب ولا غير ذلك، هو داعية، هو أحياناً يعمل مقاطع فيديو يكلم الناس يقول لهم الأمر الفلاني النافع، الشيء الفلاني، فيأتون عنده. فبعدها، وبعدين ممكن يروح يشوف له فيديو دعوي، يشوف له كذا، يشوف له، ينتفع به.

التوفيق في فهم الكتب والاستفادة منها

سبحان الله، موضوع المكتبات أيضاً يخطر لي موضوع التوفيق من الله. الذي يعرف قراءة الكتب يعرف هذا الأمر جيداً. أن سبحان الله الكتاب الواحد قد يقرأه اثنان، فتكون فيه فائدة نفيسة جداً ينتبه لها شخص ولا ينتبه لها الآخر. هذا موجود. وهذا ترى يعني حتى من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم اجعل في بصري نوراً، في سمعي نوراً، في قلبي نوراً”. مرات هذا نور القلب، ناس يتفاوتون. طبعاً على رأسها كتاب الله عز وجل، يتفاوتون. والله يمر على آية عجيبة، يمر على كلمة، يمر على كذا، يفتح الله عز وجل عليه بها الفتوح. حتى ابن القيم ذكر هذا المعنى في أمر مُعَبِّري الرؤى، قال في إنسان من رؤية يستنبط شيئاً، في اثنين في ثلاثة، في إنسان يستنبط أموراً كثيرة من رؤية، والله تعطيه رؤية يسيرة. الناس بحسب. فهذا هم أيضاً توفيق. ها؟

بدايات القراءة والتدرج فيها

وأيضاً سبحان الله يخطر علي معنى، ما من أحد بدأ القراءة إلا وكان يقول لك: أنا ما كنت أفهم. وسبحان الله في منهم كثير من القراء العنيفين في القراءة الشرعية، كانت بدايته مع كتب أدب، مع قصص، مع كذا. ونذكر شعبة وكيف أنه بدايته في الطلب في العلم كان مع الشعر، بعدين راح ترك الشعر وصار شعبة. فسمع الحديث فاستحسنه. سبحان الله فصار شعبة. وهذا على التوفيق. في ناس حالهم عكس مع الأسف يعني، بداية مع علم ومع خير بعدين يروح للشعر وللأدب وللكذا، والآن يعني عندنا أمور كثيرة، التنمية البشرية وأمور كثيرة.

خطر العلم بلا عمل: كمثل الحمار يحمل أسفاراً

وسبحان الله، وتذكر أيضاً الذين دفنوا كتبهم، في محدثين دفنوا كتبهم ليميلوا للعمل، مثل يوسف بن أسباط. وأخذ عليهم الناس ذلك. لكنه أحياناً ينبغي أن يكون هذا منك على ذكر، أنك لا تقرأ فقط بمجرد القراءة يعني، في، وخلاص. تقرأ تقرأ تقرأ تقرأ، فيه وقت تقول: متى أعمل بعد؟ متى أصل للعمل؟ وكثير من الأحيان تجد نفسك تعمل بشيء كثير مما قرأته، والشيطان يقول لك: أنت لا تعمل. تلقى إنساناً مثلاً مواظب على الصلاة بسننها، الوضوء بسننه، بكذا، نومه محافظ فيه على السنن، ذهابه إيابه، يغض بصره، ومش عارف إيه، جفاء يوهم الشيطان أنك أنت ولا شيء. لماذا؟ لأنك أنت قرأت في الكتب أنه فلان كان يفعل وأنت ما تفعل. وقرأت، فيستهون. بعد مدة يجد نفسه وقع في معاصي، وتراه يقول: الله، والله كنت أظن نفسي من أفسق خلق الله قبل أن أقع في هذا المعترك. والآن قد وقعت فيها. ثم بعد مدة تجده إذا ترك هذه المعاصي يشعر براحة، يقول: والله إني كنت على خير، بس ما أدري بنفسي على خير. عاد هذه سياسة النفس تحتاج أنك لا تقنط من رحمة الله ولا، سبحان الله، ولا تأمن من مكر الله تبارك وتعالى.

وسبحان الله أيضاً يخطر عليك: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}. في كثير من الناس هكذا فعلاً، تجي عنده مكتبة كبيرة وتجده مشركاً. في ناس يبيع ويشتري في الكتب، وقد رأيناهم، بعض كثير منهم عوام ما ينتفعون بشيء، كمثل الحمار يحمل أسفاراً. ولا زلت أذكر قصة مرة، وجدت كتاباً عن اللحية لأحد المشايخ اليمنيين يرد على شيخ يمني آخر في مسألة القبض وهو غير قابض، فأمسكت الكتاب، فالبائع وهو حليق قال لي: هذا كتاب جيد وكذا، أثنى على الكتاب. فاستغربت، قلت: طيب كتاب جيد، ألا تنتفع به؟ وتطلق لحيتك؟ - يعني بيني وبين نفسي، والله ما كنت شجاعاً حتى أنصحه - ألا تنتفع بها أنت وتطلق لحيتك؟ والعجيب أنه يبيع كتباً إسلامية، يعني لو يطلق لحيته وما شاء الله يصلي هو، لحيته ما هي مؤثرة عليه. لكن سبحان الله.

نعمة سهولة الوصول للعلم وشكرها

فسبحان الذي برأ هذا أيضاً يخطر عليه {أَسْفَارًا}. لاحظ {أَسْفَارًا}. وأيضاً شكراً. يعني نحن في زماننا، يعني الآن مثلاً مثل هذه الموسوعة الشاملة توفر عليك آلاف الدنانير. هذه ما كانت متوفرة لكثير من المشايخ، كثير من العلماء كان يسافر لكي يحصل كتاباً. اليوم بدء بسهولة. والله يا إخوان العهد قريب، العهد قريب، أنا اشتغلت، عملت في مكتب أبيع الكتب زمن شهر تقريباً، شهرين، أنه جاءني شخص من منطقة يعني بعيدة نسبياً عندنا في الكويت، اتصل علي قال: عندكم “مسائل الإمام أحمد رواية ابنه هانئ”؟ ثم بعد ذلك لما أخذه أشار لي قال: هذا تعبت، درت الكويت كلها عليه أبيه، ما عاد حصلته، لقيته عندك. كان سعيداً جداً بالكتاب. ولم يكن من أهل الجهراء، وجاء فقط لأجل هذا الكتاب وفرح لما علم أن هذا الكتاب عندي. ممكن جيل جديد ما يقدر النعمة، ما يقدر نعمة سهولة الحصول على الكتب.

اليوم سهل جداً. ولهذا ترانا يعني، أنهار أنه واجب علي يومياً أني أقرأ في الشاملة أو في، يعني طبعاً ما أرى وجوباً شرعياً، لكن أي شيء أقصده؟ أقصد يعني أن هذا من شكر النعمة. في ناس كثير بيته صغير ما يستطيع، في ناس عاد وضعوا غرفاً وأنا وضعت كذا ومش عارف. فوالله هذه نعمة. نعم في مشتتات كثيرة مع وجود هذه الأمور، لكن أيضاً نعمة، ونعمة ينبغي أن نشكرها ولا نكفرها.

استغلال التقنية الحديثة في طلب العلم

مثل الآن سهولة التواصل مع المشايخ هذه، هذه نعمة من غير لا تدفع فلوس ومن غير لا كذا. تجي تسأله. كثير من الناس سفيه ما يقدر هذه النعمة، بل يضيعها من يده. سبحان الله. حتى أنا أذكر كنت مرة بشارك بمنتدى كتب، وفي منتدى ثاني ما يحملونه، فكانت لي خاصية بما أني عضو أستطيع أن أحمل كتباً وصوراً، فكنت آخذها لمنتدى آخر وأنشرها فيه، آخذ كتباً يعني تناسبه. وسبحان الله كنت أجلس أشاهد التحميلات يعني، ما شاء الله حملوه عشرة، حملوه عشرين، حملوه ثلاثين. أسأل الله أن يأتيني أجر. والله هكذا. اليوم سبحان الله حتى أن بعض الناس يعني، كبيراً من نشر كثير من الكتب. بعض الناس الله يهديه حصل وزراً، ينشر كتب باطل وشر وكذا، وتجهم وشرك ولا. أبوك أنا وضعه لطلاب العلم يا رجال، مفتوح، يريد أن يستفيد يستفيد يحصل. خلاص، لم هذه المخاطرة؟ يحفظ دينه يعني. أي والله.

اقتراح لشكر نعمة الكتب المتاحة رقمياً

وسبحان الله هذه، ووددت، وددت والله لو أنفقت مالاً كثيراً في الكتب. لكن إذا الله يعني، أنا أقترح على طلاب العلم: إذا الله عز وجل وفر، يعني وفر عليك مثلاً، وجدت كتاباً مصوراً وقرأته وارتفعت به - طبعاً عادي تستطيع أن تصور الصفحات المهمة - وانتفعت به، وبعد انتفاعك به لست بحاجة إلى شرائه - والشراء ترى مهم في كثير من الأحيان أنك تجلس تعلق وكذا - أقترح أنه من باب شكر النعمة أنك تتصدق بثمنه أو بنحوه من ثمنه، إذا كان الثمن عندك. شكر النعمة. سفيان أو ما أكل أكلة، قال: خلينا نقوم الليل شوي، من باب شكر النعمة. وأنه المال هم يروح بطاعة، أيضاً يذهب بالطاعة.

وفي طلاب علم ما شاء الله كلهم نراهم يجمعون يجمعون يجمعون وكذا، ولكن سبحان الله ما يخضع لذلك أثر عليهم، عاد هذا الأمر يحتاج التوفيق. وكثير من الأحيان في كتب هي محدودة لكن تنقل نقلة نوعية.

أهمية التلقي عن العلماء بجانب القراءة

وسبحان الله الدرس العلمي نافع جداً. أنك أنت يوم تجلس مع عالم يلخص لك كثيراً من قراءات وكذا ويفتق ذهنك لأبحاث تفرقت. ثم بعد ذلك إذا منتفعة. عاد في الكلمة يقول: “من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه”. هذا كان كثير من الشباب الكسالى عن القراءة يقولونها، وهي كلمة لها وجهها، لها حظها من النظر بالنسبة لمن؟ لمن لا يأخذ بنصائح أهل العلم في قراءة الكتب النافعة ولا يعتني بإرث أهل السنة، هذا ممكن عادي يذهب، نعم يذهب بعيداً. لكن لا، طالب العلم المتأصل أو طالب العلم النابه واللي حريص على السنة وغير ذلك وطريقها، هذا ينتفع انتفاعاً كثيراً. لا يصلح طالب العلم أنه يبتعد عن القراءة والمطالعة، لا يصلح أبداً. لابد أن يوطن نفسه.

تطور القدرة على القراءة والتعلم

قد يقول قائل: يا شيخ، نلاحظ هذه المكتبة ونتساءل: متى يقرأ هذا كله؟ لا يضحك عليك الشيطان. صاحب المكتبة ما قال: متى أجمع هذا كله؟ استطاع أن يجمع. لو كل يوم ورقتين ثلاثة أو كل يوم شيء يسير، تجد نفسك بعد مدة صارت خلاص تمشي وتقرأ وتطالع، تلاقي نفسك تخلص المجلد في يوم ما تشعر، تقول: معقولة أنا أقدر، استطعت أني أخلص مجلداً أو مغلفاً في يوم؟ طبعاً إذا كان لك كلف بهذا وتكون قرأت مطالعة. ومعقولة وصلت لهذه المرحلة؟ تصل إلى شيء مثل جماعة الأندية الرياضية، ويمكن أن نخصص لها تسجيلاً صوتياً خاصاً. نحن في أول الأيام بالكاد يستطيع التمرين وكذا وكذا، تجده بعد مدة يفعل أموراً ما كان يتخيل أنه يفعلها في يوم من الأيام.

كثير من الناس يسمع إنساناً يتحدث يقول: والله ما شاء الله. الآن مثل واحد يسمعني يقول: والله ترى هذه الكلمة معظمها لم أحضر له. بل الفكرة طرأت علي قبل تحضيرها، أنا كنت سأذهب لأستلقي قليلاً عشان تطرأ علي الفكرة. كيف وصلت لهذا؟ السماع كثير، القراءة كثيرة، صار خلاص عندك استرسالاً. لهذا شوفوا أني أصمت وأحياناً. لماذا؟ لأن الفكرة تأتي تباعاً، لم تكن محضرة مسبقاً. بعض الأفكار تأتي من هنا وهناك، يمين يسار يمين يسار يمين يسار. خطأ، فجاءت هكذا. ما توقعت أني قبل ساعة وأنا أتحدث.

نعمة الطباعة والتصنيف الحديثة

وسبحان الله أيضاً لما أرى التغليف الجميل أيضاً، أحمد الله عز وجل، لأن من قرأ المخطوطات يدرك قيمة التغليف والطباعة الجميلة. لو الورق هذا من نعمة الله عز وجل وفتوحات نفعتنا يعني. أنا اقتربنا من شعوب أخرى والشعوب هذه جلبوا الورق، فنفعتنا. هذه ترى نعمة من الله تبارك وتعالى. فقَبْل ذلك، كانت الكتب… وسبحان الله قبل، يعلق الأمر بأذهانهم أكثر، لأننا نحن فيه أزهد. يعني الآن الكتب أوضح وكذا، لكن سبحان الله الذهن مشتت. فيعني سبحان الله.

شكر نعم الوسائل البحثية الحديثة

والفهارس، مع أن الفهارس يعني أنا بيني وبينها عداوة من زمن، لا أرجع إليها إلا نادراً، لأني صرت أستفيد من البرامج البحثية. ودائماً أحب أن أقرأ الكتاب كاملاً إلا إذا كان عندك أبحاث معينة وغيرها وغيرها. وحتى أحب يعني الأبحاث، يعني أبحاث تكون هكذا، يعني أني قرأت كثيراً فاجتمعت عندي مجموعة فوائد بعدين ألف. يعني في كلمة قالها محمد فؤاد عبد الباقي لأحمد شاكر لما رأى كتاب محمد فؤاد عبد الباقي في الفهرسة، فقال أحمد شاكر: لو أني هذا الكتاب اطلعت عليه قبل مدة لأراحني من تعب سنين طوال. طيب، هذا الكتاب الآن لم يعد له تلك الفائدة الكبيرة لدينا بالفهرسة. وعندنا موسوعات أفضل منها وتوفر الوقت أكثر منها بألف مرة. ثم ظهرت البرامج الإلكترونية التي توفر الوقت أضعاف أضعاف. كيف شكرنا هذه النعم؟ ما الذي صدر؟

يعني أذكر مناظرة إسحاق ابن راهويه مع رجل من أهل الرأي، لما قال له: نحن لا نقول هذا. فقال له: ائت بالكتاب. ولا قال: أنت حافظ كتابهم؟ قال: نعم، أحفظه. لموقف مثل هذا. شوف هذا سبحان الله من أيسر ما يكون، أي معلومة تقول إنها في كتاب عندك برنامج بحثي تذهب وتبحث فتجدها بسهولة. هذه نعمة من الله تبارك وتعالى. هذه النعم نستفيد منها، وعاد نتعلم الكسل أيضاً، الله المستعان.

هذا وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.